23 ديسمبر، 2024 4:00 ص

تنمية الإبداع في دوائر الدولة

تنمية الإبداع في دوائر الدولة

تسعى معظم المؤسسات العالمية والدولية إلى تحقيق أعلى مستوى من الأداء وتقديم أفضل الخدمات والمنتجات التي تحقق الربحية العالية، والمنافسة مع المؤسسات والشركات النظيرة، ومن أجل هذا أعطي للإبداع في العمل العامل المهم والرئيس في مجال تطوير المخرجات والعمليات الخاصة بالمؤسسة، من جانب آخر فإن مؤسسات الدولة الحكومية، تفتقر إلى عنصر المنافسة، إذ إن مصدر قوتها هو الدولة، والقوانين والتشريعات، ولا تهتم إلى عنصر المنافسة والانتاج ولا تسعى إلى تحقيق أعلى المستويات في نوع المنتج أو الخدمة، ولا تسعى إلى تحقيق رضا الزبون. وهذه من الأسباب التي أدت إلى عدم الإهتمام بالإبداع والتقكير الإبداعي لدى العاملين في المؤسسة، وضعف الإبداع التنظيمي.

لذلك إذا أردنا النهوض بواقع دوائر ومؤسسات الدولة، وكانت هنالك إرادة حقيقية لتنمية المستدامة والإرتقاء بالعمل المؤسسي الحكومي، ينبغي أن يتم إعطاء المجال الإبداعي حيزاً مهما فيها، وذلك لأنه سوف يقدم لها الأفكار الجديدة والمقترحات السديدة التي تعمل على تغيير الإجراءات والآليات المتقادمة المعتمدة في تمشية أمور العمل فيها، والعمل على إستحداث طرق ووسائل حديثة لتسسير العمل، لا سيما ونحن نعيش عصر التطور السريع في مجال تكنلوجيا المعلومات، والإبتكارات الحديثة، التي زادت من سرعة الاتصالات التي يمكن توظيفها على نطاق واسع في دوائر الدولة، نعم قامت بعض دوائر الدولة في العراق في تبني بعض الآليات الحديثة في إجراء المعاملات، وفي أرشفة البيانات والمعلومات، والتي من شأنها أختصرت الكثير من الوقت والجهد، وقللت من معانات المواطن العراقي، كما حدث في مجال إصدار الهويات والبطاقات الوطنية والجوازات، من إدخال الطرق الحديثة في ملى استمارات المعلومات وتقديم الطلبات ألكترونيا.

ومن أجل أن تسير مؤسسات ودوائر الدولة بشكل مستمر في عملية التطوير ينبغي أن يكون هنالك تركيز أكثر على موضوع الابداع التنظيمي، وهو الإبداع الذي يشمل كل مفاصل الدائرة، إذ يشير مفهوم الابداع الاداري إلى تلك النشاطات الإبداعية التى تهدف إلى تحسين العلاقات بين الأفراد والتفاعل فيما بينهم وذلك من أجل إنجاز المهام أو الأهداف المعنية بها الدائرة، ويهتم الإبداع الإدارى بالقواعد والأدوار والإجراءات المتعلقة بعملية الاتصال والتفاعل بين الأفراد ويضمهم أو بين الأفراد والبيئة التى يعملون بها، وبالتالى فإن الإبداع الإدارى هو القدرة على ابتكار أساليب وأفكار جديدة ومغايرة تسهم فى رفع وتنمية الأداء الإدارى داخل الدائرة، ويعد الإبداع الإدارى محاولة التعبير عن فكر متطور يسعى لإحداث تغييرات جوهرية فى طرق وأساليب العمل الإدارى لجعلها أكثر سهولة وكفاءة وفعالية.

