17 نوفمبر، 2024 8:35 م
Search
Close this search box.

تلوّث!

بينما يسير العالم باتجاه النظافة البيئية وإعادة التدوير لتوفير مصادر بديلة للطاقة، وبينما نرى في برامج التلفزيون ـ ونتحسر ـ على مستوى الدقة العالية والترتيب واحترام الوقت الذي يسم حياة البشر في بقية بقاع الأرض، نجد أن العشوائية تسيطر على تفاصيلنا بكل سهولة. عشوائية تنفذ الى مسامات حياتنا اليومية، وتقضي على آخر أمل بهمة ونشاط من الممكن أن تنقذنا أو تجري تحويلاً قد ينقذ المستقبل الغامض. وانت تطالع اكوام النفايات المقذوفة في كل زاوية من شارع أو زقاق، تستطيع ان تسطر اللوم ضد الدوائر المتخصصة بالنظافة العامة، ولكنك ستفقد الإنصاف حينها، وستنظر الى الامور من جانب واحد، فكل شيء في واقعنا له أكثر من جانب مظلم، وجانب واحد مضيء، ربما.
هناك تلوث مقيت، تبدو “الزبالة” حديقة من الورود الى جانبه، تلوث يطال ارقى ما وصل اليه العقل البشري، بعد قرون مريرة من الظلم والاستبداد والحروب والموت. انها فكرة الدولة، وتنظيم العلاقة بين الفرد والمجتمع، وواجبات الحكومة، وكيف تنبثق من جموع الناس، ومدى مصداقية التمثيل الحقيقي الملامس لمتطلبات الحياة العامة. التلوث في حياتنا نحن ـ العراقيين ـ طال كل ما يمكن رؤيته، الفساد نخر المجتمع والدولة، ولم تعد الأزمة قاصرة على فاسد فرّ، أو قاتل لم ينل جزاءه، الأزمة اليوم وصلت الى “تقنين” التلوث، والحديث عنه، واسباغ صفة الشرعية عليه، وكل ذلك بأطر قانونية وعلى وفق مسارات لايمكن الاعتراض عليها شكلاً أو مضموناً.
أكثر ما يواجهك من تلوث تقزيزاً هو تصريحات السياسيين، الذين يبدعون بالاتهام ويفشلون بالقصاص، ويحترفون الشجار أمام الناس بينما تمتد أصابعهم في الخفاء لتلتقي على منافع لايمكن حصرها. قرأت تقريراً صدر مؤخراً يصنف العراق في المركز التاسع عالمياً من حيث الثروات الطبيعية، وقبله صدر تقرير أنه الاول في مستوى الفساد. الطبقة الحاكمة ملوثة ويجب تنظيفها أو إزالتها، قد تكون هذه الرؤية وهماً، أو خيالاً طوباوياً، لكن الحقيقة المرة أننا لم ننجح في بناء دولة تضمن الحياة الكريمة. عليكم أيها السادة تنظيف أنفسكم!

أحدث المقالات