18 ديسمبر، 2024 6:44 م

توافق البيئة المحاسبية العراقية مع المعايير المحاسبية الدولية

توافق البيئة المحاسبية العراقية مع المعايير المحاسبية الدولية

نتيجة للتطورات التكنولوجية وبروز ظاهرة العولمة الاقتصادية والتي أصبح العالم بموجبها قرية صغيرة وتلاشت بين مفاصله الحدود والحواجز، وفي ظلال الاختلاف والتنوع في الممارسات والمعالجات المحاسبية بين دول العالم، اذ تسعى كل دولة إلى تبني نظام محاسبي يتلائم مع احتياجاتها وظروفها البيئية ويلبي تطلعاتها ورؤيتها الاقتصادية بحسب النظام السياسي الذي يتبعه برزت الحاجة الى التقليل من الاختلافات ومحاولة التوحيد والتنسيق المحاسبي الدولي عن طريق إيجاد معايير مشتركة تحكم التطبيق العملي.
الامر الذي يتطلب اعتماد المدخل المناسب لصياغة المعايير المحاسبية، وفي هذا السياق يمكن اعتماد اثنين من المداخل هما (المدخل القانوني والمدخل الذاتي)، في ظل المدخل القانوني الذي يتم في ضوئه صياغة معايير المحاسبة الدولية من قبل الممارسين لمهنة المحاسبة والمنظمات المهنية المختصة، اما المدخل الذاتي فيتمثل في مصادر المعايير المحاسبية المستخدمة في التطبيق العملي في البلد والنظام المحاسبي المتبع والمعايير المحاسبية والرقابية المعتمدة.
اذ تواجه مهنه المحاسبة موجه غير مسبوقة من التطور والتغيير في تكنولوجيا المعلومات، الخصخصة
, التجارة العالمية, وندره الموارد الاقتصادية, وتحرير التجارة وقد أدى ذلك إلى اعاده النظر في المعالجات
المحاسبية الأمر الذي جعل المعلومات المالية أكثر تعقيدا واوجب قيام المحاسبين بضرورة التكييف ومجاراة الأمور الجديدة بزيادة معرفتهم في مجال الحاسوب والانترنت.
وفي العراق في أواخر الثمانينات من القرن الماضي (1988) تم تأسيس مجلس لوضع وإصدار المعايير المحاسبية، إذ صدر عن هذا المجلس منذ ذلك الحين ولغاية بداية القرن الحالي (14) قاعدة محاسبية. تستند “أي القواعد” إلى معايير المحاسبة والابلاغ المالي الدولية، وتعد قواعد إرشادية يتم إتباعها في حال عدم تعارضها مع القوانين والأنظمة المحاسبية والتعليمات النافذة، وتكمن المشكلة في وجود تباين بين تلك القواعد المحاسبية المحلية والمعايير المحاسبية والابلاغ المالي الدولية. وأن هناك تباينا كبيرا بين قواعد المحاسبة العراقية ومعايير المحاسبة والابلاغ المالي الدولية، وأن نسبة درجة التوافق بينهما من جهة العدد والموضوعات يبلغ 35 %، كما أن هناك تباينا بين القواعد المحاسبية العراقية والمعايير المحاسبية الدولية والتي تم تصنيفها ضمن وظيفتي القياس والإفصاح، اذ بلغت 44% و29 % على التوالي.
إن ضعف التّوافق بين القواعد المحاسبيّة العراقيّة مع معايير المحاسبة والابلاغ المالي الدوليّة، يؤدي الى قيام بعض الشركات العراقيّة والمدرجة في سوق العراق للأوراق المالية، والتي اندمجت بشركات أخرى نتيجة للانفتاح على الاستثمار الخارجي، إنها تُعد قوائمها المالية بنموذجين نموذج بموجب المعايير الدولية ونموذج بموجب القواعد العراقيّة، وذلك لتغطية احتياجات مستخدمي المعلومات المحاسبيّة، وهذا ما اتبعته بعض المصارف العراقيّة المندمجة مع مصارف أجنبية، وعلى كل حال فجميع المصارف أصبحت ملزمة بتطبيق معايير الإبلاغ المالي الدولية على بياناتها المالية لسنة 2016، ولكن السؤال هل الأرضيّة للتّوافق مع هذه المعايير مهيئة.
ولغرض تحقيق التوافق بين المحلي والدولي يجب توافر عدة عوامل لهذا التوافق لكي يكون ناجحاَ ومثمرا وهي:
1. بيئة محليّة تتوافق مع بيئة العولمة من جهة الانضمام الى المؤسسات الدوليّة كمنظمة التجارة العالميّة والتي ينظم لها العراق حاليًّا.
2. أن تكون بيئة البلد المحلية بيئة وحدات اقتصاديّة، واعتماد اقتصاد السوق وتقليل دور الدولة ونمو دور المؤسسات.
3. التّكييف النّفسي لمواطني البلد لجهة الانفتاح على العولمة والتكنولوجية الحديثة خصوصا وأن العراق استقبل التكنولوجية واستوعبها بشهية كبير بعد 2003.
4. انسجام القوانين والأنظمة وتوجيه التّشريع العراقي لهذا الطريق على الرّغم من بطئه.
فلكي يؤدي النظام المحاسبي دوره الحقيقي والفعال في الاقتصاد العراقي، لابد من الاستفادة من تطبيق هذه المعايير بما يساهم بلا شك في توحيد الأنظمة المحاسبية المتعددة المعمول بها في القطاعين العام والخاص. ومن ثمَّ في تحسين أساليب الرقابة المالية وجودتها ومناهجها من الجانبين النظري والتطبيقي وتطويرها جميعا. والفرضية ترى بأن ذلك سيرفع من كفاءة الأداء المالي والمحاسبي والإداري وإنتاجيته، وكذلك في تطوير القدرات المهنية للعاملين في الحقل المحاسبي.
فالاقتصاد المعرفي اليوم يلعب دورا كبيرا في اقتصاديات البلدان المتطورة. وقد أصبح أكثر تأثيرا في الحياة من بين العوامل الأخرى المادية والطبيعية. وتلعب التكنولوجيا وخاصة المعلوماتية منها دورا مهما وبارزا في نمو وتطوير اقتصاد المعرفة.
لذا يجدر استخدام أدوات جديدة لمعالجة وظيفة النظام المحاسبي، من أجل توفير المعلومات المحاسبية التي تلبي احتياجات المستثمرين والممولين. وبرأينا فإن الانتقال إلى تطبيق للمعايير، يتطلب تقديم إطار عمل مقترح يمكن تبنيه للتعامل مع معايير المحاسبة والابلاغ المالي الدولية. وان المعايير المحاسبية العراقية في اغلبها هي ترجمة لمعايير المحاسبة الدولية، الا انها لم تجر عليها تعديلات او اعادة تفسير وصياغتها، كي تتلائم مع البيئة الاقتصادية الجديدة للعراق اليوم وتتوافق مع المعايير المحاسبية الدولية ليتمكن المستفيدون من القوائم المالية من استخدامها في ترشيد قراراتهم الاقتصادية.