23 ديسمبر، 2024 12:48 ص

تنصيب بطريركا جديدا لكنيسة المشرق الاشورية والمهام المرجو من قداسته

تنصيب بطريركا جديدا لكنيسة المشرق الاشورية والمهام المرجو من قداسته

رسميا في تاريخ 8- أيلول 2021 تم بعد انعقاد المجمع المقدس لأحبار (كنيسة المشرق الاشورية) في العالم بحضور جميع أبرشيات الكنيسة في كل دول العالم؛ والذي عقد في مقر كرسي البطريركية المتواجد في (العراق – مدينة اربيل – عنكاوا) في كنيسة (مار يوخنا المعمدان) انتخاب الأسقف (مار أوا روئيل) بطريركا جاثليقا للجلوس على كرسي ساليق قطيسفون؛ ليتم تسميته (مار أوا الثالث روئيل) الكرسي ألرسولي المقدس للكنيسة التي تأسست منذ القرن الميلادي الأول للمسيحية في هذه الأرض المباركة (العراق)؛ بعد حصوله على غالبية الأصوات، وهو الذي كان يشغل منصب أسقف غرب (أمريكا) ليكون بطريركا للكنيسة (المشرق الاشورية)؛ والذي يأتي تسلسله من اعتلاء هذا المنصب من سلسلة البطريركية الذين اعتلوا هذا المنصب في تاريخ كنيسة (المشرق الاشورية) هو (المائة والثاني والعشرين) خلفا لقداسة البطريرك (مار كيوركيس الثالث صليوا) الذي قدم استقالته العام الماضي 2020 لأسباب صحية – ونتمنى له الشفاء العاجل – بعد خدمة استمرت لـ(ستة) أعوام، وفي يوم الاثنين المصادف 13- أيلول 2021 تمت مراسم التنصيب في كاتدرائية القديس (مار يوخنا المعمدان) في (العراق – اربيل) بحضور جميع أباء الكنيسة وممثلي الكنائس الشقيقة ومسئولين في حكومة إقليم (كردستان) وجمع خفير من أبناء شعبنا (الاشوري) في (العراق) ومن الذين قدموا من دول العالم للمشاركة في هذا الحدث؛ ومن ملفت للانتباه بان في هذه المراسم لم يحضر أي وفد رسمي من (رئاسة الجمهورية) أو من (الحكومة العراقية) في (بغداد) وربما يعود ذلك إلى سوء التنظيم من قبل الإدارة المشرفة لهذه المراسم .

 

 

السيرة الذاتية للبطريرك الجديد

 

 

والبطريرك الجديد (مار أوا الثالث روئيل) هو أسقف (كنيسة المشرق الاشورية) كان يترأس أبرشية (كاليفورنيا)، حيث ولد في عام 1975 بمدينة (شيكاغو – إلينوي في الولايات المتحدة الأمريكية)؛ والده هو المرحوم (كورش إيزاريا روئيل) ووالدته المرحومة هي (فلورنس أويقام شموئيل خان)، وهو أول أسقف (أمريكي المولد) لكنيسة (المشرق الاشورية)؛ أكمل دراسته الإعدادية في الفترة 1989 – 1993، حصل على درجة البكالوريوس من جامعة (لويولا في شيكاغو ) عام 1997 واستمر في الحصول على درجة البكالوريوس الثانية في اللاهوت المقدس من جامعة (سانت ماري أوف ذا ليك) في عام 1999؛ وحصل لاحقا على الرخصة والدكتوراه في اللاهوت المقدس من الجامعة البابوية الشرقية في (روما).

والبطريرك الجديد الدكتور (مار أوا الثالث روئيل) انخراط بعد شغفه بتعاليم (كنيسة المشرق الاشورية) منذ السن المبكر ليرُسم شماسا على يد البطريرك (مار دنخا الرابع) وهو في سن ستة عشر عام في كاتدرائية (مار كوركيس) في (شيكاغو)، وفي مدينة (موندلين – الينوي) رسم كاهنا في (23 آيار 1999( على يد البطريرك (مار دنخا الرابع) أيضا، وفي عام 2008 رُقي إلى رتبة أسقف وتم رسامته أيضا من قبل البطريرك (مار دنخا الرابع)؛ حيث أقيمت مراسم الرسامة آنذاك في كنيسة القديسة (زيا) في (موديستو – كاليفورنيا).

 

نشاطات ومحاضرات البطريرك الجديد قبل رسامته

 

والبطريرك الجديد الدكتور (مار أوا الثالث روئيل) حين كان أسقفا قدم العديد من المحاضرات في التوعية والتثقيف في كل زياراته التفقدية لأبناء أمته في أبرشيات (كنيسة المشرق الاشورية) في كل مدن العالم لزيادة الوعي بمرحلة التي تمر على الأمة (الاشورية) وخاصة القاطنين في الشرق الأوسط لظروف استهدافهم من قبل التنظيمات الإرهابية، وفي عام 2014 ألقى كلمة في افتتاح في قمة الدفاع عن المسيحيين الذي أقيم في (واشنطن العاصمة الأمريكية).

