5 نوفمبر، 2024 6:55 ص
Search
Close this search box.

تهديدات كثيرة ومستمرة بين الكيان الصهيوني وايران بسبب خرق التعهدات النووية

تهديدات كثيرة ومستمرة بين الكيان الصهيوني وايران بسبب خرق التعهدات النووية

كشف وزير الجيش الاسرائيلي عن ميزانية إضافية بقيمة ملياري دولار رُصدت لخطة التسلح بصواريخ متطورة استعدادا لهجوم محتمل على طهران. وتقضي بتطوير القدرات الهجومية في مجال الصواريخ والذخائر الدقيقة لسلاح الجو.

القدس المحتلة- تُشكّل إيران سلسلة تحديات طويلة وقصيرة المدى لإسرائيل، فعلى المستوى الإستراتيجي، باتت المشروع النووي لطهران، إلى جانب برنامجها للصواريخ الدقيقة، في صُلب اهتمام مؤسسة إسرائيل الأمنية، وتصفه بالتهديد الإستراتيجي الاستثنائي لأمنها القومي.

ومع استئناف مفاوضات فيينا الهادفة للعودة للاتفاق النووي المبرم بين إيران والدول العظمى عام 2015، والذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018، كثّفت الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينيت جهودها الدبلوماسية الإقليمية والدولية لإحباط العودة للاتفاق السابق وتعطيل التوصل لاتفاق مؤقت.

في تقرير لعملياته العسكرية عام 2021.. جيش إسرائيل: لا يمكن شن هجوم على إيران قبل الاستعداد للمعركة على عدة جبهات

مفاوضات فيينا.. إسرائيل تطالب القوى الكبرى بموقف أكثر حزما وإيران ترهن التقدم برفع العقوبات

أميركا وإسرائيل عدوّتان لإيران.. حقيقة لا وهما

إيران أكدت قدرتها على إنتاج قضبان الوقود النووي.. ما حكايته؟

وتصاعدت اللهجة بين تل أبيب وطهران التي هددت بضرب المواقع الأمنية الحساسة في إسرائيل بحال وجهت لها ضربة عسكرية، في حين خرجت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية للعلن وهددت بأنها ستستهدف المنشآت النووية الإيرانية، في وقت تسعى تل أبيب لإقناع أميركا باعتماد الخيار العسكري ضد طهران.

لماذا تخشى إسرائيل إيران وما التحديات التي تعتبرها تهديدا لأمنها القومي؟

على الساحة الإقليمية، عمّقت إيران حضورها ونفوذها خلال العقد الماضي في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

ويُظهر تقدير موقف لمركز أبحاث الأمن القومي، بجامعة تل أبيب، أن التركيز بالمستقبل سيكون على حاجة إسرائيل للتعامل مع التموضع الإيراني المستمر في سوريا ولبنان، واحتمال المواجهة العسكرية المباشرة بينهما في هذه الساحات.

في الوقت نفسه، هناك احتمال لإيجاد تهديد إيراني من غرب العراق، من خلال تسليح المليشيات العراقية الموالية لطهران بمنظومة الصواريخ الدقيقة، والتي بإمكانها ضرب العمق الإسرائيلي.

ويأتي المشروع النووي الإيراني في عمق التحديات التي تضعها طهران أمام تل أبيب، وهو الأبرز بالنسبة لإسرائيل خلال العام المقبل، بحسب تحليل للباحثيْن في معهد دراسات الأمن القومي الاسرائيلي، ألداد شبيت، وسيما شاين.

ما خيارات تل أبيب لمواجهة النووي الإيراني؟

على مر السنين تعلمنا، يقول المحلل السياسي عكيفا إلدار، إنه عندما يعلن سياسي أو جنرال أن “كل الخيارات مطروحة على الطاولة” فإنه يشير في الواقع إلى خيار واحد فقط: العسكري.

ظاهريا، يضيف إلدار “هذا هو الخيار الوحيد لإسرائيل إذا لم تسفر المفاوضات مع إيران عن اتفاق نووي يُرضي المستوى السياسي بتل أبيب”.

ويوضح أن العقوبات لم تُركّع الإيرانيين، كما أن استهداف المنشآت الإيرانية والاغتيالات الغامضة للعلماء لم توقف طهران عن تخصيب اليورانيوم.

