في حادثة غريبة فعلها ابن السيد وزير النقل السابق هادي العامري الذي اجبر إحدى طائرات الخطوط الجوية من الهبوط في مطار بغداد والعودة إلى مطار بيروت. كون الابن المدلل قد تأخر عن موعد الالتحاق بالطائرة وغادرت الطائرة بيروت دونه. وفي ثورة غضب هاتف أبن الوزير وأعطى أوامره لمطار بغداد بعدم قبول هبوطها في مطار بغداد وإجبارها على العودة إلى بيروت. وتستر السيد العامري وزير النقل السابق على فعلة أبن. ولم نعرف النتائج التي تمخض عنها الحادث، وبلع الجميع ألسنتهم خوفا من سطوة الأب وانتقامه،وضاعت حقوق المسافرين عند أبواب وزارة النقل والخطوط الجوية العراقية ولحس الجميع أوجاعهم وخسائرهم دون تعويض. وكان اللغو العراقي يلاك في أفواه أصحاب الخطوط الجوية العراقية وله وقع فاعل عندهم ( يمعودين جانت بالريش شدعوه مطوخيه).
لم تدفعني تلك الحادثة للعزوف عن استخدام الخطوط الجوية العراقية في سفري رغم التأخير في مواعيد أقلاع الطائرات الذي أصبح سمة وشارة للخطوط الجوية العراقية ويمتد في كل مرة لأكثر من ساعتين. أو فقدان الحقائب أو في أحسن الأحوال وصولها على الطائرة الأخرى أي بعد خمسة أيام. وفي سفري ذلك حالفني الحظ ووضعت أدويتي في حقيبتي التي حملتها معي داخل الطائرة، ولم اتركها في الحقائب الأخرى مثلما كان عليه الحظ العاثر الذي أصاب أحدى العجائز التي وضعت جميع أدويتها هناك، وعليها الانتظار أو الرقود في المستشفى لحين وصول الأدوية. ولكن ما شاهدته في مطار ستوكهولم سوف يجعلني أقرر جازما بأن أدفع مبلغ كبير لأية خطوط أخرى أضمن فيها حالي وصحتي وأعصابي ومن ثم حياتي بعيدا عن فلم الرعب خلال السفر مع الخطوط الجوية العراقية.
يوم 29 /10 / 2014 في مطار ستوكهولم وفي القاعة الرئيسية رفعت الأعلام وصدحت الأصوات وارتفعت الأيدي لتضرب الصدور وكانت العيون تبكي دمعا مدرارا على مثلما يدعون شهادة الأمام الحسين عليه السلام في يوم مقتله . كان منظرا عجيبا مدهشا وضع جميع موظفي المطار والمسافرين إلى بلدانهم في حيرة مما يحدث، فراحوا ينظرون إلى ذلك المشهد التراجيدي باستغراب ودهشة واستنكار . فلأول مرة يفاجئون بمشاهدة موكب للعزاء على أرض مطار دولة أوربية، وكان سؤال واحد يتردد على ألسنة موظفي المطار والمسافرين من غير العراقيين. علام يصرخ ويبكي هؤلاء ؟ وضد من يقيمون تظاهرتهم الصاخبة ؟ لم يجدوا جوابا لحيرتهم وهرب بعضهم بعيدا خوفا من أن يتطور الأمر لشجار .
أنهى حشد التظاهرة عزائهم وتجمعهم بعد أن ذهبوا وراياتهم السود نحو بوابة الدخول المتجهة إلى صالة الانتظار. ولكن لم ينتهي ضجيج الحشد هناك واستمرت أصواتهم العالية تتردد وسط قاعة الانتظار. مسرحية بائسة وهزيلة ومخجلة أقتنع أصحابها بأن في فعلتهم تلك يواسون سبط الرسول في يوم استشهاده، ويظهرون مظلوميته،في عقر دار بلدان الغرب الكافر أو الجاهل بواقعة الطف ومظلومية آل البيت وعموم الشيعة.
