23 ديسمبر، 2024 5:06 ص

تهافت الناس على الدجالين والعرافين والمشعوذين

تهافت الناس على الدجالين والعرافين والمشعوذين

قرأنا كثيراً أن «دجّالاً» نصب على عربي بما قيمته أكثر من مليون بزعمه أنه بقدراته السحرية سيتمكن من مضاعفة أمواله (المغفل). وكثيرا ما نقرأ مثل هذا الخبر، أو نقرأ عن دجال أقنع مغفلاً آخر بأنه سيساعده في العثور على الكنز المخبوء في أرضه أو بيته. ونقرأ أكثر من هذا عن الدجالين الذين يدعون القدرة على شفاء المرضى من الأمراض المستعصية، وجعل العاقر تنجب والعانس تتزوج والنكدية تسيطر على زوجها، وآخر ما قرأت تقرير عن طفلة يمنية في محافظة تعز جنوب اليمن، يتوافد عليها المئات التماساً للشفاء من الأمراض، إضافة الى قدرتها على علاج النساء اللواتي يعانين من عدم الإنجاب مقابل مبلغ زهيد لا يتعدى الدولارين. حتى إن (خليجيين) يتوافدون على (الطفلة)، مثلما يسعى عرب في أوروبا إليها، على أمل الشفاء من أمراض مستعصية، أو حسم المعاناة من مرض نفسي.
وفي سياق الشائعة والإيمان بالقوة الغيبية ذات النتائج (اللحظية) في الشفاء، تجمهر المئات شرقي مدينة نواكشوط على بئر تقليدية يشفي شرب مائها من كل الأمراض، وفي السعودية أٌلقِي القبض على ساحر يدعي قدرته على علاج الأمراض المستعصية و فك السحر بأسعار خيالية.
وفي سياق الشائعة والإيمان بالقوة الغيبية ذات النتائج (اللحظية) في الشفاء، تجمهر المئات شرقي مدينة نواكشوط على بئر تقليدية يشفي شرب مائها من كل الأمراض، وفي السعودية أٌلقِي القبض على ساحر يدعي قدرته على علاج الأمراض المستعصية و فك السحر بأسعار خيالية.
ونقرأ عن دجالين يدعون القدرة على معرفة الغيب، ويكشفون مصائر الناس للراغبين المغفلين الذين يدفعون عن طيب خاطر، وأوسع من هذا أولئك الذين اشتهروا عبر وسائل الإعلام ، والمصيبة العظمى أن بعض الناس يصدقون دجلهم، وقد قلت وما زلت أقول: هل يصدق عاقل أن يكون 525 مليون إنسان من كل «برج» من طباع واحدة ولهم مصير موحد بناء على حركة أحد الكواكب؟!
وقد يرد علينا بعضهم بأن هذا موجود في كل مكان حتى في الدول المتقدمة ، بل إن «العرافين» في الدول المتقدمة يعملون بتراخيص من البلدية، ونقول «إن الناس يقصدون هؤلاء العرافين في الدول المتقدمة لمعرفة الغيب، وهذا هاجس لدى جميع البشر في كل زمان ومكان، وليس لشفاء المريض وتزويج العانس وما الى ذلك». ومع هذا فإن الخطأ لا يبرر الخطأ، فلا يجوز أن أسرق لأن الناس في أوروبا يسرقون. لقد آمن هؤلاء بالعقل والعلم إيماناً أعمى، فأصيبوا بالخواء الروحي، وراحوا يفتشون عن البديل لدى العرافين والمنجمين، وانساقوا أحياناً «على الرغم من تقدمهم العلمي» الى اتباع بعض المشعوذين في «ديانات» تعود إلى ما قبل الرسالات.
عندما أرى تهافت الناس على الدجالين والعرافين والمشعوذين، ومتابعتهم ما يقوله المنجمون و«الفلكيون»«!!!» في وسائل الإعلام أتساءل «هل نحن مسلمون حقاً؟» إن الاسلام يعلمنا أن الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، وأن الأرزاق مقدرة، والأقدار مكتوبة ومحفوظة، و«أن الإنس والجن لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك. وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك» (حديث شريف) ويعلمنا ان الله سبحانه وتعالى لا يقبل الوسطاء «إذا ادعوا أنهم إنما يحققون ما قدر الله» وليس بينه وبين عبده المؤمن حجاب.
وعندما أرى هذا التهافت على هؤلاء الدجالين أسأل «أين العقل والمنطق؟» لا تعارض بين العـقل والدين، وبالأصح بـيـن العـقـل والإسـلام، فأين ذهـبت عـقـول هؤلاء عـنـدما يـصدقـون هذا الدجل والشعوذة؟ جميل وحلال أن يسعى الانسان إلى الغنى ولكن بالعمل الدؤوب، وجميل «بل واجب» أن يسعى الإنسان الى الشفاء ولكن بالعلاج والتداوي، ويجب أن يسعى الانسان إلى حل مشاكله، ولكن بالعقل والمنطق والإيمان.