وأمام نهج الرئيس الأميركي جو بادين، بالامتناع عن الصدام والمواجهة بالشرق الأوسط، قد تجد إسرائيل نفسها وحيدة أمام خيار شن هجوم عسكري مباشر على المنشآت النووية الإيرانية، مهما كلّفها ذلك من خسائر بشرية ومادية، وأضرار لعلاقاتها الخارجية.

هل ستهاجم إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟

في الوقت الذي تتواصل المساعي الدولية للتوافق بين طهران وواشنطن للعودة إلى الاتفاق النووي، صعدت تل أبيب من تهديداتها بضرورة توجيه ضربة عسكرية للمشروع الإيراني، على الرغم من الاعتراف بأن الجيش الإسرائيلي غير جاهز لتوجيه مثل هذه الضربة حاليا.

 

وبمعزل عن أي أتفاق يتم التوصل إليه بين طهران وواشنطن، يقول وزير المالية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إن الصراع حتمي وهو السبيل الوحيد لمنع إيران من الوصول إلى القدرة النووية.

وأوضح ليبرمان في تصريحات للموقع الإلكتروني “والا” أن المواجهة مع إيران “مسألة وقت فقط” وليس الكثير من الوقت “فلن توقف أي عملية دبلوماسية أو اتفاق برنامج إيران النووي”.

ما جدية التهديدات الإسرائيلية؟

أعلن سلاح الجو الإسرائيلي أنه سيبدأ، بحلول 2022، بمناورات واستعدادات للتدرب على هجوم محتمل ضد طهران، وذلك تزامنا مع تقدم الأخيرة ببرنامجها النووي، مع وضع خطة تسلح خاصة لتعزيز جاهزية الجيش والتأهب لإمكانية مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.

يأتي ذلك، في حين قرر رئيس هيئة أركان الجيش أفيف كوخافي تغيير أولويات مؤسسته، ووضع إيران في سلم أولوياتها عبر تسريع “الخطط العملياتية” والاستعداد لإمكانية الهجوم ضد طهران.

كما أن إقرار حكومة تل أبيب ميزانية الأمن للعام 2022 بقيمة 18 مليار دولار بعد تأخير لعامين، إلى جانب مساعدة أميركية سنوية بقيمة 3.8 مليارات، يعكس جدّية إسرائيل في تهديداتها لمهاجمة إيران بغية منعها من الوصول لمستوى “دولة عتبة نووية” أو تملك سلاح نووي.

ما مدى جاهزية الجيش الإسرائيلي لمهاجمة إيران؟

وفي وقت تتمادى فيه التهديدات الإسرائيلية، يكشف إعلان وزير الجيش بيني غانتس عن ميزانية إضافية بقيمة ملياري دولار رُصدت لخطة التسلح بصواريخ متطورة استعدادا لهجوم محتمل ضد طهران.

وتقضي الخطة، التي شُرع بتنفيذها ومن المتوقع إنجازها بغضون 6 أشهر لعام، بتطوير قدرات الجيش الهجومية، وخاصة في مجال الصواريخ والذخائر الدقيقة لسلاح الجو، عبر إبرام اتفاقيات طويلة المدى لشراء أسلحة.

وتعتزم إسرائيل تكثيف عملياتها الهجومية ضد إيران، بما يشمل غارات جوية متكررة في سوريا وهجمات سيبرانية (إلكترونية) في طهران، وعمليات تخريب في المنشآت النووية الإيرانية.

ما جاهزية سلاح الجو الاسرائيلي وقدراته لشن هجمات؟

خلافا للحديث للعلن عن جاهزية الجيش الاسرائيلي لعملية ضد إيران والخطط العملياتية والمناورات عام 2022، تبقى جاهزية سلاح الجو مثارا للنقاش من وراء الكواليس، حيث يتم التكتم على خطط هذه المنظومة لضرب إيران.

لكن القائد القادم لسلاح الجو الإسرائيلي، اللواء تومر بار، والذي سيتولى منصبه في أبريل/نيسان المقبل، خرج عن صمته وصرح لصحيفة “يديعوت أحرونوت” بمناسبة انتهاء 2021، بأن الطيران الحربي جاهز في أي لحظة لمهاجمة إيران.

