يجيء كتاب الأنصاري مزدحماً بالأفكار والصنعة المتقنة الذي يندر وجوده في حياتنا الفكرية والسياسية الراهنة ، الملأى بالكتابات السطحية ، التي لاتصعق البديهات والمسلمات ، ولاحتى القناعات المترسبة في أذهاننا منذ عقود خلت ، بينما الأنصاري في كتابه هذا يهز الكثير مما تعودنا على أنه من بدائة الفكر.
وقد يكون من الإساءة البالغة لهذا البناء الفكري المتماسك الذي يمثل إضافة نوعية للفكر العربي المعاصر ، محاولة عرضه بشكل موجز ، ولكن طبيعة العرض الصحفي تقتضي محاولة لفت الانتباه لبعض الاستنتاجات الأكثر أهمية في هذا الكتاب، وهي تتركز حول قضايا مثار قناعات لشعبية خاطئة ، وفي المقدمة منها قضية الوحدة والتجزئة وقضية الديمقراطية.
أراد الأنصاري ، لفت انتباه الوعي العربي إلى أن الأزمات السياسية المتلاحقة التي يعانيها العرب ليست وليدة الحاضر الراهن وحده ، وليست نتاج لحظاتها الآنية المنعزلة ، وإنما هي أعراض لتراكم واقع موضوعي طويل الأمد تداخلت فيه عوامل المكان والزمان والتكوين الجمعي ، أي بكلمة أخرى ، عوامل الجغرافيا والتاريخ والتركيبة المجتمعية العامة المتوارثة ، والممتدة إلى عمق الحاضر المعاش في مختلف مظاهره وأعراضه التي يعانيها عرب اليوم.
ومالم يتم التنبيه العلمي والمعرفي إلى الأبعاد الكاملة لهذا الواقع الموضوعي الممتد والمزمن ، والمتطاول ، فإن أي معالجة للأزمات والكوارث العربية المتتابعة والمتلاحقة ستظل محصورة في ظروفها الآنية ولن يؤدي إلاّ إلى نظرات وتقييمات جزئية مبتسرة تمس السطح السياسي الظرفي وملابساته وأشخاصه وانفعالاته دون أن تصل إلى صميم العوامل الفاعلة والمتداخلة والمشتركة بين جميع الأزمات التي تحكم الواقع السياسي العربي كله ، في شموله ، بغض النظر عن الاختلافات الجزئية والمظهرية الآنية ، بين هذا المعسكر السياسي العربي أو ذاك ، حيث يدور الصراع حول أشكال ومظاهر السياسات والمواقف الظرفية دون اقتراب حقيقي من الجذور المشتركة للمعاناة القومية الواحدة.
الأنصاري لم يعنى منهجياً بتغليب عامل على آخر من عوامل التكوين المجتمعي/السياسي ولا الالتزام بأولوية عامل بعينه على العوامل الأخرى من جغرافية أو اقتصادية أو غيرها وإنما قصد تسليط الضوء على بعض الخصوصيات المجتمعية/السياسية التي انفردت بها البنية العربية بسبب ظروفها الخاصة بها في الزمان والمكان من جغرافية وتاريخية واقتصادية واجتماعية ، المهم عند الأنصاري هو المحصلة التكوينية المؤثرة وكيفية تأثيرها على الصيرورة السياسية للعرب ، وكيف يمكن تغييرها وتطويرها وليس مجرد البحث نظرياً في أي من تلك العوامل في حد ذاتها . ذلك ، إن تلك المحصلة التكوينية وخصوصياتها الموروثة الراهنة هي أبرز ماتم إغفاله وتغييبه في ثقافتنا السياسية العربية المعاصرة على كثرة ماداخلها من نظريات وشعارات وإيديولوجيات.
إن كتاب الأنصاري يمثل مدخلاً بحثياً لتلمس بعض العوامل الموضوعية الخاصة بتكوين السوسيولوجيا السياسية للمجتمعات العربية التي أثرت ومازالت تؤثر بحدة في المشهد السياسي العربي:- أنظمة ومعارضة ، وأحزاباً وسلوكاً ، متكرراً عبر أكثر من مرحلة تاريخية وفي نموذج سياسي على صعيد الحكم أو صعيد المعارضة ، ربما يتعدى الإيديولوجيات السياسية المعلنة من تقليدية أو راديكالية ، ومن قطرية أو قومية أو دينية ، وصولاً إلى محاولة الكشف عن طبيعة تلك البنية التحتية المجتمعية العريضة المسؤولة عن إفراز تلك النماذج والنظم والمسلكيات السياسية العامة التي صارت تتخذ شكل الأزمات والكوارث القومية الشاملة في المرحلة الراهنة من تاريخ العرب.
