اعربت كل من مصر والاردن عن رغبتهما واتفاقهما في الاسهام بحملة اعمار المناطق المتضررة من الارهاب في العراق وسوريا، وجاء الاتفاق على ذلك في اختام اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، واشارت تصريحات المسؤولين الى ان كلفة اعمار ما دمرته الحرب الدائرة في سوريا تبلغ 226 مليار دولار، فيما اعلن العراق ان دمار البنية التحتية بسبب الحرب على داعش تتجاوز 100 مليار دولار.
ما يهمنا العراق كيف سيدبر مثل هذا المبلغ الضخم في ظل انخفاض اسعار النفط وضعف موارده الاخرى. رئيس الوزراء حيدر العبادي في التصريح الاسبوعي قبل ايام اعلن انه لا يعول على المساعدات الاجنبية في تأمين نسبة كبيرة من المبلغ، وتوقع ان تكون عشرات الملايين من الدولارات ليس الا برغم ان العراق كان يدافع عن العالم كله بوجه داعش الارهابي وصد الاذى ومنعه من التمدد الى بقية انحاء الكرة الارضية.
مقدار المساعدات ستتضح في الاسابيع المقبلة اذ سيعقد مؤتمرات مهمان للمانحين لاعمار المدن المحررة احدهما في الكويت والآخر في واشنطن، وسيضعان العالم امام مسؤوليته في تخفيف انعكاسات الدمار ونهوض العراق مجدداً.
غير ان الامر الاهم الذي ينبغي ايلاءه الاهمية القصوى هو الاعتماد على الامكانات الوطنية لتجاوز الخراب واعادة بناء المدن وتجاوز اهلنا ما هم فيه، ولاسيما في مخيمات النازحين..
نحن بحاجة الى كل الامكانات المادية والعشيرية في البلاد وحشدها كلها لاعمار المدن، وهي امكانات ليست قليلة، بل انها مؤثرة وحاسمة ايضاً، فاثارة الروح الوطنية في البناء وتجميع كل ما هو متاح والحد من الفساد سيكون امراً فعالاً وناجحاً.
ان مواجهة هذا التحدي يساعد على الاستفادة القصوى من اعلانات الرغبة والاتفاقات بشأن الاسهام في بناء بلادنا، متى ما رأى الاشقاء والجيران والاجانب تصميم العراقيين على النهوض الاقتصادي وتوفير مستلزماته وتخطي العراقيل التي يعاني منها وتوجيه الموارد نحو ما هو منتج ومفيد وحمايته من الذين يحاولون التطاول عليها ونهبها، ستكون لهذه الاستثمارات مردودات سريعة وبشروط ميسرة تأخذ بنظر الاعتبار الجدية في التعامل مع حجم الكارثة والتوظيف الامثل للموارد.
تقتضي الكارثة ان نفكر بشكل آخر، ونتبع اساليب غير مطروقة في البناء، ونغادر الكسل الذي يسم الحياة الاقتصادية الوطنية ومساعدتها على النهوض وزيادة فعاليتها، ان وضع سياسات اقتصادية مختلفة وستراتيجية محددة ومعلومة للجميع في كيفية البناء واعادة التأهيل والحاجات وتحديد الاولويات اصبحت مهمة وطنية تجنباً اثمان الارتجال الباهظة وتنمي كفاءة الاداء والمردودات ومراعاتهما لاعادة الدورة الاقتصادية للرأسمال الذي سنحصل عليه.
ان مشاركة القطاع الخاص والحكومي مع الرأسمال الاجنبي الذي يسعى الى المشاركة في اعادة الاعمار وبناء العراق على أسس اقتصادية صحيحة غاية في الاهمية لتوفير فرص عمل وتحريك الاسواق وانعاش الحياة الاقتصادية للمواطنين وبالتالي قطع الطريق على مغذ للارهاب والتطرف.