وقال بار إنها “مسألة وقت. ومهمتي هي الحفاظ على قدرة مستقلة للعمل” رافضا التطرق إلى توقيت الخيار العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية.

ومع تعثر مفاوضات النووي وإعلان إسرائيل استعدادها للخيار العسكري، هناك فرصة بأن يقع الهجوم في ولاية بار كقائد لسلاح الجو، والذي قال “أدرك حجم المسؤولية وأعتقد أنني سأعطي المهمة استحقاقها”.

وعندما سئل عما إذا كان سينجح في تدمير المنشآت النووية؟ أجاب “لا يمكن أن أعمل على بُعد ألف كيلومتر من هنا، وأعود دون تنفيذ المهمة، فلا توجد فرصة لدينا للتحليق هناك دون نجاح”.

 

كانت اسرائيل وما زالت تراقب البرنامج الإيراني وتحاول ايقافه بكل السبل، لاعتقادها أنَّ إيران الدولة الوحيدة في المنطقة التي لديها القدرة والامكانات والإرادة السياسية المستقلة في الاستمرار بمشروعها النووي، وحتى بعد إجراء المفاوضات بين إيران ومجموعة (5+1) وقت الاتفاق النووي عام 2015، ثم انها استغلت مجيء إدارة الرئيس الأمريكي السابق (دونالد ترامب)، وضغطت باتجاه انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، والذي جرى فعليا عام 2018، وأعاد الرئيس الأمريكي العقوبات الاقتصادية الشديدة، وكان الهدف منه الضغط على إيران من أجل تقديم تنازلات على قضايا ثانوية لم تدرج سابقا في الاتفاق النووي، مثل: الصواريخ البالستية ونفوذها في الشرق الاوسط، ودعمها فصائل المقاومة ولاسيما في فلسطين، هذه الاجراءات الأمريكية والضغط الاسرائيلي قابلته اجراءات ايرانية رادعة، مثل: زيادة انتشارها العسكري في البحر الاحمر والوصول إلى البحر المتوسط وفي دول المنطقة، وتنشيط مفاعلاتها النووية، وزيادة نسبة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات وصلت إلى (60%)، وهو أعلى من المستوى المحدد في الاتفاق النووي، والذي يقدر بـ(3.6%)، ومع تغيير إدارة الرئاسة الأمريكية، وانتخاب (جو بايدن) رئيساً عام 2020، وانتخاب (ابراهيم رئيسي) رئيساً لإيران عام 2021. إنَّ بقاء اجراءات الطرفين وزيادة التوتر في المنطقة، دفع بعض دول الاتحاد الاوربي وروسيا والصين إلى الدفع لإعادة المفاوضات بين الطرفين: (ايران والولايات المتحدة)، من أجل الوصول إلى حلّ لهذه الأزمة، وجرت أولى هذه المفاوضات في فيينا في نيسان 2021 بين إيران ومجموعة (4+1)، ولكن بصورة غير مباشرة بين ايران والولايات المتحدة، إذ يتم عرض وجهات النظر بينهم عن طريق أطراف الاتفاق النووي الأخرى، وقد استمرت المفاوضات ست جولات، للوصول إلى حلّ وسط لأزمة البرنامج النووي الايراني، ورفع العقوبات قبل أن تتوقف وتستأنف من جديد في 29 تشرين الثاني 2021.

وبالرغم من سعي الأطراف إلى حلّ الازمة والوصول إلى اتفاق يرضي الجميع، إلا إنّ اسرائيل استمرت في اطلاق التهديدات العسكرية باستهداف المنشآت النووية الإيرانية، وهذه الفكرة طرحت منذ اكتشاف البرنامج النووي الايراني عام 2003، وهي الآن تتخذ الاستعدادات لذلك، حتى أنَّ زيارة وزير دفاع اسرائيل (بيني غانتس) إلى الولايات المتحدة، ولقائه وزير الدفاع الأمريكي تندرج ضمن هذا الاتجاه، وصرحوا بأنَّ إيران تشكل خطراً على استقرار المنطقة، إلا إنه مع كل التهديدات الامريكية الاسرائيلية باستهداف ايران وتعطيل برنامجها النووي، فإنَّ هناك حقائق على الواقع تقف بالضد من هذه الاجراءات، ومنها:

إنَّ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي ، وبدفع من الحكومة الاسرائيلية، أصبح حجر عثرة بوجه أي تشدد ضد إيران، وأصبحت نظرة أغلب دول العالم بأنَّ الولايات المتحدة هي من أخلَّ بالاتفاق النووي وليست إيران، وهذا جعل تكوين اجماع دولي ضد ايران يواجه صعوبات ولا سيما من دول الخليج العربي القريبة منها، والتي تضم قواعد أمريكية عديدة.