كما كانت لقداسته محاضرة قيمة عن دور (كنيسة المشرق الاشورية) في التبشير في (الصين)؛ ففي الشهر العاشر من عام 2010 ألقاها في كلية (شنك شا) لجامعة (هونغ كونغ الصينية)، تناولت المحاضرة العلاقة بين مسيحي (الصين) والكرسي ألبطريركي (الاشوري) في بلاد ما بين النهرين، ومدلولات نصب (كنيسة المشرق) في (الصين) الذي شيد لمناسبة مرور مائة عام على حمل بشارة (الإنجيل) إلى المنطقة؛ كما وسلط الضوء على دخول مبشري كنيسة (المشرق الاشورية) إلى المنطقة على شكل دفعات متعاقبة وطبيعة علاقتهم مع الإمبراطور (تاي تسونغ – مؤسس سلالة تانغ 618– 907 م)؛ متطرقا إلى مراسم التسامح مع المسيحية التي أعطيت لهم بكل حرية؛ وتكرار هذا الفعل بتعاقب الحكم؛ ثم تحدث بإسهاب عن الدفعة الثانية من مبشري الكنيسة الذين دخلوا (الصين) عام 744 م؛ وما تعرضت له الكنيسة من قمع بصدور أمر إمبراطوري بإبادة (البوذية) إلى جانب كل معتنقي المسيحية في مناطق (الصين) الداخلية؛ وادي ذلك إلى تدمير أكثر من ألفين دير وكنيسة ومعبد، وسجلت كنيسة (المشرق الاشورية) دخولها التبشيري الثالث إلى (الصين) عام 980 م ؛ التي نجحت في نهاية هذه الألفية في تحويل مائتان ألف (تتري) مع أمرائهم إلى إيمان بكنيسة المسيح؛ ثم تحدث الأسقف (مار أوا الثالث روئيل) – آنذاك – عن لاهوت وعقائد المبشرين في (الصين) كما دونت في مخطوطات التي اكتشفت على يد العالم الفرنسي (بيلوت)، وفي ختام المحاضرة شكرا (الجامعة الصينية) عن دعوتهم لإقامة القداس حسب طقس (مار اداي ومار ماري) في (هونغ كونغ) لإحياء ذكرى تبشير كنيسة (المشرق الاشورية) في (الصين) حيث ترأس نيافة الأسقف آنذاك (ما آوا روئيل) والقس (جينارد لازار) و(الشماس الن يوسف) القداس في الكنيسة التي تقع في فناء المعهد ويذكر بان القداس حضره جمع من الدارسين والمهتمين بهذا الحدث بعد فترة انقطاع لكنيسة (المشرق الاشورية) عن (الصين) دامت قرابة 600 عاما.

وهناك الكثير من المواقف المشرفة سجلت إيجابا في مسيرة البطريرك (مار أوا الثالث روئيل) وبما عرف عنه مناصر ومدافعا عن تطلعات الأمة (الاشورية) في الحرية وحق تقرير المصير على أراضي الأمة (الاشورية) في (وادي الرافدين – العراق)؛ وبأنه سيسير على خطى أسلافه في الدفاع عن الحقوق القومية والتمسك بالثوابت التاريخية للأمة (الاشورية) كما كانت البطريركية (الاشورية) تسير عبر تاريخها، لذلك فان (الاشوريين) في كل أنحاء العالم يتطلعون من انتخابه بكونها لحظة تاريخية لتجديد العهد والمضي قدما بالبطريركية بكونها موقعا دينيا وقوميا (اشوريا) تحرص في تحمل مسؤولياتهم التاريخية في دفاع عن مقدسات الأمة وتاريخها وحضارتها العريقة (الحضارة الاشورية)؛ بتعليم الأبناء وتربية الأجيال القادمة لغة الأم (الاشورية) وعراقتها للحفاظ على كيان الأمة؛ باعتبار (اللغة الاشورية) هي هوية الأمة القومية ومسؤولية الكنيسة هي توعية أبناء الأمة بأهميتها والاحتفاظ بارثها؛ وهذا لا يأتي ما لم تباشر الكنيسة إضافة إلى دورها في تقوية الإيمان المسيحي في روح الأبناء وتعزيز قيمها الأخلاقية في ذات الفرد؛ فلها دور إضافي لا يقتصر على ذلك فحسب؛ بكون (كنيسة المشرق الاشورية) مولودة من جسد (الأمة الاشورية) ومن بيئتها ومن هذه القومية (القومية الاشورية) لذلك يترتب على الكنيسة وكهنتها والمنتمين إليها صناعة (الوعي القومي) في ضمير ووجدان ابناء الأمة (الاشورية) لإيقاظ الوعي بما يدور حولهم ولمعرفة الدور الذي يجب القيام به من قبل كل فرد من أفراد الأمة (الاشورية) لتغيير واقع الأمة نحو الأفضل .