وقد أشارت المصادر العلمية إلى وجود نوعين رئيسين من الابداع على مستوى المؤسسة وهو الابداع الانتاجي والابداع العملياتي، إذ يشير الابداع الإنتاجي إلى الابداع الذي يتعلق بالمخرج النهائي الذي تقدمة المؤسسة أو الدائرة، ومن الأمثلة على ذلك تقوم شركات السيارات وبشكل مستمر في عملية تطوير إبداعي لأشكال ومواصفات السيارات التي يتم إنتاجها داخل الشركة، وبالتالي فإن الإبداع في هذا المجال ينصب على المخرج النهائي وهو شكل السيارة ومواصفاتها وألوانها، أما الإبداع العملياتي فوهو الابداع الذي يتم في مجال تطوير العمليات والإجراءات التي تقوم بها المؤسسات، وكمثال على ذلك تقوم الشركات في تطوير أجهزة وآلات تقوم بإختزال الوقت لزيادة كمية الانتاج، ويمكن أن يتم في دوائر الدولة من خلال إبتكار وسائل حديثة لإجراءات العمل في الحفظ والارشفة، وتداول الكتب الرسمية بإستخدام البرامج الألكترونية والبصمة الالكترونية في تثبيت حضور وإنصراف الموظفين.

ويمكن أن ينصنف الابداع التنظيمي على مستويات هي:

الإبداع على مستوى الموظف: وهو الابداع الذي يقوم به الفرد لوحده، من خلال تقديمه للمقترحات والحلول التي تعالج المشاكل التي يتعرض لها خلال العمل، وقد يقوم الموظف بالقيام بشكل مباشر بتطبيق عدد من الأفكار الابداعية على النشاطات والمهام المكلف بها، لغرض تسهيل إنجازها، في الموعد والكيفية المحددة.

الابداع على مستويات فرق العمل: وهو الابداع الذي يتم من خلال العمل الجماعي لفرق العمل، إذ ينبغي أن يقوم رئيس الفريق بإجراءات تحفيزية لباقي أعظاء الفريق من أجل إبتكار حلول وأفكار إبداعية، لإنجاز المهام الموكلة إليهم بشكل متميز.

الابداع على مستوى الإدارة: وهو الابداع الذي يختص بمجال الهمام الإدارية كالتخطيط ووضع الاستراتيجيات والرؤى المستقبلية للمؤسسة، والقرار الإداري، إذ ينبغي أن تمارس الإدارة أيضاً نشاطها الإبداعي في مجال حل المشكلات الإدارية والفنية، وكذلك حل المشكلات بين العاملين لخلق بيئة عمل مناسبة. وأيضاً يجب على الإدارة أن تقوم بمهمة إدارة الإبداع في المؤسسة من خلال وضع خطط وخطوات مناسبة لتحفيز العاملين على تقديم الإفكار الإبداعية التي تنهض بالمؤسسة.

ومن أجل تنمية الابداع في دوائر الدولة، ينبغي على إدارات تلك الدوائر أن تؤمن أبتداءاً بأهمية الإبداع، وأهمية الأرتقاء بعمل الدائرة، ومن ثم تقوم بوضع خطة واضحة ومنظمة لإدارة الإبداع في المؤسسة، وإشراك الموظفين في دورات تدريبية متنوعة الهدف منها تطوير قابلياتهم الإبداعية في العمل، والعمل على خلق بيئة عمل محفزة للإبداع، من خلال القوانين والأنظمة والتعليمات التي تعطي للموظف الحرية والمساحة الكافة في العمل، ووضع برنامج للتدريب خارج البلد، والذي يضيف للموظف الكثير من الخبرات والمهارات غير المألوفة داخل البلد، والحرص على تشكيل فرق العمل المتناسقة والمتنوعة من حيث الأفكار والتخصصات، من أجل الخروج بأفكار إبداعية، وإتاحة الفرصة للموظف للحصول على المعلومات المفيدة من خلال توفير شبكة الانترنت على سبيل المثال، وزيارة المؤسسات الأخرى، والمكتبات، وكذلك تحفيز الابداع الجماعي من خلال إقامة إجتماعات دورية لموظفي الدائرة الهدف منها وضح حلول إبداعية للمشاكل التي تواجه الدائرة وسبل تطوير عملها.

ويمكن تشجيع الإبداع الفردي من خلال إتاحة الفرصة للموظفين كافة في تقديم وإبداء مقترحاتهم حول تحسين آليات العمل والتعامل معها بشكل مهني، وتشجيعهم على الإبداع من خلال الإهتمام بالمبدعين عن طريق التحفيز المعنوي والمادي، كعبارات المدح والثناء، وكتب الشكر والتقدير، والترشيح للإيفادات الخارجية، أو زيادة مستوى المسؤولية.