23 ديسمبر، 2024 6:58 ص

تَعرفوا على قصّة السيّد مالك الدريعي!

تَعرفوا على قصّة السيّد مالك الدريعي!

القصّة تبدأ مِن نهايتها! مُحافظٌ يُغادِر منصبهِ فيترك: سيّارتهِ، حمايتهِ، بيته تُعرض عليهِ المناصِب الكبيرة.. فيرفض! ثم يُسرع بالعودة إلى وظيفتهِ القديمة.. موظف في وزارة التجارة!.
ما الغريب في الموضوع؟!
القانون يعطي الحق لأي محافظ بعد خروجه من المنصب، الاحتفاظ بسيارتهِ وبعض حمايتهِ، فلماذا رفض الدريعي ذلك! لإنهُ واثقٌ من نفسه.. لا يخشى أحد.. لإنهُ خرج من المحافظة كما دخلها قبل ثلاث أعوام! لإنه في زمن التقشف.. نذرَ نفسه لخدمة اهلهُ وناسه..
مالك الدريعي اصبحَ قدوة..
لا حمايات جرارّة ولا سيارات فرارّة، ولا تعقيدات! تقبّلَ بصدرٍ كبير جداً فكرة التحول من المحافظ الى موظف عادي.. عكس جيوش من المسؤولين.. شكراً لمحافظ واسط السابق عن تيار الحكمة الوطني مالك الدريعي..هذا ما يُريده الحكيم.. جمهور الحكمة يقولون لك دمتَ قدوة.
لاتحزن فهكذا جرت العادة, قبل كُل دورةٍ إنتخابية, تكون الساحة العراقية مرتعاً خصباً للقيم السلبية والتسقيط والتشهير الى درجة ان تحولت فيها الى وباء خطير وسلعة رخيصة لكل من هب ودب ليعبر فيها أولئك المفلسون عن فشلهم وبغضهم للآخر ، وليبرهنوا فيها كذلك على لا انسانيتهم, وانعدام القيم الاخلاقية والنوازع الانسانية لديهم .

ولا تستغرب أن يستعينوا حتى بسُراق المال العام, في مشهد أقرب الى الخيال, يتكلم فيه مقاول هارب بعد أن سرق ما سرق, لهُ في كُل مكان في العراق, مشروع فاشل لم يكتمل! وأعلم إنك لست المقصود بذلك, فقد تتعدد الأساليب التسقيطية وتتخذ أشكالا وفقا لأهدافها, كذلك تهم الفساد المالي من قبيل السرقة والإختلاس والإخلال بالوظيفة وما إلى ذلك, هي مُجرد وسيلة لتمرير الغرض من الرسالة “التسقيطية”, والحال اليوم فإن وسائل الإعلام تعتبر جسرا وممرا سهلا لعبور مثل هذه الرسائل, خاصة تلك التي لا تلتزم الموضوعية ولا تتوخى المهنية والدقة والمسؤولية، في الوقت الذي نشهد فيه وسائل إعلام من الصعب إخضاعها إلى الرقابة التقليدية المعتادة أو حتى خضوعها للمعايير الأخلاقية والمهنية.
أصبح التسقيط ظاهرة اجتماعية, تمثل نوعا من (الحرب الباردة) بين الأطراف المتنافسة, وبالتالي فهي نوع من الصراع السلمي, وهو أحد أهم عوامل الإطاحة بالسلم الأهلي الاجتماعي, الاَفة التي بسببها ترى مثل هذا الطبقات السياسية, التي أوصلتنا الى ما نحن عليه الأن.