 

البطريرك الجديد مطالب التمسك بالثوابت (الأشورية) والقومية للبطريركية وفي توعية أفراد المجتمع الاشوري وعلى توحيد فرعي الكنيسة كنيسة المشرق الاشورية والكنيسة الشرقية القديمة

 

فالكنيسة (كنيسة المشرق الاشورية) لها مهام ودور فاعل في (التوعية)؛ بكون (التوعية) هو ما يملكه الفرد من وجهات نظر وأفكار ومفاهيم تتعلق بالحياة وبكل ما يحيط في بيئته؛ ليتم إيقاظ الفرد وإدراكه ما هو صحيح وما هو خاطئ لكي يدرك الأمور بشكلها الحقيقي دون تزيف أو مخالطة أو تضليل لكي يستطيع الفرد بناء مستقبله ومستقبل الأمة بناءا سليما، لان أعداء الأمة وأعداء (كنيسة المشرق الاشورية) يحاولون بشتى الوسائل تغيب وتضليل الوعي عند الفرد (الاشوري)، لذلك يتطلب من البطريرك الجديد الدكتور(مار أوا الثالث روئيل) التمسك بالثوابت (الأشورية) والقومية للبطريركية (الأشورية) وكما عرف عنها عبر التاريخ، بكون موقعه الديني والقومي (أشوريا) مهم ومهم جدا؛ وبان البطريرك الجديد سيتحمل عبئا إضافيا لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقة ويتطلب مزيد من الصبر والمثابرة والعمل الجاد بطرح أفكارا جديدة والعمل على توحيد وتقريب الرؤى بين الطوائف (الأشورية) لان طموحات وأحلام الأمة مازالت قائمة على وحدة الأمة (الاشورية)؛ فالمطلوب من قداسة البطريرك (مار أوا الثالث روئيل) ان يبذل كل مساعيه نحو التخطيط والعمل الجاد لتوحيد فرعي الكنيسة (كنيسة المشرق الاشورية) و(الكنيسة الشرقية القديمة) بعد انفصال دام أكثر من ستين عام، ومن ثم السعي لخلق توازنات ولم الشمل بين الأجنحة المنفصلة عن الكنيسة (المشرقية) الأم، من اجل المحافظة على وحدة الأمة (الاشورية) بهويتنا (الاشورية)؛ ليتم تحقيق وحدة فرعي (كنيسة المشرق) من أجل منفعة أبناء الكنيسة والعمل على إيجاد حل للقضية (الاشورية) وهجرتهم ليتم عودتهم بما تؤمن لهم حياة مستقرة بأمن وسلام إلى الوطن، حتى يكونوا صفا واحدا في مواجهة الأعداء والمطالبة بالاستحقاقات الوطنية التي تؤمن لهم مستقبل مشرق بالأمن والأمان والاستقرار وحق تقرير المصير، بكون كرسي البطريرك هو الراعي الأول لمصالح الأمة (الاشورية) يصغي لشعبه ويقود مسيرتهم بما هو خير للأمة (الاشورية) أينما كانوا، كما سيكون – من دون شك – الراعي الأمين للإرشاد ألرسولي، وهذا فعلا ما أكده في كلمته الأولى التي ألقائها اثر اعتلاء منصبه البطريركية، وبأنه سيتحمل مسؤولية الإرشاد وتقديم النصائح والحب والتسامح والتضحية من اجل تقارب وجهات النظر لمضي قدما؛ وقد اقتبس الكثير من الحكم والإرشاد من الكتاب المقدس (الإنجيل) وانه سيواصل مسيرة التي ساروا عليها من سبقوه في هذا المنصب؛ والذي كانوا لهم دورا بارزا في قيادة مسير النضال والكفاح والاستشهاد مع أبناء الأمة (الاشورية) الذين كانوا يدافعون عن حقوقهم القومية وفي حق تقرير المصير والحرية، فهؤلاء الأبطال الذين خلدهم التاريخ قد جاء نتيجة صمودهم في أحلك الظروف مع كنيستهم (كنيسة المشرق الأشورية) حيث استشهد مع من استشهد من أبناء امتنا ومن بطاركة ومطارنة وأساقفة وكهنة؛ وما زالت هذه المأساة مستمرة إلى يومنا هذا تضرب بأبناء امتنا في (العراق) و(سوريا) و(لبنان) و(تركيا) و(إيران)؛ وما زلنا نشهد موجات نزوح وهجرة تتفاقم بين حين وأخر هنا وهناك، وهنا نقتطف مقطعا بما قاله غبطة البطريرك (مار أوا الثالث روئيل)؛ حيث قال قداسته :

((…إن دور الكرسي ألبطريركي ألرسولي هو رمز إلى الوحدة القومية وان دور البطريرك كما كان في الزمن الماضي لخدمة أمتنا (الاشورية) في جميع الظروف السياسية المختلفة والتي تطلب الكثير من التضحية؛ ونحن لنا كل الفخر بأبناء امتنا في هذه المرحلة وهم يبرزون اهتمامهم ونشاطهم في الحقل السياسي في الحياة اليومية لأمتنا في كل البلدان التي نعيش بها وأنا فخور بذلك وسأحاول بكل جهد تقوية الأواصر للعمل المشترك؛ وكما سأواصل العمل في مسيرة البطريركين السابقين؛ قداسة البطريرك الراحل (مار دنخا الرابع) وقداسة البطريرك (مار كيوركيس الثالث صليوا)، كما اطلب من مؤمنينا بكنيستنا على أهمية احترام قوانين البلدان التي يعيشون بها، وعلى ضرورة أن تكون قوانين البلدان مساوية للجميع؛ وعلى الحكومة إن تولي اهتمامها بالوجود المسيحي في (العراق) دينيا وقوميا؛ وان الكنيسة ستساهم في تطور البلد وعلى أهمية نشر المحبة والسلام بين جميع مكونات (العراق)، كما يتطلب منا مواصلة الحوار مع الكنائس الأخرى والعمل بالنهج الذي أرساه قداسة البطريرك الراحل (مار دنخا الرابع) وتابعه قداسة البطريرك (مار كيوركيس الثالث صليوا) في الحوار مع الكنائس الأخرى…)) .

