في روايتها الأولى الصادرة من دار طباق للنشر والتوزيع – رام الله – فلسطين وضعت الروائية الفلسطينية ميّه شلبي \ كفري في المقدمة قول عمر الخيام :
الحياة أشبه بالحريق .. لهيب ينساه العابر .. ورماد تذروه الرياح ..وإنسانكان قد عاش
بهذه الكلمات اختصرت الكاتبة فلسفتها الخاصة في الحياة . العتبة النصية للعنوان لست امرأة من ورق – جملة تحمل صيغة التحدي
( فالحياة نهر جارف يسحب بين أمواجه الأخضر واليابس وكأنه يجرف مصاعبها ليجعلني أبدأ من جديد )
تخوض في غمار معترك بريق وعتمة الحياة لا تستسلم ( الأيام تمر وأنا الهث وراء فجر آت .. من بعيد آت .. فالحياة ليست أمنة .. وقلبي حجيراته مزدحمة بأنات وأهات .. تتداخل محدثة ما يسمى حياة ) ص15 تصنع من الانتظار عالما متحفز لأجل البقاء
في فضاءاتها السرمدية تختلف عندها الأمكنة ( كفاك سخرية ..كفاك تبثين سمومك في روحي الهائمة .. مكانك لم يعد مكاني .. مكاني بين فضاءات سرمدية.. تدغدغ روحي .. بحثا عمن أضاعها سنين طويلة ) ص17 أختيار المكان التزام أخلاقي عن وضعية معينة . يصل الاعتداد عند البطلة اعتزازها باسمها :
(أحاول بلطف تصحيح أسمي .. أعتز بمعناه وبأصالته العربية ) الاسم هوية وعنوان لحامله أنه نقش يبقى مدى الحياة عصي على المحو .
( الكل يركض دون هدف وأنا أمشي بخطى ثابتة الى مدرستي لاتمام جداول العلامات لمعلمتي التي وثقت بي وحملتني مسؤولية إنهاء الجداول ..أرى الدهشة في عيون الناس ..وفي الطرقات .. ولكني لا اعرف سببا فقد تعودت نظراتهم تلك .. أصل للمدرسة لأعلم أن الحرب بدأت ..)
الحرب هي المفصل الذي يغيير الوجود نحو الأسوء يقتل الطموح ويذري الأحلام في سماء العبث والتوقف عن ممارسة التنفس
(استدعتني مديرتي لتبلغني: أن سلطات الاحتلال تشير الى اسمك تحديدا لمشاركتك فعاليات النضال والاعتصام .. ولتشجيعك الطالبات عليها .. ) تأخذ الأمور منحى أخر لابد من التشبث بالحق والإصرار عليه تصبح على المحك .
جعلتها الأمور تواجه خيار الرحيل عن الوطن . لكن التمسك بالتراب هي القضية التي تخلص لها باستمرار .
كنبت الرواية بضمير الأنا أبدعت مّيه شلبي في نقل تفاصيل جزئيات الحياة بدقة بأسلوب سردي شاعري وبحس مرهف متمكن وضعت خطوطها الراسخة بدرب السرد القصي لتقول لنا بصوت مسموع – انا هنا بينكم اكتب وأتنفسالأمل لغد أفضل وشمس فلسطين لا يحجبها غربال وعيني على الدرب انتظر الرايات يعلو معها صوت الهتاف ..