17 نوفمبر، 2024 4:16 م
Search
Close this search box.

توجهات صهيونية لتغيير المناهج الدراسية العربية

توجهات صهيونية لتغيير المناهج الدراسية العربية

سبق ان تناولنا في مبحث سابق (كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟). وذكرنا ان تدمير أي مجتمع وتفكيكه يحتاج الى مدة ما بين 12 ـ 18 سنة على اقل تقدير، لإيجاد جيل بديل يؤمن بما تفعل به، ويساهم بشكل فاعل عن قصد او بدونه في هتك عرض البلد، واطفاء سراج ماضيه وحاضره، بل وذبحه من الوريد الى الوريد.

بلا أدنى شك ان تدمير أي بلد بصورة مقتضبة يكون عبر قاعدة معكوسة (الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب) أي مدٌالجهل والفساد، وجزر الكفاءة والثقافة، والسير بخطى ثابتة نحو الهاوية. مع الأخذ بنظر الاعتبار تسخير العامل الديني والعبث به، حيث يعتبر افضل طريقة لتدمير المجتمع، وهناك شواهد تأريخية وحاضرة يمكن الإشارة اليها وهي تعزز من رؤيتنا في هذا المجال.

سنؤكد في هذا المنهج العلمي الذي يُكمل ما بدأنا به على الدور الديني والثقافي فيما يتعلق بتغيير المناهج الدراسية وفقا للمخططات الامريكية الإسرائيلية البريطانية ، وسوف نستعرض نماذجا عما جرى في بعض الدول العربية في هذا الأمر الكارثي، فقد أشرنا الى:

ـ الترويج بان الدين لا يتماشى ولا يصلح للحاضر ويتعلق بمجتمعات قديمة، فهو غير قادر على التكييف مع التطورات التقنية والتقدم العلمي في مختلف مجالات الحياة، وغير قادر على حل المشكلات المعاصرة وسيما المتعلقة بالشباب، والاهتمام بالذكاء الصناعي وغيره من المستجدات التقنية.

ـ إيجاد التناقضات في الدين والعقائد، من خلال تشجيع الدراسات الفلسفية الميتافيزيقية والمنطق والأفكار الالحادية، وتبني وجهات نظر مراجع دينية جاهلة تجعل الناس يشمئزون من الدين، ويبتعدون عنه.

ـ التشجيع على هجرة رجال الدين الأتقياء، والحريصين على دينهم من خلال محاربتهم عبر قنوات موجهة وذباب الكتروني، وبث بذور الحقد والبغضاء بينهم وبين السلطات الحاكمة.

ـ تحريف الكتب الدينية ونشر الكتب المحاربة للدين وتطعن فيه من خلال دعم الكتاب المشوهين للدين ودور النشر المسيئة ماديا ومعنويا، ونشر كتب منحرفة ودعمها من خلال بيعها بأسعار منخفضة، والدعاية لها عبر استعراض ما فيها بما يثير فضول القراء سيما الشباب، وبث برامج تجادل فيها محتويات تلك الكتب.

ـ السخرية من الدين ورجال الدين. وجعل الخطباء اضحوكة امام الناس من خلال جهلهم وحماقتهم والقول بالبدع والاساطير والمعجزات التي تتعارض مع الدين، وكل ما يتعارض مع المنطق والعلم.

ـ ترويج ودعم المذاهب الحادية التي تتعارض مع القيم الأخلاقية التي حضت عليها الأديان، وتسخيفها عبر وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.

ـ إلغاء المؤسسات الدينية ذات التوجه الصحيح، او عدم دعمها، واحلال مؤسسات علمانية بديلا عنها، والطعن في تلك المؤسسات الدينية من حيث تشويه طرق تمويلها، والانحراف الأخلاقي لبعض عناصرها، ومهاجمة افكارها ومبادئها.