وباعتبار غبطة البطريرك (مار أوا الثالث روئيل) الرجل المسئول عن رعيته وعليه واجب تنبيه أبناء الأمة (الاشورية) بمختلف فئاتهم العمرية عن مدى خطورة تزيف الوعي الذي مارسه ويمارسه أعداء الأمة على مر التاريخ لتغيير بنية المجتمع (الاشوري) وهويتهم القومية (الاشورية) وديانتهم (المسيحية) والتأثير في عقول الإفراد وتضليل وعيهم عن الحقائق التي تخص صلب تاريخ الأمة وحضارتها؛ لان الأمة (الاشورية) تعرضت منذ سقوط الدولة (الاشورية) في 612 قبل الميلاد؛ إلى موجات استهداف خطرة وتعرضت لهزات وويلات كثيرة ولا تزال تتعرض إلى يومنا هذا إلى موجات عنف متكررة من الاضطهاد والتميز والتهجير ألقسري وعبر كل الأنظمة التي توالت على حكم (العراق) والمنطقة؛ وعلى شتى مستويات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية؛ بدءا بما يتعلق بشؤون الدين والعقيدة وانتهاء بإصدار الفتاوى وبما يتعلق بأمور الأحوال الجنسية؛ ليجبروا إكراها بالقبول والرضوخ بأمر الواقع وبأمور بعيدة عن معتقداتهم وطقوسهم الدينية المسيحية؛ بكونهم ظلوا في المجتمع الذي يعيشون فيه الحلقة الأضعف في كل ميزان وميدان، لتظل الأمة (الاشورية) طوال هذه الحقبة تدفع ضريبة قاسية لهذا التمييز بتغييبها قصدا وعبر كل أساليب القمع والاضطهاد؛ وصلت حد التلاعب بـ(وعي الأمة) وتزيفه وبطرق قسرية، لذلك فان الأمة اليوم أحوج ما تكون إلى بناء (الوعي) وصناعه؛ لان بناء (الوعي) صناعة ولابد لنا إن نجيد هذه الصنعة لنعيد للأمة ريادتها بين الأمم والشعوب الأخرى، ومن هذه الحقيقة يتطلب من غبطة البطريرك الجديد الدكتور (مار أوا الثالث روئيل) إن يركز اهتمامه بكونه رجل أكاديمي ويحمل شهادة عليا قبل كونه اليوم في سدة رئاسة كرسي البطريركية للكنيسة (المشرق الاشورية) فدور غبطة البطريرك هنا تكمن في مدى تفاعله وتأثره مع قضايا مجتمعنا (الاشورية) في المرحلة الراهنة مدركا حجم المسئولية التي وقعت على كاهله؛ ليحمل في رقبته أمانه الإرشاد والوعي ومصير الأمة ساعيا ومجاهدا لبناء مجتمعنا (الاشوري) بطرح الأفكار والنقد ورفض لأي تجاوزات من قبل أعداء الأمة على موطنين امتنا وحقوقنا القومية والدينية في كل المواقع وأينما كانوا؛ لتتملكه الغيرة على شعبه ويحارب أي آفة فكرية تصيب ثقافة مجتمعه أو أي قرار سياسي يضر بمصالح أمته؛ بان يركز اهتمامه برفع منسوب (الوعي) في توجهاته للرعية؛ لان بناء الأمة (لا) يكون بالتمني والخزعبلات وإنما تبني بالإرادة وبالضمير الحي يدفع للبناء بالعقل والعمل بصدق ووعي وأمانة وإخلاص؛ ويكون دور غبطته صناعة وخلق (الوعي) وتشكيله في شخصية وثقافة أبناء الأمة؛ وعليه دور في تعزيز هذه المفاهيم في الاسره ثم في مدارسنا القومية ومؤسساتنا المدنية والقومية، لان (الوعي) يعتبر ركيزة تقدم الأمة وتطورها ولها دور في تنشيط دور الفرد ورفع من شانه والنهوض به لنهضة الأمة؛ لان (الوعي) هو الذي يطور ذات الفرد ويخلق فيها إبداعات تعود لصالح الجميع؛ لان – كما قلنا – بان (الوعي) صناعة ويجب تسخير كل الكفاءات والطاقات لاستثمارها في بث الثقافة والعلم والمعرفة وتنوير أبناء الأمة بمقومات وجودهم من (اللغة) و(الفكر القومي) الهادف وذلك بالرجوع إلى قواعد وأصول المفكرين والأدباء والأساتذة من الشخصيات التاريخية للأمة (الاشورية) لأخذ النبع من مصدره لإمداد أبناء الأمة بكل مقومات النهوض ورفع مستوى الوعي عندهم لمواكبة تطورات العصر والأخذ بها في جميع المجالات الحياة؛ ليتم تحصين هوية الأمة وثقافتها بعمقها الحضاري في أذهان أبناء الأمة وبمختلف اتجاهات الفكرية ومساراته؛ ليتم تطوير وعي الأمة تطويرا معاصرا للارتقاء بالفرد والأسرة؛ لان الإصلاح يبدأ من أصلاح النفس والارتقاء بها بعد حقبة التي أصابت العقول نوع من التكلس وتشوهات نتيجة الاضطهاد المستمر؛ لذلك فان دور الكنيسة اليوم يتطلب بناء الفرد لبناء اسر محصنة في المجتمع لكي نعزز في ذات الفرد وأسرته قيم القومية لكي يستطيع الدفاع عن حرية وكرامة الأمة وحقها في تقرر المصير؛ كما يدافع عن نفسه لنسف مرتكزات التخلف والاستبداد التي أحاطت بالأمة (الاشورية)، لان العمل من أجل نهضة الأمة وتقدمها يشمل كل جهد يعود بالنفع عليها والاهتمام بقضايا الأمة؛ لان أزمة الأمة ليس بسياسيها بقدر ما هي بمفكريها ونخبها وان غبطة البطريرك الجديد (مار أوا الثالث روئيل) هو من هذه النخب التي عليها بذل جهد لزيادة وعي الأمة بكل الوسائل والاستفادة من تجارب الشعوب الناجحة والبناء عليها .