إنَّ انسحاب الضغط الاسرائيلي على الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاق النووي والتهديد بالضربة العسكرية، جاءت بنتائج عكسية للموقف الايراني، والذي رفع من سقف نسبة التخصيب إلى مستويات عالية، كما أنَّ بعض التقارير ذكرت أنّ ايران ربما وصلت إلى مرحلة تطوير أسلحة نووية، وبهذا فان ما كان ممكناً خلال الاتفاق النووي أصبح الآن بعيداً بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، وهو مأزق لإسرائيل وخططها ضد ايران.

إنَّ أغلب المنشآت النووية الايرانية تم بناؤها في أماكن محصنة تحت الارض، يصعب في بعض الاحيان اكتشافها ناهيك عن استهدافها، فهي تقع في جبال شديدة التحصين، وبعيدة عن القواعد العسكرية في الخليج العربي.

إنَّ اسرائيل بعيدة نسبيا عن ايران، ولا تمتلك أي حدود مع ايران أو قواعد عسكرية خاصة بها، وإنَّ امكانية الوصول للمفاعلات الايرانية واستهدافها والعودة قد تبدو صعبة وغير ممكنة، كما أنَّ استخدامها للقواعد الامريكية في الخليج أو أجواء دول الخليج العربي بهذه الضربة العسكرية، هو أمر غير ممكن عمليا، ويعرض هذه القواعد ودول الخليج لردة فعل انتقامية من جانب ايران، والتي هي تقع تحت مرمى الصواريخ الايرانية.

تأخذ اسرائيل بنظر الاعتبار رد الفعل الايراني ضدها، وهناك تصريحات لمسؤولين إيرانيين مدنيين وعسكريين بأنَّ الصواريخ الايرانية، والتي تصل إلى مديات بعيدة، سوف تمطر اسرائيل من كل جهة، وهذا معناه انها لا يقتصر انطلاقها من الاراضي الايرانية فقط، بل من دول جوار اسرائيل ولا سيما الدول التي تضم وجوداً إيرانياً مباشراً أو غير مباشر فيها.

على الرغم من أنَّ أغلب المصادر تضع التهديدات الاسرائيلية في خانة الضغوط النفسية على ايران، لدفعها لتقديم تنازلات في المفاوضات، أو دفعها لافتعال مواجهة مع اسرائيل، وتكون دولة معتدية امام المجتمع الدولي، إلا إنَّ الواقع اثبت عكس ذلك، إذ أصبحت اسرائيل هي من عرقل الاتفاق النووي ويعرقله، كما أنَّ ايران أصبح لها نفوذ اوسع من قبل، وشمل مناطق لم توجد فيها سابقا، سواء على حدود اسرائيل أو بالمياه المحيطة بها، وبهذا فان التهديدات أصبحت معوقاً امام المفاوضات اكثر مما هي، لإيجاد حل للازمة النووية الايرانية.

إنَّ رغبة كل الاطراف: ايران والاتحاد الاوربي وروسيا والصين وحتى دول المنطقة، بالوصول إلى اتفاق نووي ينهي هذا الملف، ويرفع العقوبات الاقتصادية عن ايران، لما تمثله من ثقل اقتصادي في المنطقة، وبوابة مهمة للشركات الاستثمارية الغربية، إلا إنَّ كلاً من الولايات المتحدة واسرائيل لها أهداف أخرى تريد تحقيقها بعيداً عن هذه الأزمة، فالولايات المتحدة واسرائيل تعدان ايران ونظامها السياسي الاسلامي ومنذ عام 1979 تهديداً لمصالحهما في المنطقة، ثم ما شهدته ايران من تطور سريع ولا سيما بالجانب العسكري، وتوسع نفوذها في منطقة الشرق الاوسط وابعد منها حتى وصل إلى أمريكا اللاتينية قد زاد من تحمسهما لاستهداف إيران، وبما إنَّ الوسائل العسكرية وحدها لها مخاطر كبيرة وربما لا تؤدي الغرض المطلوب، فإنّها تبحث عن وسائل اخرى، ومنها: الضغوط والعقوبات الاقتصادية وتشديدها لانهاك الاقتصاد الايراني ومن ثم اجبارها على التراجع، وتنفيذ ما تريده منها الولايات المتحدة، ومن ثم ينسحب ذلك على تنفيذ خطط اسرائيل, لهذا ومع كل خطوات المفاوضات وجدية الاطراف الاخرى ولاسيما ايران، فإنَّ الولايات المتحدة وبتحريض من اسرائيل غير جادة في إبرام اتفاق نووي مع ايران ورفع العقوبات عنها، لهذا فهي تماطل وتفرض شروطاً أخرى وعقوبات مستمرة من اجل انتظار نتائج العقوبات على ايران وتراجعها.