مما عزز رؤيتنا هو ما ورد في تقرير (رابطة مكافحة التشهير بالتعاون مع مركز توني بلير ـ رئيس وزراء بريطانيا الأسبق ـللتطوير العالمي)، وهو مركز بحثي امريكي متخصص في شؤون الشرق الأوسط، يخلط السم بالعسل، لكن مع هذا من المهم معرفة ما يفعله الخصم على أقل تقدير لغرض تفادي ما يمكن تفاديه من كوارث اجتماعية وثقافية تسري كالسم على مهل في الجسم العربي. استعرض التقرير ما تم إنجازه من تقدم ـ حسب رؤيته ـ في تطوير المناهج الدراسية في بعض الدول العربية والإسلامية بما يتوافق والقيم الإنسانية والدعوات الى الأخاء الإنساني وتقبل الآخر رغم الاختلافات الجوهرية والاعتبارية بين الطرفين، ويحاول من خلال الاستعانة ببقية مراكز البحوث ومؤسسات المجتمع المدني التأثير على منظمة اليونيسف لتناشد الدول العربية والإسلامية بإجراء بعض التغييرات في المنهاج الدراسية، وتشجيعها على المضي في هذا الطريق، بذريعة التسامح الديني والقومي والعنصري، وتشير المعلومات بأن الكيان الصهيوني من ابرز الداعمين لهذه المراكز البحثية، بل ان الكيان المسخ يراقب جميع الجوامع والمساجد، وما يرد فيها من خطب سيما يوم الجمع، ويزود المركز البحثية بأهم الملاحظات عبر تقارير دورية.

من أبرز المحطات التي يجب التوقف بها لتحديد ملامح المتطلبات التي يركز على المركز البحثي، لأخذ صورة توضيحية وحقيقية عنالمخاطر المستقبلية في خضم التطورات الحالية التي تشهدها المنطقة:

ـ المطالبة بإلغاء منهج التربية الوطنية في جميع المدارس الابتدائية (الأولية) فصاعدا. لأن الشاغل الرئيس لهم هو تدمير المجتمعات العربية وسلخ النزعة الوطنية من جلد الشعب، من ثم سلخ الوطنية من الأمة بأجمعها.

ـ إزالة جميع الآيات القرآنية والاحاديث النبوية التي تشير الى بني صهيون ودور اليهود المخزي في التأريخ العربي والإسلامي.

ـ حذف المناهج الدراسية التي تنتقد اليهود وبني صهيون. وحذف كل ما يتعلق بالصراع العربي ـ الإسرائيلي.

ـ إعادة النظر في منهجي الجغرافية والتأريخ، ووضع خارطة جديدة للمنطقة تتضمن (دولة إسرائيل).

ـ الزام جميع المراحل الدراسية بتدريس الهولوكوست، ومظالم اليهود سيما في عهد النازية.

ـ ضرورة التنويه بان هذا الأمر يشمل رياض الأطفال حتى الجامعات، وان تحل قيم التسامح في المناهج الدراسية حسب رأيهم.

ـ تغيير صورة اليهود وإسرائيل في المناهج الدراسية وإرساء قيم تبين دورهم الحضاري، وابرز علمائهم الذي قدموا افضل الخدمات للإنسانية جمعاء.

ـ ترويج الأفكار المثلية وتحويلها من حالة مرضية وشاذة الى حالة طبيعية، سيما ان معظم دول الغرب تشجع عليها، وتتعامل معها كما تتعامل مع معاداة السامية، وصارت الاحتفالات الخاصة بالمثليتين تقام في الساحات العامة، ومن المؤسف ان نيافة بابا الفاتيكان بارك الزواج المثلي، فأعطاه دعما دينيا، في حين اعتبرته روسيا الملحدة جريمة إرهابية.