لقد حاول الأنصاري في جهده الفكري العميق والمتميز ، أن يبحث عن الأسباب الموضوعية للأزمة السياسية العربية القادمة وأن يغوص في أعماق التاريخ والجغرافيا العربية للعثور على جذور الأزمة . إذ يرى بحق أن السلطة العربية في أزمة وأن المعارضة العربية في أزمة ، وكذلك الدولة والثورة والأحزاب والحركات الشعبية . وإذا كان من هم في موقع السلطة والقوة أكثر مسؤولية من غيرهم عما يحدث ، فإن هؤلاء قد تم تغييرهم مراراً في الكثير من أقطار الثقل العربي وغيرها وحلت محلهم عناصر وطنية وشعبية في قمة السلطة والدولة دون تحسن يُذكر. لذلك، يقول الأنصاري:- إننا لن نتوصل لعلاج جذور معضلاتنا السياسية إذا ظل من هم خارج السلطة يكتفون بتعليق تلك المشكلات على شماعة السلطة من دون النظر في عمق التكوين السياسي الذي يحكم الجميع والذي سيتحكم في أية معارضة تأتي إلى السلطة ، كما حدث لمعارضات كثيرة تسلمت السلطة وصارت أسوأ من السلطة ذاتها.
المطلوب في رأي الأنصاري ، هو الخروج من لعبة الكراسي الموسيقية في تبادل مواقع السلطة للنظر في أرضية اللعبة كلها وفي نوعية الموسيقى السياسية التي تحكم اللعبة وطبيعة التكوين التي تقوم عليه.
وقد ضرب الباحث مثلاً صارخاً يدل على مظاهر اختلال الوعي هو إن قسماً كبيراً من المثقفين والمفكرين العرب مازال منشغلاً على الجانبين العراقي – الكويتي، منذ أزمة 2/آب/1990 ، بالجدل حول تضاريس السطح السياسي الظاهر لهذا المعسكر العربي أو ذاك ، مع إغفال خطير للطبقات الجيولوجية المجتمعية المشتركة والواحدة التي تفرز في كل أزمة جميع هذه التضاريس والمعسكرات التي تبدو متعارضة في الظاهر والتي تتماثل بنيوياً في التحليل النهائي بحكم تكوينها المجتمعي العميق الواحد في واقع الأمر . ولهذا يطالب الأنصاري بتوجيه الطاقات الفكرية المهدورة في الجدل والسجال منذ واقعة الجمل وصفين ، إلى أحداث 2/آب/1991 ، للكشف عن العمق المجتمعي التكويني العربي الذي يفرز على مدى التاريخ كل هذه الكوارث بدلاً من الاستمرار في المناظرات.
ويرى الأنصاري ، إن تجربة العرب الراهنة في الدولة الوطنية المعاصرة هي أول تجربة لهم في إدارة الدولة ، وإذا كان مستوى الأداء غير مقبول فإن ذلك لايعود لنواقص ذاتية وإنما لعوامل موضوعية ، تاريخية ومجتمعية . فالدولة تتطلب استقراراً في المكان واستقراراً في الزمان ، الأمر الذي لم يتوفر للدولة العربية . فجذور حالة اللادولة في المنطقة العربية جذور مجتمعية عميقة.
بهذا المعنى ، فالدولة القطرية العربية ليست حالة من التجزئة المعيبة كما هو سائد بل إنها قياساً بمرحلة الخروج من الإطار العثماني كقبائل وملل وطوائف تمثل في واقع الأمر خطوات توحيدية مهمة يجب عدم التقليل من أهميتها التاريخية . فالعرب يعانون وعياً هاجس التجزئة بينما هم يعيشون فوق واقع يتوحد لأنه كان أكبر تجزئة من قبل بمعيار الوحدة العضوية ، وهو لم يصل لمستوى التوحيد القومي لأن مكوناته القطرية لم تنضج بعد، فالدولة القطرية تمثل أول محاولة عربية حديثة في الوحدة.
ويرى الأنصاري ، إن العرب لم يمروا بمرحلة الإقطاع التي مرت فيها أوربا، ويشرح ذلك بتفصيل واسع . وهو يرى أن الدولة القطرية العربية الراهنة تمثل مرحلة إقطاعية مؤجلة ، بالمعنى الإنمائي للإقطاع ، وذلك في رأيه ما أدى تاريخياً للتأجيل الموضوعي للوحدة القومية بانتظار إنجاز التنمية القطرية المقاطعية . ولهذا تطلب منطق التطور التاريخي ظهور الدولة القطرية حسب مقتضيات العصر الحديث وظروفه وموازينه لتعوض بالتنمية القطرية بالمعنى البنيوي الأساسي عن التنمية الإقطاعية المفتقدة.