بهذا فإنَّ مستقبل البرنامج النووي الايراني والاتفاق النووي، لا يتأثر بالتهديدات العسكرية الاسرائيلية، ومدى امكانية تنفيذها من عدمه، بل يتأثر بالسياسة الامريكية والتحريض الاسرائيلي، وعدم رغبتها في عقد أي اتفاق مع ايران، وإنَّ هدفهما الاساس هو تدمير المشروع النووي الايراني تدميراً نهائياً سواء كان للأغراض السلمية أو غيرها، وهو ما يواجه بادراك ايران لهذا المخطط، والعمل على تسريع البرنامج من أجل فرض أمر واقع عليهم.

 

تجمع الأوساط السياسية والأمنية والإعلامية في تل أبيب على أن البرنامج النووي الإيراني يمثل تهديداً وجودياً لمستقبل إسرائيل، وفي هذا الإطار ينبغي النظر إلى الرؤية الإسرائيلية الرافضة للبرنامج النووي الإيراني، وتأكيد رئيس الوزراء نفتالي بينيت أن إسرائيل غير معنية بأي اتفاق يتم التوصل إليه في فيينا بين إيران والقوى الدولية. وانطلاقاً من هذه الرؤية، تقوم استراتيجية إسرائيل تجاه الملف النووي الإيراني على التخلص منه، إن لم يكن بالمفاوضات، فمن خلال الخيار العسكري. وبالتالي تزايد وتيرة الحديث في تل أبيب عن هذا الخيار لضرب المفاعلات النووية الإيرانية، خاصة في ظل الخطوات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية مؤخراً في هذا الشأن، مثل اقتناء مزيد من الأسلحة المتطورة، وتخصيص ميزانية ضخمة للضربة العسكرية المُحتملة.

بيد أن إسرائيل تدرك جيداً حجم الصعوبات التي تعترض ذلك الخيار العسكري؛ لأسباب تتعلق بطبيعة المفاعلات النووية الإيرانية الكثيرة، فضلاً عن قوة الردع التي تمتلكها طهران، ودور أذرعها الإقليمية، لاسيما حزب الله اللبناني في ظل قدرته على إطلاق آلاف الصواريخ ضد إسرائيل. كما أن إسرائيل باتت ترى في الرهان الأمريكي على المفاوضات مع إيران للتوصل إلى اتفاق نووي جديد ليس سوى عبث، وعليه تركز جهودها على إقناع الإدارة الأمريكية بعدم جدوى المفاوضات مع طهران إلى ما لا نهاية، وضرورة الانتقال إلى الخيار العسكري ضدها؛ لأن الوقت لم يعد لصالح تل أبيب والغرب عموماً، وإنما لصالح إيران التي خصبت كميات كبيرة من اليورانيوم بدرجة عالية من النقاء، وهو ما وضعها على حافة النووي، وربما المُضي نحو إنتاج سلاح نووي خلال فترة قصيرة إذا قررت ذلك.

