23 ديسمبر، 2024 5:17 ص
عُد الفساد المالي والإداري ظاهرة عالمية تعاني منها مختلف البلدان، لكنها تتفاوت من أحدها لآخرى، وتتسع في ظل الحروب وتدهور الحالة المعيشية والإقتصادية والصراعات المجتمعية والسياسية، وتتدنى بمفهوم المواطنة لتكون مناخ مناسب لتنامي الإرهاب والجريمة، وستنتزف الثروة الوطنية وتأخر التنمية وتضر بسمعة البلد وشعبه، ويعوّق الأمن الوطني؛ ما يستلزم وضع حلول سياسية وإقتصادية وإجتماعية وتشخيصية دقيقة، لعلاج توابعه.
يواجه المجتمع العراقي فساد يتوطن في مختلف المؤسسات، ويمارس من جماعات وأفراد، حكوميين ومواطنين وكأنه مشروع بنظرهم.
مقدمات الفساد كثيرة منذ نشأة الدولة العراقية، وما تعاقبت عليها من نظم وإنقلابات وحروب وحصار، وعجزت الدولة عن التنمية ومواجهة الأزمات الإقتصادية و وإيقاف هدر الموارد بسوء التخطيط أو هيمنة السلطة بإستفحال فساد سياسي، معزز بالإستيلاء على السلطة والإستئثار بالحكم وإساءة إستخدام المسؤولية.
تتضح نتائج الدول الأكثر فساداً، بإصابتها بالنزاعات السياسية وتمزيق بنية تحتية الحكم، وتفسيخ المجتمع وتضعيف مبادئه الأخلاقية، وبالنتيجة إحباط ولا مبالاة عند الأفراد، وبروز تطرف فكري يرفض رأي الآخر، بإنقياد لقوى سياسية تلغي غيرها ونجحت صراعاتها على تقسيم المجتمع الى طوائف حزبية، لا تسعى لتكافؤ الفرص وعدم عدالة توزيع الدخل والثروات والحقوق، وإلتصاق أصحاب السلطة بمواقعهم، إستناداً لقاعدة شعبية منها من يمنحهم صوته وموقفه المجتمعي، وآخر لا يُبالي في المشاركة في صنع القرار ويتخلى عن دور مصدرية السلطات.
أخطر أنواع الفساد عندما يتشارك المسؤول والمواطن في تهيئة الأرضية للفساد، فيربح الأول ويخسر الثاني، الذي يفقد ثقته بالمؤسسة الحكومية، فيسعى لأسوأ ويعتبر الفساد طريق حظوة، وأيسره علاقة بنافذ أو إستناد لحزب، أو ما يملكه من مال كفيل بقضاء حوائجه، وبذا يتكالب كغيره على أبواب الأحزاب أو للحصول على مال بطرق ملتوية، للحفاظ على ما عنده من مال ودعم المعنوي، فيما لا يتردد من إظهار تأيده لهذا وكرهه لذاك، وهكذا يكررها مع كل رأس حاجة، وهنا يبرر تصرفات المعني، ويشجع على إعادة إنتخابه، مازال يحقق مصالح لا مصالح مجتمع غير راضٍ على أداء ذلك المسؤول.
إن توطن الفساد وإنتشاره بين أفراد المجتمع أكثر خطورة من فساد الطبقة السياسية، يمكن تغيرها بصندوق إقتراع، دون بث اليأس وتوليد قناعة لدى المجتمع من غير المشاركين، بأن كل فرد يمارس الفساد أن وصل السلطة، ولا يشارك ويؤثر على غيره بمنعه من المشاركة في صنع القرار، أو توليد هواجس تثير الشكوك بالعمل السياسي، وإذا شارك هذا الأخير فستظلله شكوكه ليكون إختياره خاطيء.
من حق المواطن الإعتراض على كل فعل لا يتناسب مع إقامة العدالة المجتمعية، وحقه بتغيير شخوص السلطة بالطرق السلمية ومنها التظاهر.
كل السبل المشروعة مقبولة للمطالبة بالحقوق، لكن الممارسة الأكثر تأثير هي بصندوق الإقتراع، فلا تكلف المواطن جهداً أو خسارة ولن تأخذ الوقت الكثير، بدل من ترك المشكلات تتراكم، وتدعو المواطن للتظاهر والإعتراض، وفي الحالة الأخيرة كان مشاركاً في الأزمات بصورة مباشرة، أن لم يحسن الإختيار أو لم يُشارك أو نصر جهة لغرض مصلحة خاصة، ومن يعتقد أن التظاهر حق فهو صادق، لكنه أصدق أن تظاهر يوم الإنتخاب وحث المجتمع على تغيير كل فاسد وفاشل.