18 ديسمبر، 2024 8:19 م

تنظير .. في السيرة النبوية

تنظير .. في السيرة النبوية

الموضوع : تعرضت السيرة النبوية لرسول الأسلام محمد ، الموضوعة من قبل أبن أسحق ” محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار( 80 – 151 هج ) – مؤرخ إسلامي وكاتب للسيرة النبوية باللغة العربية ومحدث ” .. للكثير من النقد واللغط ، ولهذه الأمور وغيرها ، جعلت مصداقية هذه السيرة مشكوك في صحتها ! . ولكن هذه السيرة بالرغم من كل ذلك ، كانت المرجع الرئيسي لكل السير النبوية التي كتبت لاحقا . * قد أستحوذ على سيرة أبن أسحاق فيما بعد ، أبن هشام المتوفى 218 هج ، الذي هذبها ونقحها ، ورفع عنها التدليس / ( ولا شك أن ابن إسحاق في سيرته التي وصلتنا من خلال ابن هشام يبقى أكبر وأوسع مصدر للسيرة . وما من إمام كتب في السيرة إلا وكان ابن إسحاق عمدته . لكني أضفت جديدا ، هو محاولة توثيق روآيات ابن إسحاق التي تعتمد السند ، وتعتمد تصريح ابن إسحاق عمن حدث عنه . فيرتفع ” التدليس ” ، وتصبح الحادثة موثقة بشكل أكثر / نقل من مقال ، فقه السيرة النبوية – لمنير الغضبان ) .. أما السيوطي فبين ( عن أبن أسحق في – أسماء المدلسين : أنه ” كثير التدليس ” ويعرف بالإمام ) . علما أن نسخة أبن أسحق الأصلية مفقودة ، فقد أفاد – ماجد الحمدان في مؤلفه ” دائرة الأفكار 2 ” ما يلي : ( يبين المؤلف أن أبن هشام بنا سيرته علي سيرة أبن أسحق المفقودة ) .
* كما أتهم أبن أسحق بالكذب أيضا ( وجِّهت عدد من الانتقادات اللاذعة لابن إسحاق . كان هشام بن عروة بن الزبير أول من شكك في الأمانة العلمية لابن إسحاق عندما اتهمه ” بالكذب ” في نقله بعض الروايات عن فاطمة بنت المنذر ، زوجة هشام . وكان الإمام مالك بن أنس المتوفى 179هـ هو ثاني المشككين في سيرة أبن إسحاق . يذكر شمس الدين الذهبي المتوفى 748هـ في كتابه « سيّر أعلام النبلاء » أن ابن إسحاق كان ينتقد أحاديث مالك ، وأنه كان يقول لأصحابه « هاتوا حديث مالك فأنا طبيب بعلله » ، وكان يقول في أوقات أخرى « اعرضوا علي علم مالك فإني بيطاره » ، مالك رد بقوة على تلك الانتقادات ، إذ قال : « ما ابن إسحاق ؟! إنما هو ” دجال ” من الدجاجلة ، نحن أخرجناه من المدين / نقل بأختصار من مقال منشور في موقع أضاءات ، بعنوان ” السيرة النبوية لابن إسحاق ” لمحمد يسري أبو هدور ) .

* كما أن أبن أسحق غير معروف دينه ، بل مشكوك فيه ، حيث أن أصوله مسيحية ( حيث كان جده يسار عربيًا مسيحيًا ، من سبي عين تمر سنة 12 هـ ، وأن قائد المسلمين خالد بن الوليد لمّا دخل إلى المدينة وجد أن أربعين غلامًا كانوا قد تجمعوا داخل الكنيسة ، وأنهم كانوا يعكفون على دراسة الإنجيل . وقد أرسل يسار / جد محمد بن أسحق ، مع الأسرى اللآخرين إلى المدينة ، ويقال أنه أسلم ! ؟ . / بن عساكر – تاريخ دمشق : الويكيبيديا ) ..

* وتأسيسا للسيرة النبوية لمحمد بن أسحق ، ألفت العشرات من السير النبوية اللاحقة ، منها : مغازي الواقدي توفي 207 هج ، الشمائل المحمدية للترمذي ط إحياء التراث توفي 279 هج ، جوامع السيرة ط العلمية توفي 456 هج لأبن حزم .. وذلك لأن سيرة أبن أسحق ، هي المصدر الوحيد ، بنسخة أبن هشام المهذبة والمنقحة ! .

التنظير : من الواضح ، مما أسلفت أن أبن أسحق ، أتهمه البعض ، بانه : كان مدلسا ، دجالا ، كذابا وقالوا أن نسبه الديني هو المسيحية ، حتى أن بعض المصادر تقول أن أمه يهودية ، أذن ما بني على باطل فهو باطل ، بمعنى أخر ، أن أي مصدر كتب من مصدرغير موثوق به فهو لا يعتد به ! .. لأجله لدي بعض التساؤلات : 1 . كان من المنطقي أن يكتب سيرة محمد صحابته ، لأنهم الأقرب والأعلم به ، وبحياته العامة / غزواته وخلافاته وأحاديثه .. ، وبحياته الخاصة ، كعدد زيجاته وأمائه وعبيده .. ، وهولاء الأشخاص ك أبو بكر وعمر وعلي .. وباقي التابعين المقربين ، ولكن يظهر أن الذين ذكرتهم شغلتهم : حروب الردة والغزوات والسبي والغنائم وواقعة ما بعد مقتل عثمان وما جرى بعدها من قتال الصحابة والمسلمين مع بعضهم البعض ، وكل ذلك من أجل السلطة والمال .. لذا كتبت السيرة بعد قرنين من الزمن من أناس لم يلتقوا حتى بأحفاد أحفاد تابعي التابعين ، لأجله جاءت السيرة هلامية هشة ..

