ظاهرة الإسراف واللامبالاة، في التعامل مع المال العام، وسهولة الصرف والتبذير، وعدم وجود سياسة مالية ناضجة، تأخذ الأزمات العالمية الطارئة بنظر الإعتبار، هو ما إفتقدته حكومة الفشل لثماني سنوات مضت، والنتيجة تعطيل الحياة الاقتصادية في العراق، وإعتمادها على أرباح النفط فقط!
حديقة حيوانات تقع في ولاية أوهايو الأمريكية، لجأت الى زيادة مورد دخلها، بعد مرورها بأزمة مالية خانقة، فقامت بتدريب ثلاثة فيلة (تيكي وجورج وألسن) على غسيل السيارات، مقابل عشرين دولار للسيارة الواحدة، فتفاجئ أصحاب السيارات بالمشروع، والجدوى منه إنه الحل الاقتصادي!
مدير الحديقة الامريكية أثنى على صاحب الفكرة الشاب، موضحاً لبقية العاملين معه، أن هذا الحل البسيط سيكون مفتاح المعالجات القادمة، لوضع إستراتيجية واقعية للأزمات الطارئة، مما يجعلنا بمأمن منها، وعليه فالحكومة العراقية مطالبة، بوضع خطط متقنة لميزانية الدولة، لمواجهة الطوارئ!
الأفكار الخاطئة المنتشرة بين الناس، هي أن العراق يعيش تحت بحيرات نفطية، فكيف تتعرض ميزانيته للإنهيار؟ وهذا يقبع في عقول سذج، لا يدركون خطورة إدارة البلد بنظام ريعي أحادي، ألا وهو النفط وهذه مغالطة كبيرة، وقع فيها الساسة الحمقى والناس البسطاء!
ما يطبق على المشاريع الصغيرة، التي يراد من تنويع مصادر دخلها، تجاوز الأزمات المفاجئة، نستطيع تطبيقه على أوضاع العراق الإستثنائية، حيث التطور اللافت في مجال السياحة الدينية، وأثرها على إيرادات النقل، وتنشيط حركة السوق المحلية، أفلا توجد في العراق مجالات أخرى للإستثمار؟!
إن أهم محاور الإصلاح الاقتصادي، هو مكافحة الفساد بأنواعه، وبالتالي بدء العملية العلاجية، ومرورها بمراحل حقيقية مؤثرة، لا مجرد دعايات لحلحلة الضغط الجماهيري، وإنما يراد من الحلول الجذرية لا الترقيعية، إنقاذ العراق من العاصفة الاقتصادية، التي تمر بها دول العالم كافة!
إن قيام مدير الحديقة بالثناء على الشاب، صاحب مشروع تدريب الفيلة الثلاثة، وما حققه من أرباح، لهو دليل للإستخدام الأمثل للموارد المتاحة أمامه، فكيف بالعراق وهو يمتلك الموارد المعدنية والبشرية؟ وأين هو الشباب العراقي مقارنة، بعقل شاب بسيط في حديقة للحيوانات؟!
بناء القدرات الاقتصادية في العراق، يحتاج الى ما ورد في البرنامج الإنتخابي، لكتلة (المواطن ينتصر)، وهي بالفعل دعامات رصينة، ومشاريع ناجعة وفاعلة، لإستقطاب العقول العراقية، والقضاء على مشكلة البطالة، وتشغيل أعداد كبيرة من الشباب، لتحقيق الرفاه الاقتصادي والإجتماعي على حد سواء!
جملة من الأليات ممكنة التنفيذ، للنهوض بالواقع الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، أبرزها مشروع المدن الصناعية العملاقة، والقرى الريفية المتحضرة، والأكاديمية العليا للبترول، ومناطق الإستثمار المستقلة المشابهة للأسواق الحرة، وهي مشاريع رائدة، تعمل على تطوير قطاعات مختلفة، وتوفر فرص عمل للشباب العاطل!
كفن الفساد عند القراء الكسالى، يستوجب تشريع القوانين، والصحيح هو القضاء على الكفن، بما يحتوي من صفقات مشبوهة وسراق، وما يحتاج إليه العراق للعبور الآمن، فهناك خيول أصيلة، تدرك أن السياسة الفاشلة أفسدت نظامنا الاقتصادي، لذا سيعمل على إصلاحه فرساننا الحكماء!