ويعقد الأنصاري مقارنة دقيقة بين الكيان القطري العربي الراهن ومايقوم به من مهمات تاريخية وبين الكيان الإقطاعي الأوربي الذي قام بذات المهمات ، مما لايتسع المجال للخوض فيه.
أما المسألة الديمقراطية ، فقد اعتبرها الأنصاري بمثابة التحدي الصعب المتمثل بتحقيق التوفيق بين استكمال بناء الدولة وتغييرها ديمقراطياً في الوقت ذاته ، أي القيام بالبناء وترميمه في وقت معاً ، وهما مرحلتان متمايزتان في تجارب الدول الأخرى التي بنت ورسخت كيانها أولاً ثم التفات لمرحلة التغيير الديمقراطي ، وهو يطالب بالموازنة الدقيقة من أجل تأسيس أفضل للدولة والديمقراطية كي لايؤدي تزاحم الأولويات إلى التضحية بها. كما حدث في مراحل سابقة من التاريخ العربي الحديث.
غير إن الأنصاري في تفاصيل الدراسة أكثر ميلاً لإعطاء الأولوية لبناء الدولة وترسيخها قبل الديمقراطية إذ لاديمقراطية بلامجتمع مدني ولامجتمع مدني بلابنية مدينية متطورة ومنفتحة لحوار الأفكار وتعددية البدائل السياسية وتمدين الريف بدلاً من ترييف المدينة.
ويقول الأنصاري بهذا الصدد – إذا كانت حركات المطالبة بالديمقراطية والتغيير السياسي ثورياً كان أم سلمياً تطالب بتغيير الأنظمة والحكومات ، فإن منطق التطور التاريخي الموضوعي الخاص بعملية تأسيس السلطة والدولة في المجتمعات العربية يقتضي أولاً نضج مؤسسات الحكومة والدولة ومرتكزاتها حتى إذا ترسخت أمكن لحركات التغيير السياسي أن تؤدي دورها في التغيير والتطوير من داخلها وفي إطارها.
الثورة الفرنسية لم تتوافر الشروط الموضوعية لقيامها إلاّ بعد أن ترسخت الدولة الفرنسية ووصلت ذروتها في عهد لويس الرابع عشر بعدما كان ممكناً لرحم الدولة أن تحبل بثورة وتحملها.
ـ هل كان يمكن أن تحقق الثورة الفرنسية ما حققته لو قامت قبل عصر لويس الرابع عشر؟
ـ هل كان يمكن للثورة السوفيتية أن تحدث التغيير العميق الذي أحدثته في روسيا لو قامت قبل إصلاحات بطرس الأكبر في بناء مقومات ومؤسسات الدولة الروسية ؟
ـ هل كان يمكن تصور لينين وستالين ، قبل بطرس الأكبر؟
ففي مثال الثورة الناصرية جرى الإجهاض لعدم توفر الدولة في المحيط العربي ، فقد استطاعت هذه الثورة أن تكون الأكثر تأثيراً في المحيط العربي لأنها قامت ضمن إطار أرسخ مؤسسة دولة في الوطن العربي وهي الدولة المصرية ، لكنها لم تستطع أن تمد تأثيرها بسبب وضعية اللادولة أو الدولة الهلامية في المحيط العربي ان كانت بحاجة لمرحلة تاريخية أطول لتكتمل فيها الدولة قبل أن تتم فيها الثورة ، فكانت العودة إلى التعامل الرسمي بين مصر عبد الناصر والأقطار العربية بدلاً من التعامل الثوري الذي لم يحن موعده التاريخي بعد في جميع الأقطار العربية المحيطة بمصر.
نقول:- إن الثورة بمعزل عن الدولة تصور وهمي ، إذ كل من أراد إسقاط دولة بغير منطق الدولة لامحالة منكسر دون مطمحة . والسؤال المطروح في صيغ مختلفة لكل فكر جدي ، هو:- كيف الحرية في الدولة، والدولة بالحرية ؟
إننا نتحدث عن الثورة ، بمعنى التغيير والبناء الجديد لتطوير نوعي جديد في حياة الشعب والأمة ، ولا نتحدث عن الانقلابات التي ترفع في واقع الأمر ، ورغم الخطابات ، شعار – السلطان من قتل السلطان – أي السلطان السابق وماينوء الناس بثقل الانقلاب الذي يجعل حياتهم أسوأ ، لأنه قفز في العراء ، ويبدأ تمرد جديد على التمرد القائم حتى يرفع الحواريون من حول السلطان الجديد قاتل السلطان القديم شعارهم القديم المتجدد الذي رددت بوادي العرب رجع صداه طوال قرون من الزمن – سلطان غشوم خير من فتنة تدوم – .
