طلبت مرة من طالباتي العراقيات في جامعة بغداد , اللواتي كنّ يدرسنّ لاحقا للحصول على شهادة الدكتوراه في الجامعات الروسية, ان يأخذنّ كامرة , ويلتقطنّ صورا فوتوغرافية عند كل تماثيل الادباء الروس في موسكو , وقلت لهنّ , ان ذلك – في حالة تحقيقه – سيكون مادة طريفة جدا لكتاب بعنوان – (تماثيل الادباء الروس في موسكو بعيون عراقية) , وانه يمكن لهذه الصور, مع التعليق عليها طبعا , ان تتحول الى كتاب جميل ومفيد ايضا, يصدر في بغداد او في اي مكان آخر في عالمنا العربي , وانه سيكون كتابا مبتكرا واصيلا و ممتعا جدا لكل القراء العرب , وانني مستعد ان اشارك في هذا الكتاب ودعمه , ولكن الفكرة لم تتحقق مع الاسف . لقد سبق لي ان أشرت الى هذا الحدث بشكل مختصر مرة في احدى مقالاتي , واكرره الان بشكل اكثر تفصيلا , انطلاقا من احتمالية , انه ربما يتقبّل شخص ما من بين القراء هذه الفكرة الجميلة وينفّذها , كي نستطيع ان نقارن بيننا وبينهم , وان نقول لكل العرب وللعالم ايضا – اين نحن واين هم , وكي نعتذر امام الادباء العرب !!! والى حين ذلك , اود ان اقدم هنا لهذا الشخص ألمنتظر جردا تقريبيا باسماء البعض من هؤلاء الادباء الروس ومواقع تماثيلهم وشيئا ما من تواريخها , و أظن , ان هذا الجرد – ربما – سيساعده على تنفيذ مهمته هذه , الصعبة والطريفة والمفيدة معا , واسرع واقول مكررا, ان هذا الجرد تقريبي ليس الا , وانه ليس سوى ملاحظات اوليّة حول موضوع كبير وممتع وجميل.
تماثيل الادباء الروس البارزين والكبار معروفة بشكل او بآخر بالنسبة للقراء العرب , فالجميع يعرف – مثلا – تمثال بوشكين في قلب موسكو , وهو التمثال الذي تم تدشينه عام 1880 بحضور دستويفسكي وخطابه الشهير عن بوشكين ( انظر مقالتنا بعنوان – خطاب دستويفسكي عن بوشكين ), رغم اني اطمح ان تكون هناك لقطة اخرى قرب التمثال الجميل لبوشكين وزوجته نتاليا غانجروفا عند عقد قرآنهما , وهما يرتديان ملابس الزفاف الجميلة , مع تعليق عراقي خاص حول هذا التمثال الفريد من نوعه ( انظر مقالتنا بعنوان – تماثيل بوشكين في موسكو ) . من الضروري ايضا ان تكون هناك لقطة عند احدى تماثيل تولستوي , واتمنى ان تكون عند تمثاله وهو بملابس الفلاحين الروس و يضع كلتا يديه داخل حزامه , اذ ان هذه اللقطة ستتيح لنا ان نتحدث قليلا عن فلسفة هذا الكاتب العملاق ( انظر مقالتنا بعنوان – تماثيل تولستوي في موسكو) . ويجب طبعا ان تكون هناك لقطة عند تمثال دستويفسكي وهو جالس بشكل متوتر امام مكتبة لينين , ويجب الاشارة هنا طبعا الى ان روسيا الجديدة هي التي وحّدت بين دستويفسكي ولينين رغم كل التناقضات الفكرية العميقة بينهما ( انظر مقالتنا بعنوان – العودة الى مكتبة لينين من اجل هاشم جواد. ) . ومن المهم ايضا ان تكون هناك لقطة عند تمثال غوركي وهو يقف امام محطة قطارات بيلوروسيا, هذا التمثال الذي رفعته سلطات موسكو قبل اكثر من عشر سنوات بحجة الترميم , ولكن الاقاويل والهمسات بين الناس كانت تؤكد ان هناك اسباب ايديولوجية مخفية لرفعه بحجة الترميم , اذ ان الترميم لا يحتاج الى كل هذه السنوات الطوال !!! . واخيرا عاد تمثال غوركي عام ( 2018) الى مكانه السابق معززا مكرّما في الذكرى ال ( 150) سنة على ميلاده , وقد كتبت وسائل الاعلام الروسية عن هذه العودة , ولهذا من الضروري التقاط صورة له والتعليق على عودته , اذ انها الدليل على ان غوركي لا زال يناضل لحد الان من اجل الحقيقة , والدليل ايضا على ان روسيا بدأت تقترب من النضوج الفكري العميق , والاعتراف الموضوعي بتاريخها وتقبّل الخلافات فيه على انها وقائع يجب الاقرار بها , باعتبارها حقائق تاريخية . طبعا يجب التوقف عند تمثال ماياكوفسكي الفخم امام مدخل مترو ماياكوفسكايا الجميلة والانيقة , ويا حبذا لو تتم اللقطة مع اناس يحيطون به او يسيرون جنبه , وان نتحدث معهم حول ماياكوفسكي , اذ اختلف الروس بشأنه , رغم ان اليسار العربي كان يمجده دائما دون قراءة نتاجاته والتعمق فيها , بل انطلاقا من مواقفه السياسية المؤيدة لثورة اكتوبر 1917 ليس الا . ولابد من التقاط صورة لتمثال شولوخوف , وهو نصب مهيب جدا ومدهش بكل معنى الكلمة , حيث يجلس شولوخوف في قارب وهو يتطلع الى بعيد , وجنبه نهر جارف تسبح فيه ضد التيار مجموعة من الخيول في محاولة لعبور النهر , وقد اثار هذا التمثال – منذ تدشينه ولحد الان – نقاشا حادا بين مؤيديه ومعارضيه , ولكن هذا النقاش لا يقلل ابدا من فنية وجمالّية هذا العمل الابداعي العملاق. يجب عدم نسيان غريبويديف وتمثاله الكبير وهو محاط بابطال مسرحيته الشعرية ( ذو العقل يشقى ) والتعليق على مكانة هذا الكاتب في تاريخ الادب الروسي وقصة مقتله في طهران عندما كان سفيرا لروسيا هناك ( انظر مقالتنا بعنوان – غريبويديف والمتنبي ). من الضروري طبعا ان تكون هناك لقطة عند تمثال غوغول , واتمنى ان تكون قرب تمثاله امام البيت الذي توفي فيه , حيث يجلس حزينا وهو في حالة تأمّل ( انظر مقالتنا بعنوان – كنت في بيت غوغول) . يجب الا ننسى تمثال ليرمنتوف , الذي يقف برومانسية امام تلك الحدبقة الغنّاء , ولا تمثال تشيخوف امام البناية القديمة لمسرح موسكو الفني , ولا تمثال بولات أكودجافا وهو يقف على رصيف شارع أربات مختلطا مع الناس كما كان في حياته , ولا تمثال تسفيتايفا وهي تجلس امام بيتها وتكاد تبكي ( انظر مقالتنا بعنوان – كنت في بيت تسفيتايفا), ولا تمثال الكاتب المسرحي أستروفسكي وهو يجلس بهيبة امام مسرح ماللي تياتر , ولا تمثال بلوك , ولا تمثال غيرتسن , ولا تمثال حمزاتوف , ولا تمثال لومونوسوف , ولا تمثال كريلوف , ولا ولا ولا…