بعد الحادث الإجرامي الذي وقع في فرنسا …كانت ردة فعل الفرنسيين كبيرة جدا وهي تتناسب وحجم الجريمة وقيمة الإنسان ومكانته عندهم …وهو أمرٌ طبيعي أن تتعاطف الملايين من الفرنسيين والأوربيين ويخرجوا متظاهرين بمسيرة فاق عددها الثلاثة ملايين…متضامنين ومستنكرين ومتحدين الإرهاب …وهم بذلك لم يأتوا بشيءٍ جديد ..فهذه هي مبادءهم وقيمهم وثقافتهم التي نشأوا عليها …تقديس وإحترام دماءهم وإعطاءها حقها من التكريم ..هذه المواقف كانت موضع إهتمام وتقدير الأمم الأخرى وتابعها العالم بإهتمام شديد …ومن ضمن الأمم التي راقبت هذه المواقف إمة محمد صلى الله عليه وآله وسلّم …فكانت لها إنطباعاتها الخاصّة والغريبة عند بعضها …فلقد أثارت تلك المشاهد حفيظة الكثيرين من خطباء المسلمين وبعض كتابهم ومثقفيهم ووجهوا إنتقاداتهم اللاذعة للفرنسيين وللاوربيين عموما ً…وأعتبروا تعاطفهم مع ضحاياهم أمرا مبالغا فيه …ومباشرة قارنوا بين دماءهم ودماء الأوربيين …وتسائلوا لماذا تهتز أوربا لمقتل بضعة أشخاص ولا يرف لهم جفن لمقتل الآلاف من الاطفال والنساء والشباب في سوريا والعراق وبلدان أخرى ! ؟ وهو نقدٌ وتساؤلٌ لاقيمة له وفي غير محله …ويُرد عليه بتساؤل لهذه الأمة ..لماذا أنتم لاتتظاهروا وتستنكروا أفعال المجرمين الذين إرتكبوا المجازر بحق الأبرياء ؟ قبل أن تطالبوا غيركم بالإستنكار ؟ ثم مَنْ الذي قتل الآلاف من الأطفال والأبرياء في العراق وسوريا ؟ ألم تُقطع رقابهم على أنغام التهليل والتكبير ؟ ألم يُذبحوا بفتاوي علماءكم ؟ لماذا يتعاطف معكم الشعب الأوربي وأنتم تذبحون بعضكم بعضا ..وقبل أن تطالبوا العالم الغربي أن يتظاهر لقتلاكم مثلما تظاهر لقتلاه ..لماذا أنتم لاتستنكرون جرائم داعش في العراق وتتظاهرون وتتعاطفون مع الأبرياء والنساء المسبية ؟ من يبيع النساء العراقيات ويتاجر بالأطفال ؟ من أباح للإرهابيين نكاح الأطفال وبيعهم ؟ إذا إستكثرتم على فرنسا واوربا تعاطفهم مع قتلاهم ! أوليس الله يقول (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ).فجريمة قتل الناس جميعا ألا تستحق إستنكارا بحجم الإستنكار الفرنسي ؟ هل طبقتم قول الله مرّة واحدة في حياتكم حتى تثبتوا أنكم مسلمون ؟ ألستم أولى من غيركم بالإستنكار على قتل إنسان بريء ؟ أقوالكم تخالف أفعالكم ! وحججكم تتقاطع مع دينكم !الفرنسيون أمرتهم ثقافتهم وحضارتهم بإحترام الإنسان ففعلوا …وأنتم أمركم الله ونبيه بحرمة الدم الإنساني فخالفتم الله ورسوله ! فمن أولى بالإحترام والتقدير ؟الذي طبّق مبادءه وقيمه الثقافية وأحترم الإنسانية ؟ أم أنتم الذين خالفتم الله ورسوله وتقاطعتم مع دينكم ؟