 

البطريرك مطالب بالعمل على الوحدة الوطنية والعيش المشترك وان يشارك في كتابة القوانين وإصدار مواقفه بما يحفظ حقوق الأمة الاشورية في العراق

 

والأمة (الاشورية) اليوم تتطلع لقداسة البطريرك إن ينجح في مهامه برعاية شؤون الأمة (الاشورية) وبنائها بناءا سليما من خلال إبقاء الصرح ألبطريركي في موقعه القومية والديني جامعا لـ(لأشوريين) وان يباشر مهامه للحفاظ بالعمل مع أبناء الوطن والمسئولين في الدولة (العراقية) على الوحدة الوطنية والعيش المشترك وان يشارك في كتابة القوانين وإصدار مواقفه بما يحفظ حقوق الأمة (الاشورية) في الوطن (العراق) وان لا يهمش نفسه باعتبار ذلك تدخلا في الشؤون السياسة؛ كلا نحن أيضا لا نريده إن يتدخل في السياسة لان لنا أحزاب (اشورية) رصينة تتطلع لهذا المقام بكل جهد وجد؛ ولكن من واجبه إن يكون حاضرا ومرشدا لما هو خير لأمة (الاشورية)؛ لان قوة (الأحزاب الاشورية) تتقوى أكثر وأكثر حين يكون حاضر ومساندا لهم؛ وهي تضعف بحالة تقوقعه وانزوائه، لان الكل معا سيكملون الطريق بالأفكار والثوابت والمبادئ السامية لقوة الأمة وبنائها لكي تستطيع الأمة إن تصل بأفضل ما يكون إلى شاطئ الأمان والسلام، لان قداسته في هذه المرحلة التي تمر بها امتنا (الاشورية) من استهداف على هويتها (المسيحية) و(القومية) وإجبارهم إلى النزوح والهجرة وترك مواقع سكناهم وقراهم تحت تهديد الإرهاب والميلشيات المسلحة؛ يتحتم عليه القيام بمسؤوليات إضافية دينيا وقوميا ووطنيا؛ من اجل إزالة الظروف الطارئة التي تصيب أبناء امتنا في (العراق) والعمل مع الجهات الحكومية للحفاظ على الوحدة الوطنية وفي العيش المشترك دون تميز وتصنف المواطنين وفق درجات ووفق أسس دينية وقومية وطائفية مقيته؛ والعمل بجد وجهد من اجل أحلال السلام والأمان في (العراق) والشرق الأوسط والعالم بأسره .

 

البطريرك لا يتحمل وزر غياب التنظيم والتقصير الذي حدث في مرسم التنصيب من عدم حضور أي وفد من رئاسة جمهورية العراق أو من الحكومة العراقية.. أو ما حدث حين تم تجاهل بتعمد حضور وفد الكنيسة الشرقية القديمة من مراسم التنصيب

 

ولما كانت الأمة (الاشورية) تواجه اليوم تحديات خطيرة في استمرار نزيف الهجرة من (العراق) و(الشرق الأوسط) بما تلاقيه الأمة في الداخل من التميز والاضطهاد يقع على عاتق البطريركية تحمل مسؤوليات إضافية وجهد ومثابرة وإيجاد حلول لأوضاع (الاشوريين) الغير المستقرة في البلاد (العراق) والعمل على تنمية الفهم الحقيقي لماهية وجوهر القضية من (الحكومة العراقية) التي يأخذ عليها بعدم حضور أي جهة حكومية (عراقية) من (بغداد) رفيعة المستوى في حفل التنصيب، وهذا إن دل على شيء دل إما على التهميش أو رغبة في إقصاء دورها في العراق………………!

