رئيس الحكومة الذي اختاره سعيد, انحاز الى النهضة واقدم بكل جسارة على اقالة الوزراء المحسوبون على الرئيس, الواحد تلو الاخر, النهضة قادت الحكومة الاولى للثورة وشاركت في بقية الحكومات, بالتأكيد ليست السبب الرئيس في ما وصلت اليه البلاد ولكنها كانت حجر عثرة لاتخاذ القرارات التي يمكنها ان ترفع من مستوى عيش المواطن التونسي, شعبيتها في تدن مع مرور الوقت, لكنها لم تأخذ في حسبانها هبة الشعب الذي سئم حكم النهضة سواء المباشر منه او من خلف الكواليس(القيادة من الخلف),ارتبطت بأجندات خارجية ضمن المحور القطري التركي.
الانتقال من النظام الرئاسي الى البرلماني بوتيرة متسارعة له مردود سلبي على الحياة السياسية وتنازع السلطات ,ويدخل البلد في الفوضى, هناك مبدا التدرج للوصول الى الهدف, لم تأخذ به منظومة الترويكا التي سيطرت على الحكم عقب الثورة, وهي التي صاغت الدستور بحالته الحالية. لقد استغل الساسة وكبار التجار حالة عدم المحاسبة على مدى عقد من الزمن فلم يقوموا بدفع الضرائب والرسوم الجمركية التي قدرت بمئات الملايين من العملة المحلية ما حرم الخزينة العامة من احد اهم مواردها.
الشعب المصري لم يصبر على حكم الاخوان سوى سنة واحدة وكانت التظاهرة المليونية, آزر الجيش الشعب واسقط حكمهم الى الابد وكانت الضربة القاضية لمنظومة الاخوان الاممية,سقط الراس اما بقية الاعضاء فهي وان لا تزال تدب فيها الحياة بجرعات منشطة من قبل تركيا وقطر, سيتم بترها واحدة تلو الاخرى.
لقد فعلها الرئيس التونسي فللصبر حدود, سانده في ذلك التحرك الشعب بذكرى عيد الجمهورية, وآزره الجيش والقوى الامنية,خطوة لم تكن متوقعة, حل الحكومة وتجميد عمل المجلس النيابي ورفع الحصانة عن النواب,قرارات,كان لا بد منها في ظل فشل الحكومة ومناكفات النواب حيث اصبح المجلس مسرحا للهرج والمرج.
بعض الاحزاب وفي مقدمتها حركة النهضة اعتبرت ما اقدم عليه الرئيس انقلابا على الشرعية والدستور, يريد هؤلاء ان تظل الامور على ماهي عليه, فهؤلاء المنتخبون لم يفعلوا شيئا لصالح ناخبيهم بل اداروا ظهورهم, وامعانا في الاستهتار بما اتخذه رئيس الدولة, دعا رئيس النهضة رئيس مجلس النواب الى عقد جلسة نيابية, أوقفه الجيش الذي اقفل مجلس النواب, ظل امامه مع صحبه وفي نفسه رغبة شديدة بالدخول لكنه ولّى مدبرا ,فالتصادم مع قوى الامن والجيش ليس بالأمر الهيّن ولن يحمد عقباه, الأمر الذي حذر منه رئيس الدولة.
ان ما اقدم عليه الرئيس,يعتبر عملا مشروعا وضروريا لإنقاذ البلد, فأصوات الناخبين ليست صكا على بياض, فالشعب يمهل ولا يهمل, ان البدء بمحاسبة الفاسدين, آكلي السحت يبدد مخاوف منظمات المجتمع المدني ويطمئن عديد الهيئات التي أعلنت تأييدها لقراراته.ما اصاب اخوان تونس تداعى له اخوان ليبيا بالعواء والنحيب,انهم ينتظرون مصيرهم المشؤوم.
كانت انطلاقة الربيع العربي من تونس ومنه انتشر الى دول بعينها, ونجزم بان ما اتخذه الرئيس سعيّد هو استكمال لما حدث في مصر, وكلنا امل بان يستمر محاصرة تنظيم الاخوان ونبذه شعبيا في بقية دول المغرب العربي, لعل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة في ليبيا تزيح جماعة الاخوان من الحكم ويؤتى بأناس قلوبهم على الوطن,يعيدون للمواطن كرامته وعزته وشرفه وينعم بخيرات بلاده .