23 ديسمبر، 2024 2:01 م

تلقفوها ياتحالف القوى العراقية..!

تلقفوها ياتحالف القوى العراقية..!

من أمثلتنا البغدادية التي تحث على حسن النيات بغية نيل المطلوب المثل القائل: (صفي النية ونام بالثنية). وكنتيجة حتمية فإن عكس المثل يفضي الى عكس المطلب. ولذكري هذا المثل “ربّاط”.. هو كثرة اللغو واللغط من جهات عدة في موضوع صدور حكم الإعدام على المدان أحمد العلواني، الأمر الذي ينم عن نيات مبطنة ليست لأجل سواد عيون العلواني، بل لغاية في نفس يعقوب. وأخص بتلك الجهات تحالف القوى العراقية، إذ من يطلع على تصريحات أعضاء هذا التحالف تتضح له نياتهم المبيتة -فضلا عن الظاهرة- في مشاكسة الرأي العام، والتصيد في المياه العكرة والآسنة وحتى الثقيلة منها، وتوظيف الحدث لصالح مطالبهم. ومامطالبهم إلا تلك التي تشي بها إرهاصات تكوين هذا التحالف، منذ انطلاقته الأولى يوم تأسيسه في 30 – حزيران- 2014، يوم إصدرت كتلة “متحدون” على لسان رئيسها بيانا جاء في نصه:
“إن تحالف القوى العراقية تأسس ليكون الممثل السياسي للمحافظات الست ومعبراً عن إرادة جماهيرها في تحقيق الشراكة الحقيقية والتوازن وتلبية المطالب والحقوق, ومن أجل البدء ببرنامج يتضمن مشروعاً للإصلاح الوطني والتغيير، ووضع سياسات جديدة لا تهميش فيها ولا إقصاء، ذلك أن الخلاص من الأزمة وإنقاذ العراق يتطلب جهداً وطنياً وتضحية”.
  هو كلام يخيل لسامعه أنه كلام رائع ومنطقي ووطني، وهو يذكرني بالأهداف الثلاثة الرائعة الساحرة المدوية: (وحدة.. حرية.. اشتراكية) وهو أيضا يحمل من زخارف الكلام وبهرجه الفتان مايحمله شعار: (أمة عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة). إذن..! هي رسالة استقتل مُنشئ هذا الشعار لتخليدها، واليوم يستقتل تحالف القوى العراقية لتخليد مطالب المحافظات الست التي يمثلها، وما وجه تخليدها إلا لأنها لاتقف عند سقف معين، إذ لايمكن تحقيق مالانهاية له، وقطعا هو تأكيد ضمني أن باقي المحافظات العراقية لاتعني هذا التحالف شيئا، وكأنه يرفع شعار: “المحافظات الست.. وليكن الطوفان من بعدها”.
وبتمحيص في سطور هذا البيان يستشف قارئه أن مطالب سكان هذه المحافظات تختلف عن مطالب العراقيين من سكان باقي المحافظات، كما أن التغيير الذي يزعمه التحالف يجب أن تصب نتائجه في مصلحة المحافظات الست دون غيرها، كذلك فإن “الإصلاح الوطني” الذي يناشد به هذا التحالف ينحصر في مفردتين لاثالث لهما، وهما؛ “التهميش والإقصاء” اللتان يدعي ابتلاءه بهما، وهو -التحالف- يدعو الى “الجهاد” الوطني في سبيل الخلاص من الأزمة.. ولست أدري أية أزمة يقصدها في ذلك الحين، أهي أزمة الولاية الثالثة لرئيس الوزراء السابق؟ أم هي أزمة تداعي الوضع الأمني في الموصل وصلاح الدين واحتلال مدنها! أم هي أزمة جلسات مجلس النواب التي مافتئ يقاطعها ويتغيب عنها! أم هي أزمة من وحي خياله يصطنعها حين يتطلب الأمر، لتمرير أزمات أخرى تصب في نهاية المطاف في بحر غاياته ومآربه!
  اليوم كعادته ودأبه، اتخذ هذا التحالف من الحكم الصادر على الحمل الوديع العلواني أزمة وحجة وسببا يتظلم به وينشر غسيله البالي من تهميش السنّة وإقصائهم، ويتهجم من خلاله على القضاء والحكومة والدولة برئاساتها الثلاث، وحتما سيتخذ كل وسائل المشاكسة، قد تبدأ بمقاطعة البرلمان، وحتما لاتنتهي باجترار التصريحات الرتيبة بطريقة الـ (Copy paset) التي بات يعلكها في كل نادٍ ومقام، وكأن مشاكل العراق قد انتهت ولم تبقَ إلا مصيبة المجرم العلواني، فتلقفها وبات يقولبها بما شاء من قوالب جاهزة، تستمد مشروعيتها المزعومة من مشروعية أصولهم الحزبية القديمة، في محاولة لإحيائه وهو رميم.

[email protected]