…………….؟

وننمى إن لا يكون عدم حضور والمشاركة للرئاسة الجمهورية أو للحكومة (العراقية) خلفها أسباب (سياسية)؛ بقدر ما نتمنى إن يكون أتي من سوء الإدارة وخلل في التقصير والتنظيم من قبل العاملين في تنظيم مراسم الرسامة والتي أشرفت على تنظيمها العاملين من رجال الدين في كنيسة (المشرق الاشورية) في (اربيل)، علما بأنه تم تسجيل موقفا أخر سلبيا لجهة المنظمة لمراسم التنصيب حين تم تجاهل عمدا ذكر اسم وحضور كنيسة (الشرقية القديمة) في وقت الذي تم ذكر كل أسماء غبطة البطاركة المشاركين في مراسم التنصيب وتجاهل ذكر اسم (الكنيسة الشرقية القديمة) والتي حضرها نيافة المطرافوليط (مار يعقوب دانيال) مطران (استراليا ونيوزلندا) والقائم بإعمال البطريركية للكنيسة (الشرقية القديمة) والذي أناب عن البطريرك (مار ادي الثاني) بطريرك (الكنيسة الشرقية القديمة) في العراق والعالم؛ بسبب مرضه – ونتمنى له الشفاء العاجل – والذي كان جالس في الصف الأمامي وإمام أنظار المتحدث باسم كنيسة (المشرق الاشورية) وتم تجاهل حضور نيافة المطرافوليط (مار يعقوب دانيال) لحضوره هذه المراسم وشكره؛ وهو كان قادما من (استراليا) كما فعل مع الآخرين من المطارنة الذين حضروا هذه المراسم، أليس في هذا التجاهل ما يجعلنا ويجعل كل أبناء امتنا (الاشورية) التي تسعى وتتأمل إلى وحدة الكنيسة بين كنيسة (المشرق الاشورية) و (الكنيسة الشرقية القديمة )؛ إن نتساءل عن أسباب هذا التجاهل ……………..!

……………..؟

علما بان نيافة المطرافوليط (مار يعقوب دانيال) قدم احتجاجا عن ذلك، وهنا يجب على غبطة البطريرك الجديد (مار أوا الثالث روئيل) ان يتدارك ذلك ليعالج هذه المسائلة بروح من التآخي والمحبة لإزالة أي التباس قد يؤخذ لهذا الطرف أو ذاك، ليتم توضيح ذلك سواء من قبل الحكومة أو من قبل كنيسة (المشرق الاشورية)؛ لكي يتم وضع النقاط على الحروف ولكي لا نذهب بعيدا في التحليل لهذا الموقف، لان تواجد كرسي البطريركية لكنيسة (المشرق الاشورية) في (العراق) هو موجود أساسا تحت (علم العراق)؛ ومن واجب الدولة (العراقية) رئاستها وحكومتها رعاية مثل هكذا حدث؛ الذي يتم تحت (علمها) إما بحضور رئيس الدولة أو رئيس الحكومة أو من ينوب عنهما؛ وإن كانت المراسم تجرى وفق طقوس الكنيسة في مدينة (اربيل) لوجود كرسيها هناك؛ علما بان مدينة (اربيل) مدينة (عراقية) قبل إن تكون عاصمة (إقليم كردستان)، علما بان (الإقليم) قام بواجبه على أكمل وجه؛ وبحضور رئيس الإقليم الأستاذ (نيجيرفان بارزاني)، فعدم حضور ممثلي عن الرئاسة (العراقية) أو عن الحكومة (العراقية) وعدم إرسال أي تهنئة لسيادة البطريرك الجديد المنتخب – إذ لم نجد ذكر ذلك في وسائل (الإعلام العراقية) لحين أعداد هذا المقال – فإن كان هذا الأمر مقصودا فانه سيترتب عنه الكثير من العواقب لا تحمد عقباه على الكنيسة (المشرق الاشورية) ومستقبلها في (العراق) – كما حدث عام 1933 في أحداث ومذبحة (سميل) بحق (الاشوريين) وبطريرك كنيسة (المشرق الاشورية) آنذاك (*) – وعلى أبناء امتنا في الداخل، علما بان في الحكومة الحالية برئاسة (مصطفى الكاظمي) هناك تمثيل للمسيحيين بمنصب (وزير) وكذلك هناك أعضاء في مجلس (النواب العراقي)؛ علما بان وفد من مجلس (أمناء شبكة الإعلام العراقي) حضروا إلى مدينة (اربيل) وشاركوا مراسم تنصيب، و(شـبـكـة الإعلام العراقي) تعتبر واجهة للدولة (العراقية) وكان بإمكان تخويلها من قبل رئاسة الجمهورية أو من قبل الحكومة وإرسال رسالة من خلالها لتهنئة البطريرك الجديد؛ ولكن الوفد حضر ممثلا عن (شـبـكـة الإعلام العراقي) فحسب؛ وكما ورد في خبر نشر في مواقعها، وان كانت الرئاسة أو الحكومة (العراقية) بعثت رسالة التهنئة مع الوفد؛ لماذا الجهة المنظمة لمراسم التنصيب في (اربيل) لم تذكر ذلك…………..!

