22 ديسمبر، 2024 11:43 م

تهديد أمريکا ميليشياويا!

تهديد أمريکا ميليشياويا!

کثيرة ومتداخلة العوامل والاسباب التي تقف أمام عودة الامن والاستقرار للعراق وإنتهاء حالة الفوضى والفساد والاستهتار بالقوانين والانظمة المرعية، لکن ليس هناك من جدال أبدا بأن العامل والسبب الاکبر والاهم کان وسيبقى دور وتأثير الميليشيات المسلحة بمختلف أنواعها عموما وبتلك المسيرة من وراء الحدود خصوصا.
في أي بلد في مستقر وآمن في العالم، هناك جيش و قوات شرطة وأمن، ولاتوجد أبدا جماعات أو ميليشيات مسلحة أبدا إذ تعتبر مخالفة للقانون، لکن في العراق وفي لبنان واليمن وسوريا نجد إن الميليشيات تعبث بأمن وإستقرار هذه البلدان لأنها تضع نفسها ليس في مکان الجيش والشرطة والامن بل وحتى القانون نفسه، ولذلك ليس من الغريب أبدا أن تتدهور الاوضاع الامنية في هذه البلدان وبشکل خاص في العراق بسبب ذلك.
عبث وإستهتار الميليشيات وخروجها على القوانين وعلى کل ماهو مألوف وتصرفها بمنطق قطاعي الطرق والمجرمين والعصاة، يتجسد في تحدياتها وتهديداتها لأمن وإستقرار الدول المحيطة بالعراق وإعلان رغبتها بالذهاب للقتال ضد تلك الدولة أو الى جانب ميليشيا شبيهة لها في دولة أخرى، بل وإن الامر عندما يتطور أکثر من ذلك بکثير فتبادر ميليشيا حركة النجباء، احدى فصائل الحشد الشعبي، يوم الأربعاء الماضي، الى الرد على تصريحات وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، التي قال فيها ان واشنطن ستتصدى لنشاط (الميليشيات الشيعية في العراق)، قائلة على لسان المتحدث باسم الحركة أبو وارث الموسوي:” لسنا خائفين من ترامب ولا من القوات الامريكية ولن نسمح لهم بان يجعلوا العراق مسرحا للفوضى”، ومٶکدا أن”هذه التصريحات وقحة وساذجة وتدخل سافر في الشأن العراقي الداخلي”، ومهددا أمريکا بالقول”إذا أقدمت أمريكا على استهداف اي فصيل مقاوم في العراق او خلق صراع، فنحن لن نبالي في مواجهتها وسنرد الرد الصاعق، وإذا مست سيادة العراق وتدخلت تدخلا سافرا فلن نسمح لها كذلك”، عندما يصل بالميليشيات المسلحة وخصوصا تلك التابعة لإيران بأن تطلق هکذا کلام أکبر ليس من حجمها وانما من حجم أسيادها في إيران، فإن الموضوع يتخذ سياقا خطيرا ويجب التوقف عنده مليا.
الرد على وزير الخارجية الامريکي بأن تصريحاته تدخل سافر في الشأن العراقي الداخلي، وکأن صولات وجولات الارهابي قاسم سليماني الذي يتصرف وکأنه الحاکم بأمره في العراق، ومايقوم بفرضه على هذه الجماعة أو تلك، ليست تدخلات في الشأن الداخلي العراقي، والمثير للسخرية عندما تتبجح هذه الميليشيا من إنها لن تسمح لأمريکا بأن يجعلوا العراق مسرحا للفوضى، إذ أن النظام الايراني والميليشيات التابعة لها هي من جعلت العراق مسرحا لفوضى لانظير لها في العالم کله.
هذه الحمى والغيرة التي إنتابت هذه الميليشيا وغيرها والتي ستنتاب أخريات، ناجم عن أن ولي أمرها في معرض الخطر، ليس من جانب أمريکا کما يتوهمون وانما من جانب شعبها والمقاومة الايرانية حيث إن الامور کلها تسير بإتجاه حسم أمر هذا النظام، علما بأننا نرى في هذا التهديد ضد أمريکا مجرد کلام أملاه سليماني عليهم ضد دولة قدمت العراق على طبق من ذهب للنظام الايراني وسمحت بإيجاد هکذا ميليشيات رغم إننا نعلم بأن الاوضاع عندما تصير ساخنة عندها سنرى هذه الميليشيات أو غيرها ماذا تفعل وکيف تتصرف!