وعليه، يمكن القول إن النقاش في تل أبيب ليس عن الخيار العسكري، وإنما عن كيفية تنفيذ هذا الخيار، وعن كيفية إشراك الولايات المتحدة فيه من أجل تأمين الحماية اللازمة لإنجاح الضربة العسكرية؛ كي لا تكون الردود مدمرة لإسرائيل. وفي المُجمل، ثمة قناعة إسرائيلية بأن الولايات المتحدة والغرب عموماً لن يتركون إسرائيل لوحدها إذ اندلع حرب بينها من جهة، وإيران والوكلاء التابعين لها من جهة ثانية. وبالتالي هناك من يرى أنه حتى لو نجحت المفاوضات النووية في فيينا خلال الجولة المقبلة (الثامنة)، فإن اللحظة التي ستلي هذا الاتفاق قد تكون مُحملة بتطورات أمنية كبيرة ربما تغير وجه المنطقة، فإسرائيل ترى أنه لا يمكن التعايش مع إيران نووية، وأن تكلفة الخيار العسكري ضدها ستكون أقل من هذا التعايش المُهدد لإسرائيل ولباقي دول المنطقة.

من الواضح أنه في حالة التوصل إلى اتفاق نووي جديد بين إيران والغرب في عام 2022، وبصيغة مشابهة لاتفاق عام 2015؛ فإن طهران ما بعد هذا الاتفاق المُحتمل لن تكون كما قبله، وقد يؤثر ذلك على منطقة الشرق الأوسط بأكملها. فالواقع الجديد في مرحلة ما بعد الاتفاق، سيفرض على الجميع إعادة النظر في حساباته تجاه إيران وسياستها وسلوكها وممارساتها في المرحلة التي ستلي الاتفاق. وهنا تبدو الأمور أمام استحقاقين؛ إما التكيف مع إيران نووية بأجندة سياسية تطمح إلى المزيد من الهيمنة والنفوذ الإقليمي، أو رفض هذه السياسة والتأسيس لعوامل جديدة من المواجهة، لاسيما في ظل القناعة الإسرائيلية بأن أي اتفاق نووي جديد سيجعل من إيران أخطر على أمنها القومي والمنطقة، وأنه لا يمكن التعايش مع هذا الخطر إلى ما لا نهاية، بما يعني أن “أبواب المجهول” قد تُفتح على المنطقة في ظل غموض صورة المستقبل الذي يتطلع إليه الجميع.

وحذر مسؤولون، في إسرائيل، القوى العالمية من أن رفع العقوبات المفروضة على إيران قد يؤدي إلى عمل عسكري من قبل إسرائيل.

وإذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات – إلى جانب العقوبات الدولية التي سيتم رفعها قريبا بموجب شروط الاتفاق النووي لعام 2015 – فإن إيران قد تصل إلى العتبة النووية في غضون ستة أشهر، كما حذرت إسرائيل.

وفي تلك المرحلة، يمكن لإسرائيل أن تجد أنه من الضروري “اتخاذ إجراء أحادي الجانب”.

ودعا وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، العالم إلى تصعيد التهديد لإيران من أجل ردعها عن تطوير سلاح نووي.

وفي اجتماع مع الرئيس الفرنسي، ماكرون، أكد لابيد أن إسرائيل تنظر إلى المحادثات على أنها محاولة من طهران للمماطلة في تقدم برنامجها النووي، ويجب أن يكون لدى العالم خطة بديلة.

وقال لابيد “يجب عدم رفع العقوبات عن ايران”، وأضاف “يجب تشديد العقوبات، ويجب وضع تهديد عسكري حقيقي أمام إيران، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لوقف سباقها لتصبح قوة نووية”.

وجاء الاجتماع مع ماكرين بعد يوم واحد من نقل لابيد رسالة مماثلة في اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون.

ويعتزم وزير الدفاع، بيني غانتس، التوجه الى واشنطن الأسبوع المقبل لمناقشة التهديد النووي أيضا، بحسب صحيفة جيروزالم بوست الإسرائيلية.

وتقلق إسرائيل، بحسب الصحيفة من أن الولايات المتحدة تدرس اتفاقا يرفع بعض العقوبات مقابل تجميد إيران لبرنامجها النووي، ولكن ليس التراجع عنه، أو العودة إلى الحدود السابقة للتخصيب.

وقال المدير العام لوزارة الخارجية، ألون أوشبيز، في مقابلة إن الاتفاق يضمن حصول إيران على تدفق نقدي في حين لا تتنازل عن أي شيء تقريبا.

وتركز الجهود الدبلوماسية الإسرائيلية بشكل كبير على الولايات المتحدة، من أجل إقناع واشنطن بعدم رفع العقوبات.

أحدث المقالات

أحدث المقالات