2 . والتساؤل لم لم يحاول زيد بن ثابت ( 12 قبل الهجرة – 45 هجرية ) مثلا ، كتابة سيرة نبيه ، وهو ذو مكانة عالية ، وجاء بصدده في موقع / قصة الأسلام ( تألقت شخصية زيد وتبوأ في المجتمع مكانا عالي ، وصار موضع احترام المسلمين وتوقيرهم ، كما قال ثابت بن عبيد عن زيد : ” ما رأيت رجلا أفكه في بيته ، ولا أوقر في مجلسه من زيد”. عن عام قال : كان زيدا مثقفًا ، يتابع القرآن حفظا ، ويكتب الوحي لرسوله ، ويتفوق في العلم والحكمة ، وحين بدأ الرسول في إبلاغ دعوته للعالم الخارجي ، وإرسال كتبه لملوك الأرض وقياصرته ، أمر زيدا أن يتعلم بعض لغاتهم فتعلمها بوقت وجيز ، منها السريانية ) . وفي مرجع أخر ( قال الترمذي : عن زيد بن ثابت ، قال : قال لي رسول الله ، إنه يأتيني كتب من ناس لا أحب أن يقرأها أحد . فهل تستطيع أن تعلم كتاب العبرانية ، أو قال : السريانية ؟ فقلت : نعم .قال : فتعلمتها في سبع عشرة ليلة / نقل من موقع الشعاع الأسلامي ) / علما أن تعلم لغة ب 17 يوما أمرا غير منطقيا ، ألا أذا كان له خلفية باللغة السريانية ! .. وممكن أن نرجع عدم أهتمام محمد بكتابة السير ، لأنه لم يطلع على أي سيرة ، أو لم يطلعه أصحابه / ومنهم زيد ، على هكذا أمور . حيث كان همه نشر الدعوة وبسط النفوذ على القبائل وما يتبع ذلك من سبي وغنائم .

3 . وذات الأمر ينطبق على أبن عباس (( وهو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي ، (3 ق هـ / 68 هج ) صحابي جليل ومحدث وفقيه وحافظ ومُفسِّر ، وهو ابن عم النبي محمد ، وأحد المكثرون لرواية الحديث ، حيث روى 1660 حديثًا عن الرسول ، ولهُ في الصحيحين 75 حَدِيثًا متفقا عليها . لازم عبد الله بن عباس النبي وروى عنه ، ودعا له النبي قائلًا : “ اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ” ، وقال أيضًا : “ اللهم علمه الكتاب ، اللهم علمه الحكمة ” ، توفي النبي وعمره ثلاث عشرة سنة ، فكان يفسّر القرآن بعد موت النبي ، حتى لُقِّب بـ حّبر الأمة وترجمان القرآن ، والحبر والبحر / نقل من موقع أسلام أون لاين )) ، ويعتبر أبن عباس من أقرب المقربين لمحمد ، وبأعتباره بحرا وحبرا من المعرفة .. ألم يخطر بباله كتابة سيرة أبن عمه – محمد رسول الأسلام .

نظرة : من كل ما سبق ، هل يعني هذا ، أن معظم أو أغلب ما كتب عن رسول الأسلام هو مغاير للحقيقة ! ، وأن كان الأمر كذلك ، فأنه سيقودنا الى بروز شخصية أخرى لمحمد ! ، وحتى نكون منطقيين ، أنه ليس من المعقول ، أن كل ما كتب كان بعيدا عن سيرة محمد ! . من جانب أخر ، أرى أن الحوادث والوقائع والأحداث .. لا تكون دقيقة أذا دونت بعد قرنين من الزمن ! ، ومن أشخاص ليسوا من سلالة الشخص المتكلم عنه / أي محمد ، وحتى لو كانوا من سلالته ، فأن الوقائع لا تكون متحققة فعليا ( وذلك لمرور فترة زمنية طويلة على وقوعها ، ولا يوجد أي تدوين موثق يؤيد الأحداث والوقائع في تلك الحقبة ) ، وذلك لتغير الظروف الزمكانية ، ولتأثر الكاتب بالوضع الأجتماعي والسياسي والسلطوي / الحاكم أو الخليفة أو الأمير .. لآجله أرى شخصيا ، أنه من الضروري الرجوع الى نسخة سيرة أبن أسحق المفقودة ، قبل تهذيبها من قبل أبن هشام ( ويمكن أن تكون النسخة المفقودة ، أنها خفيت عمدا ! من أحدهم ، أو أن يكون قد غيبها أبن هشام ذاته ) ، لأنها ستعطينا مؤشرات أخرى غير ما روي عن محمد . وبهذا يمكننا أن نقارن بين النسخة الأصل / لأبن أسحق ، وبين النسخة المعدلة / لأبن هشام وباق نسخ السير ، وذلك من أجل التعرف على صورة أوضح لشخصية محمد ، وهذا أضعف الأيمان .