احتلوا مع باقي الركاب مقاعد الطائرة المتجهة إلى النجف الاشرف. أقلعت الطائرة بضجيج الأصوات وضحكات منفلتة وتبادل كلام سخي بلغة صارخة فجة لا تحترم من يجلس قربهم. عندما قاربت الساعة الثانية ليلا فجأة ناول مضيف طائرة الخطوط الجوية العراقية المكرفون الخاص والذي يستخدمه لتوجيه الإرشادات، إلى أحد الشباب الذي بدوره أشار على مجموعة كبيرة من أصحابه فتركوا مقاعدهم جميعا وذهبوا نحو المقاعد الخلفية للطائرة. بدا الشاب بإلقاء قصيدته البكائية بواسطة المكرفون عن الحسين وعياله وارتفعت أيادي مجموعة مؤلفة من ما يقارب الثلاثين شخصا بالصراخ وترديد قصيدة العزاء ثم هوت الأيادي فوق الصدور على وقع كلمات القصيدة، واستمر الحال على هذا المنوال. ظهر أن الطائرة لم تحتمل تكدس كل هؤلاء في الخلف وحدثت ضجة كبيرة مما سبب رعبا حقيقيا لدى باقي الركاب.
من بين مجموع الركاب كان هناك أكثر من عشرة شيوخ وعجائز مرضى ومعوقين وأطفال رضع بدأت تتعالى أصواتهم بكاءً وخوفا ورعبا من الذي يجري. ولم يكن أحد من هؤلاء ليحتمل شدة ما يحدث بسبب وضعه الصحي. كان المضيف فرحا تملأ ثغره ابتسامة نصر وسعادة غامرة، وهو يرى هؤلاء الرجال الذين أهداهم مكرفونه ليستخدموه أي شاركهم وهو المسؤول عن ضبط الوضع داخل الطائرة ومنع الركاب من التجاوز على راحة الجميع،او منع احداث شيئا ما يخل بالرحلة وراحة الركاب، بل شاركهم العزاء واللطم وكان ممتنا وراضيا بما يفعلونه دون شعور بالمسؤولية المهنية والأخلاقية،
وأهمل بشكل متعمد ما بات يهدد حياة الركاب جميعا . حينها انتفضت أحدى الشابات التي كانت ترافق والدتها المصابة بجلطة دماغية، لتقف لهم بالمرصاد وبعصبيتها وتهديداتها للمضيف تم إيقاف المهزلة. بعدها عاد مضيف الطائرة ليوجه كلامه ساخرا من الشابة ( ها ارتاحيتي ). وكان هو من أثار الأمر ولم يكن مباليا إن استمرت تظاهرة هؤلاء، وكان لا محال أن يقع جراؤه حادث مفجع يذهب أثره جميع ركاب الطائرة ضحايا لنزق أثاره مضيف الخطوط الجوية العراقية، ومجموعة لا تقيم وزنا لوضع الناس وغير معنية بحياة البشر الذين يشاركونهم الرحلة، وكانوا بتصرفهم بعيدين كل البعد عن الأعراف والقيم التي حث عليها النبي محمد وذهب من أجلها شهيدا سبطه الحسين بن علي .
أذا استمرت مثل تلك التصرفات والمنغصات داخل الخطوط الجوية العراقية وإن لم تتخذ إدارة الخطوط وقبلها ووزارة النقل الممثلة بوزيرها السيد باقر جبر وان لم تنهي المراجع الدينية عن مثل هذه الأعمال،وتوضع الإجراءات المناسبة للحد من تلك الظواهر المنفرة وغير الحضارية لا بل المسببة للكوارث، فأن هناك من هو على استعداد لعرض مقاطع لفلمين سجلت فيهما وقائع ما قامت به تلك المجاميع، والذي بات يتكرر مثلها في جميع رحلات الخطوط الجوية العراقية، على سلطة الطيران الدولي والسويدي ومطالبتها باتخاذ إجراءات مناسبة بحق الخطوط الجوية العراقية من أجل الحفاظ على سلامة وحياة البشر . فقد أصبح العراق مصدرا لكل ما هو معيب ومرعب. وبات السفر عبر الخطوط الجوية العراقية يمثل خطرا حقيقيا ومباشرا لحياة الناس ومصالحهم.