جرى هنا إقتصار واختصار أسماء وسائل السوشيال ميديا الأخرى التي منعتها وحجبتها الحكومة العراقية على المواطنين , في العنوان اعلاه , ومؤدّى هذا الإختصار لمراعاة اعتباراتٍ إعلاميةٍ تتعلّق عادةً بفنّ كتابة عناوين المقالات الصحفية وسواها من التحقيقات الصحفية والعمود الصحفي وما الى ذلك .
وفي العودة الى صلب الموضوع واسبابه وأبعاده وما رافقه من مداخلات , فقد حدثَ ما حدثْ منذ الثلاثاء الماضي في انطلاق التظاهرات وما تخللها من تجاوزاتٍ على المتظاهرين وعلى القوات الأمنيّة ” بنسبٍ متفاوتة “, والذي ارتأت الحكومة أنّ الحل الأمثل ! يكمن في وقف وقطع شبكة الأنترنيت بالكامل , حتى مضت ايام وتقلّصت التظاهرات ثمّ توقفت , وكان مفترضاً أن تعود الأمور الى طبيعتها , وكان هنالك خزين مكبوت من الحماس الفكري والعاطفي سيكولوجياً وسوسيولوجياً يداعب رؤى الجماهير بأنّ السيد عبد المهدي قد يتراجع عن قراره بعزل الشعب العراقي عن العالم عبرَ إعادة فتح شبكة الأنترنيت الى ما قبل انطلاق التظاهرات , وكان ذلك ممكناً الى حدٍ كبير وخصوصاً بزوال الدواعي والمبررات المسوّغة لذلك , لكنما انطلاق تظاهرةٍ اخرى في مدينة الصدر واعقبها في منطقة ” الشعلة ” بنسبةٍ اقلّ , قد جعل بعض المراقبين وشرائح اجتماعية كبيرة لتنتابها الظنون أنّ مواصلة وديمومة قطع وتقطيع اواصر الإنترنيت وبما يتعلّق بكافة مواقع السوشيال ميديا , فيعود سببه الى تلك الحركة الأحتجاجية المفاجئة في مدينة الصدر, وبعض هذه الظنون يدنو من الصواب الى حدٍّ ما , وخصوصاً بعد انتهاء التظاهرات وحركتها وانتشارها .
لكننا هنا وفي إستقراءٍ لعلّه خاصّ , فنرى أنّ رئيس الوزراء ومراكز القوى التي تلتفّ من حوله , وطالما اداروا ظهورهم ولم يكترثوا وتجاهلوا نداءات واستنكار الدول والمنظمات الدولية التي تطالب العراق بأعادة فتح كافة وسائل التواصل الأجتماعي بأعتباره حق من حقوق الأنسان وحالة اساسية في مفهوم الأنسانية العالمي , وكأنّ الأمر لا يعني هذه السلطة بشيء ودونما مبالاةٍ لسمعة العراق أمام دول المنطقة والعالم , وهي التي اصلاً لم تراعِ دواعي ومتطلبات عمل الوزارات والدوائر الحكومية في البدء وقطعت شبكة الأنترنيت كليا < بأستثناء اقليم كردستان الذي تعجز عن التدخل في شؤونه > , ففي الغوص لمسافةٍ قصيرةٍ لمحاولة ادراك وفهم ما ينتاب هذه الحكومة من اية هواجسٍ مفترضة تقودها او تجرّها للوقوف بالضّد وبالصّد من رغبات ومصالح وحقوق الشعب ومع سبق الأصرار , فلابدّ أنّ خللاً ما قد يصعب فكّ رموزه الآن او حالياً لمجاهرة هذه الحكومة بممارستها الضغوط على الجمهور العراقي والتضييق عليه عبر منعه قسرياً في التواصل داخلياً وخارجياً مع العالم , فنلحظ هنا ومن دون استخدامنا لأدوات الجزم , أنّ المؤشرات الأولية حول الإمعان والتمادي الحكومي في هذا المنحى فأنما توحي وتشير الى شعورٍ سيكولوجي – داخلي وغير متوازن يهيمن ويطغي على رؤى هذه السلطة , وهو شعورٌ مبنٍ على مخاوفٍ مفرطة من احتمالات افتراضية بتجدد التظاهرات او الدعوة للتظاهرات اثناء الزيارة الأربعينية للأمام الحسين ” ع ” , وتجيير مسيرة هذه الزيارة المباركة بالضد من السلطة وإعادة المطالبة بالحقوق المسلوبة , وهذا اذا ما صحّ فيعني الإبقاء على منع وحجب السوشيال ميديا والأنترنيت الجزئي والمقيد بالساعات الى العشرة ايام المقبلة وربما الى ما بعدها .. المضحك – المبكي في هذه الظنون الحكومية أنّ مسيرة الزيارة الأربعينية لا تتجه الى العاصمة ! وانما الى الجنوب الغربي منها بمسافاتٍ طوال , كما أنّ الميلودراما – الكوميدية لهذه التراجيديا الساخرة , هو أنّ السذاجة السياسية المسرفة للسلطة تفترض مسبقاً او استباقياً أنّ ايّ دعوةٍ مفترضة عبر الفيس بوك او تويتر او سواهما الى الجموع الغفيرة المتجهة الى كربلاء المقدسة , فأنها ستجعل المتجهين اليها أن يستديروا 180 درجة ويغيّروا اتجاههم الى ساحة التحرير او جسر الجمهورية وبنيّة العبور الى المنطقة الخضراء ! وكأنّ لا حواجز ولا سواتر وأسلاك شائكة , ولا شرطة وجيش وبنادقٍ مسددة .!؟
الحديثُ والكتابةُ بهذا الشأن فيها ما فيها من الملل والكلل , ونختتمها بالقول , أنّ كلّ خطابات واجراءات رئيس الوزراء تفقد قيمتها وتتجرد من معانيها ويخسرها عبد المهدي طالما يتصدّى بالضّد في منع العراقيين من حرية الأنترنيت العالمية ولا سيما وسائل التواصل الأجتماعي والتي كأنها مخصصة خصيصاً فقط ضدّ تسلّط السلطة على شعبها .!