ـ استبدال المنظمات الشعبية المهمة بمنظمات أخرى مزيفة او اصطناعية لا احد يعرفها، تعمل على ترويج الأفكار الهدامة ونخر المجتمع من الداخل، من خلال ترويج المثلية، والارتباط بعلاقات مشبوهة، او زواج خارج الضوابط الشرعية والقانونية، والتمرد على العلاقات الأسرية، ومنح الحرية المفرطة للشباب والشابات لاتخاذ قرارات مصيرية، وترويج الأفكار الالحادية.

نماذج وتطبيقات عن المد الصهيوني في المناهج.

أولا: المغرب العربي

من المعروف ان العلاقات بين المغرب والكيان الصهيوني علاقات وثيقة قديما وحاضرا، والتطبيع هو نتيجة حتمية لتلك العلاقات، لذا عمدت المملكة الى تغيير المناهج الدراسية التي كانت تطعن باليهود، وركزت على نشر صور جلالة ملك المغرب خلال زياراته الى بيت ذاكرة اليهود المغاربة في السويرة (مركز اليهود)، والتركيز على اسهامات اليهود في التراث المغربي.

ثانيا: مصر

كجزء من عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني تم تغيير المناهج الدراسية التي تطعن باليهود ومن الغرائب ان يمتد التغيير الى مؤسسة الازهر الشريف، فقد أضيفت برامج تتضمن الاعتراف بالآخر وإزالة الآيات التي تتضمن الجهاد الإسلامي.

ثالثا: الأردن

وهي من الدول التي تطبعت مع الكيان الصهيوني، وسوف ننقل ما ذكرته عضو مجلس النواب (هدى العتوم)  في حديث لـ(حياة اف ام) بقولها” ان كتب المناهج الجديدة تطرقت للحديث عن شخصيات ملحدة تشتم الآلهة وشخصيات أخرى أصبحت آلهة، بالإضافة إلى التحدث عن نظريات كفرية تتعاكس مع القرآن الكريم دستور المسلمين والإنسانية. ان كتب التربية الفنية والموسيقية فيها الكثير من الأشياء المبثوثة والتي لا تتسق مع متطلبات التعليم، ولدينا مواد أفضل بكثير بدل هذه لعرضها للطلاب في مرحلة تتشكل فيها الشخصية والفكر أيضًا. الأصل أن تروج الكتب المدرسية القيم الصحيحة للطلاب، حيث في وقت سابق كان يتعلم الطلاب خلال مرحل الدراسة الـ 12 عن 45 من أصحاب رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ ، وفي المرحلة الجديدة تم تقليصهم إلى 13.

كما جرى تقليص عدد أجزاء القرآن التي يتعلمها الطلبة خلال 12 مرحلة دراسية من 14 جزء بين حفظ وتفسير وتفكر وتلاوة إلى جزء واحد. لذلك بدأت عمليات تحييد القواعد العربية والنصوص القرآنية والاحاديث النبوية منذ عام 2015. أن الاحاديث النبوية في الكتب المدرسية التي تحمل صبغة جهادية أو تحدد علاقة المسلم مع المسلم أصبحت نادرة جدًا، وأيضًا جرى إزالة أغلب النصوص التي تتعلق بحدود الزنا والخمر والإلحاد؛ أيضًا بشكل تدريجي. أن هدف الإفراغ التدريجي للكتب المدرسية يأتي تطبيقًا لمخططات الدول المانحة التي تأتي من باب تقبل الشاذ والصهيوني، إذ إن المخاطر التي تحيط بقطاع التعليم في جميع الدول العربية ترتبط بمخططات صهيونية“.

لاحظ ان جميع التطبيقات في هذه الدول العربية تتماشى مع رؤية (رابطة مكافحة التشهير بالتعاون مع مركز توني بلير للتطوير العالمي) وتوجيهاتها في تغيير المناهج الدراسية اعتبارا من رياض الأطفال وحتى الدراسات الجامعية. بمعنى ان بعضالدول العربية مع الأسف تبنت الرؤية الصهيونية، مع ان المخاطر جسيمة.

أحدث المقالات