22 ديسمبر، 2024 8:47 م

تمهيد فكري لنقد الدين 3/5

تمهيد فكري لنقد الدين 3/5

وفي الثلاثين من تموز عام 2007 قررت أن أفتح هذا الملف، لأدرج فيه شيئا فشيئا، وبحسب الفرص المتاحة، عصارة ما توصلت إليه. فقمت ابتداءً بنقل ما كتبته في المراحل السابقة، لأن ذلك يمثل مقدمات ما ألت إليه، مرتِّبا ومنقِّحا ما كتبته، لينسجم مع ما انتهت إليه عقيدتي حتى لحظة كتابة هذه الأسطر. وباستخدامي لمصطلح «عقيدتي» لا يخطئُ من يفهم أن لي عقيدتي الخاصة، لكن لا بمعنى أن لي دينا جديدا، والمعاذ بالله، بقدر ما يعبر ذلك عن خصوصية منهجي وفهمي للعقائد، كما هو الحال لكل صاحب مدرسة تمتاز عن غيرها، وإن كانت تلتقي مع الكثير من المدارس القائمة، أو تستفيد منها، وتشترك معها في مشتركات وأسس، لاسيما وأن المدارس العقلية في علم الكلام (الإلهيات/العقائد) تقرر عدم جواز التقليد في الأصول (العقائد).

كنت أتمنى من ناحية أن أبدأ بكتابة ما آلت إليه عقيدتي في الإيمان عموما، وفي الدين خصوصا، دون الرجوع إلى نصوص مكتوبة سابقا من قبلي. لأن الرجوع إلى نصوص سابقة سيربك عملي، لكوني سأجد حتما ما هو مكرر من حيث المضمون، ولكن بصياغات متفاوتة، وبترتيب مختلف. مع هذا وجدت ألا أضيع ذلك الجهد، خاصة وإن كثيرا من الأفكار التي اعتمدتها منذ البداية، والمنهج الذي سلكته، كان منه ما يمثل مقدمة لما انتهيت إليه، ومنه ما زال مطابقا لمبانيَّ الأخيرة. فإني منذ البداية – أقصد منذ بداية مخاضات التحول اللاواعي ابتداءً والواعي انتهاءً – أكدت على مسألتين، هما تأصيل مرجعية العقل، وما يترتب عليه من عدم القول فيما هو من الممكنات العقلية بأنه من الواجبات العقلية، كما يذهب إليه بقية علماء الكلام، بما في ذلك المنتمين إلى المدرسة العقلية، لوقوعهم تحت ضغط الخوف من الخروج عن الضرورات النقلية (الوحيانية)، حتى لو خالفوا أسس مدرستهم العقلية. مع هذا قد أهملت في هذه الإعادة بعض تلك البحوث أو ربما الكثير منها.