……………؟

ولا بد هنا من إن تبذل الكنيسة (كنيسة المشرق الاشورية) وبإشراف مباشر من قبل غبطة البطريرك (مار أوا الثالث روئيل) لتذليل وإزالة أي التباس غير مقصود حدث قبل وأثناء مراسم التنصيب؛ ليتم التلاقي والتعاون بينها وبين (رئاسة الجمهورية) و(الحكومة العراقية) وبين مؤسسات الحكومية لدولة (العراقية) لتثبيت دعائم التعاون المشترك وإزالة المعوقات؛ فـ(العراق) بتاريخه وحضارته ظل موطن (الاشوريين)؛ كما ظل موطن زاخر بأطيافه وتنوعه القومي والديني والمذهبي ولا يمكن أن تستقيم الحياة فيه بلون واحد؛ لان (العراق) وطن للجميع يعيش أبناءه بالخير والسلام والتآخي، والبطريرك الجديد (مار أوا الثالث روئيل) له كل الإمكانية بما يؤهله في كيفية التعاطي مع غياب حضور وتمثيل حكومي؛ فهو لقادر في إيصال رسائله للحكومة والدولة (العراقية) وشعبه (العراقي) وأمته (الأشورية) وإلى المحافل الدولية والى أي موقع أخر إذ تطلب الأمر منه ذلك .

 

البطريرك ومهامه في خلق توازنات مع متطلبات الحداثة والتجديد

 

فالأشوريون اليوم؛ الذين ينتشرون في كل بقاع المعمورة؛ يتمنوا من قداسة البطريرك أن ينجح في رعاية شؤون الأمة (الاشورية)؛ من خلال بقاء الصرح البطريرك في موقعه (القومية) و(الديني) جامعا (للاشوريين) في (العراق) وفي كل إنحاء العالم، ومن ثم السعي لخلق توازنات وتذليل الصعاب وتنشيط روح التفاعل والبناء المشترك بين كاف أطياف الشعب (العراقي) دون تميز وتهميش وإقصاء.

كما يتطلب من قداسة البطريرك الجديد (مار أوا الثالث روئيل) تنشيط الوعي القومي والثقافي والفكري والتصدي لأي جهة تحاول طمس الهويات القومية (الاشورية) و(لغتها الاشورية) وضرورة العمل على تنمية الفهم الحقيقي لماهية وجوهر القيم (الاشورية) كهوية (القومية) للأمة المؤمنة بـ(المسيحية)؛ لان كنيسة (المشرق الاشورية) تتميز بروحانيتها وبضرورة التوعية الروحية والرعاية ومخاطبة الحداثة بدون عقد وبجرأة إنجيلية محبة وواعية كتعبير للكنيسة عن إيمانها (الحي) بتعاليم المسيحية وأخلاقها، ومن هنا يتطلب من البطريرك وضع آليات صلة واتصال تأخذ بعين الاعتبار وتستند على تقاليد وقيم كنسية (المشرق الاشورية) وبالوقت نفسه تتعاطى بايجابية وموضوعية وذكاء مع متطلبات الحداثة والتجديد، وذلك بوضع آليات العمل المشترك والتعاون الحثيث والمنتظم بين كافة رؤساء الكنائس الأخرى، ولابد هنا من جهد للتلاقي والتعاون بينهم لتثبيت الوحدة بين فرعي الكنيسة (كنيسة المشرق الاشورية) و(الكنيسة الشرقية القديمة) التي تبقى مهما قيل هنا أو هناك بوابة ألتوق لوحدة الكنيسة الجامعة لخلق توازنات ولم الشمل بين الأجنحة المنفصلة عن الكنيسة المشرقية من اجل المحافظة على وحدة (الأمة الاشورية) بهويتنا (القومية الاشورية ) والتي لطالما كانت من ابرز سمات الخطب البطريركية لكنيسة (المشرق الاشورية) سواء من لدن البطريرك الراحل (مار دنخا الرابع) أو ممن سبقوه أمثال البطريرك الشهيد (مار بنيامين شمعون)، وليتم فتح الحوار مع المتشددين الذين يرفضون إي إصلاح كنسي ويرغبون بالانغلاق عن الغرب والعالم، لان مصيرنا كـ(اشوريين) ومسيحيين في (العراق) أو من هو في شتات العالم؛ هو مصير واحد لأننا امة واحدة لنا لغة واحدة وتاريخ وحضارة واحدة وطقس واحد وتراث واحد وثقافة وفنون مشتركة وكلنا أبناء وبنات كنيسة جامعه، ومن هنا يجب إن يكون مسعى البطريركية إلى الوحدة هدف للوصول إلى الهدف الأسمى والسعي لعودة (اشوريي العراق) لان قضيتهم مطروحة لرأي العام على الساحة (العراقية) والدولية، وأمر عودتهم هو واجب أنساني وحق تاريخي وحضاري وأخلاقي، وخاصة أنهم أبناء حضارة (العراق) وأساسها، فالعراق ما عرف إلا بحضارة وتاريخ وأثار (الحضارة الاشورية)، ولا يمكن إن يأتي يوما نرى (العراق) خاليا من وجودهم .

………………………
(*)…. في العراق تعرضت (كنيسة المشرق الاشورية) إلى تهميش وإقصاء بعد إن تم نفي بطريرك الكنيسة بعد أحداث (مذبحة سميل) الدموية عام 1933 التي نفذتها (الحكومة العراقية) برئاسة (رشيد عالي الكيلاني) وعلى أثرها نقل كرسي البطريركية للكنسية (المشرق الاشورية) إلى (الولايات المتحدة الأمريكية) نتيجة الإحداث المأساوية أقدمت الحكومة (العراقية) آنذاك على (نفي) قداسة البطريرك (مار ايشا شمعون) – والذي كان آنذاك بطريركا لكنيسة المشرق (الاشورية) في العالم اجمع، حيث كان كرسي البطريركية في (العراق) – إلى جزيرة (قبرص) وسحبت منه (الجنسية العراقية)، ومن ثم انتقل قداسته إلى مدينة (شيكاغو بولاية الينوي الأمريكية) سنة 1940 وخلال أعوام السبعينات من القرن الماضي تم توجيه إلى قداسته أكثر من دعوة للعودة إلى (العراق) من قبل الحكومة (العراقية) في زمن (البعث)؛ وفعلا حضر إلى (العراق) واستقبله على ارض (المطار الدولي) في (بغداد) الرئيس (العراقي) آنذاك (احمد حسن البكر) استقبالا مهيب كأي رئيس لدولة (ما) يزور (العراق)؛ فرشت تحت قدميه (السجاد الأحمر) وعزف (السلام الجمهوري) وأطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة ترحيبا بقدومه إلى ارض (العراق) بعد نفيه عام 1933 ؛ وتم بعد ذلك تعريفه على الوزراء الذين حضروا لاستقباله وبحفاوة وتكريم وبحضور جماهير حاشدة من مختلف مكونات الشعب (العراقي) ترحيبا بقدومه، وتجول بعد حضوره إلى (العراق) برفقة (الرئيس العراقي– احمد حسن البكر) شوارع (بغداد) ومدن عدة باستقبال منقطع النظير من قبل أبناء أمته والشعب (العراقي)، وطلبت الحكومة العراقية منه البقاء في (العراق) ألا أن قداسته رفض ذلك لأن الدعوة جاءت وفق شروط والتي رفضها قداسته جملة وتفصيلا، إضافة بكون هناك أكثر من مؤشر يوحي بوجود مخطط لاغتياله من قبل النظام البائد، وهكذا ظل كرسي البطريركية لكنيسة (المشرق الاشورية) في (المنفى) حتى بعد اغتيال قداسة البطريرك (مار ايشا شمعون) في (أمريكا) ورسامة غبطة البطريرك (مار دنخا الرابع) بطريركا جديدا لكنيسة (المشرق الاشورية)؛ الذي ظل في المنفى هو الأخر إلا أن زالت غيمة النظم الاستبدادية، وكان قداسته على أمل إن تستقر الأوضاع في (العراق) ليعود إلى الوطن، ومع ذلك فقد قام قداسته بزيارة تاريخية إلى الوطن بتاريخ 17 ايلول 2006 تلبية للدعوة التي تلقاها قداسته من فخامة السيد (مسعود البارزاني) رئيس (إقليم كردستان – العراق) آنذاك؛ ومعالي السيد (نجيرفان بارزاني) رئيس وزراء حكومة الإقليم آنذاك، وبعدها تلقى دعوة رسمية من فخامة (الرئيس الجمهورية العراقية مام جلال الطالباني) بتاريخ (6 تشرين الثاني 2008) حيث استقبله فخامته وبرفقه رئيس الوزراء (نوري المالكي )، واثر وجوده في (بغداد) أقام قداسته قداسا مهيبا في كنيسة (مريم العذراء) بمنطقة (النعيرية) حضرها عدد غفير من أبناء امتنا، وبعدها توجه إلى (اربيل) بتاريخ ( 5-11- 2008 ) حيث وضع الحجر الأساس لبناء بطريركية لكنيسة (المشرق الاشورية)، بكونه اقر بضرورة عودة مقر البطريركية لكنيسة (المشرق الاشورية) إلى الوطن بعدما أزيلت العوائق التي حالت دون ذلك، يرافقه غبطة المطران (مار كيوركيس الثالث صليوا) الوكيل ألبطريركي في (العراق) و(الأردن) و(روسيا) وعدد غفير من أبناء امتنا، ليعود بكرسي البطريركية إلى الوطن لتتوج رحلة الغياب والنفي عن الوطن دام ( 82 ) عام، بفرحة (الاشوريين) بكل طوائفهم على أمل إن يتم عودة المهجرين والمغتربين عن الوطن بسبب الاضطهاد والتعسف والتميز الذي مورس ضدهم منذ أحداث مذابح (سميل) عام 1933 وما تلاها من مأساة تلو المأساة.