أما آنَ لنا نحن العرب أن نغوص ونبحر في الأعماق بحثاً عن أسباب هذه التراجيديا العربية المتلاحقة ، وبدلاً من محاولات حرق المراحل وقراءة سطوح الأمواج وتمجيد الإقطاعي العربي الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه.
احتوى الكتاب على مقدمة تحليلية مسهبة في تكوين العرب السياسي ، وثمانية فصول ، تناول الأول منها أعراض الأزمة السياسية العربية في امتدادها من الماضي إلى الحاضر باعتبارها أزمة متصلة الحلقات يجب عدم حصرها في أزمات السياسة الراهنة التي لاتمثل سوى فصولها الأخيرة والمستحدثة.
وانتقل الفصل الثاني إلى إبراز مكونات الأزمة التي أفرزت تلك الأعراض من حيث هي عوامل موضوعية ، جغرافية وتاريخية ومجتمعية محددة بمكانها وزمانها قبل أن تكون بمثابة أخطاء وكوارث سياسية متلاحقة لاتفسير لها غير النواقص الذاتية أو المؤامرات الخارجية أو باعتبارها قدراً سياسياً لافكاك منه.
ومن نسيج هذه المكونات والعوامل الموضوعية يأتي الفصل الثالث ليمثل مشروعاً لمخطط أولي لإعادة كتابة التاريخ العربي من أجل إعادة فهم الواقع العربي.
ففي ضوء تلك الخصوصية المجتمعية التاريخية المتأتية عن تفرد خصائص المكان العربي في موضعه الداخلي وجواره الإقليمي وموقعه العالمي ، وعن تميز الجدلية التاريخية الكبرى المتولدة عنه بانعكاساته الممتدة إلى اليوم ، ومن زاوية منظورها ، سنجد أنه بالإمكان تفسير العديد من الظواهر الكبرى في التاريخ العربي السياسي والحضاري كظاهرة القطيعة بين حضارات الشرق الأدنى القديم والحضارة العربية الإسلامية ، والمعنى التاريخي للحركة الإسلامية ذاتها ، ومغزى حركات الردة وحروب الفتنة الكبرى ، مع عودة الاستمرارية للدولة والحضارة بعدها.
هذا بالإضافة إلى تفسير ظاهرة الإجهاض المبكر وما تلته من قطيعة مزمنة في مجرى استمرارية التاريخ السياسي والحضاري للعرب والإسلام ، مع انقلاب معادلة الحضارة العربية الإسلامية سياسياً وفكرياً واجتماعياً واقتصادياً ، ونشوء القاعدة المقلوبة في شبكة علاقاتها الأساسية في تلك المجالات.
ومن خلال هذه الرؤية اقترب الأنصاري من قضايا حيوية وأساسية مازالت موضع بحث واختلاف في الدراسات العربية والفكر السياسي العربي ، كونها شديدة الصلة بالحاضر السياسي العربي رغم تاريخيتها:- كإشكالية الدولة في الحياة العربية العامة ، حضوراً وغياباً ، ومدى استمراريتها ، وطبيعة علاقة الفرد والمجموع العربي بها من حيث هي سلطة وممارسة ومدرسة للخبرة السياسية المفتقدة إلى حد كبير في التجارب العربية.
ومن منطلق هذه الرؤية ذاتها يتم الاقتراب – في الفصلين التاليين – من إشكالية الدولة القطرية باعتبارها الظاهرة والحقيقة السياسية الكبرى في حياة العرب ، وباعتبارها في الوقت ذاته على صعيد الوعي المثالي مصدر شعورهم بالتجزؤ والتشتت والضياع ، فتناول الفصل الرابع ظاهرة فصام العرب بالدولة القطرية على صعيد الوعي الملتبس بها في جذوره التاريخية المنشطرة بين متطلبات المثال – الأنا الجمعي الأعلى – ومعطيات الواقع المدان (الهو القائم) ، بينما يقارب الفصل الخامس حقيقة ذلك الفصام في دراسة تطبيقية تاريخية تحاول لفت النظر إلى أن الدولة القطرية العربية القائمة المتحققة تمثل بمنظور الواقع الفعلي للتاريخ والمجتمع ، ظاهرة توحيدية للتجزؤ الذرّي المجتمعي الذي كان قائماً في ظل الإطار الفضفاض للإمبراطورية العثمانية ، وفي التأرجح بين حضور السلطة المركزية المنظمة وغيابها في معظم المجتمعات العربية قبل قيام الدولة القطرية.
وبنظرة تجريدية مقارنة للمرحلة القطرية في سياق التاريخ الإنساني والعالمي طرح المؤلف في الفصلين السادس والسابع الفرضية المؤسسة على حيثياتها التاريخية والعلمية والقائلة – إن الدولة القطرية تمثل مرحلة إقطاعية مؤجلة – بالمعنى الإنمائي التاريخي للإقطاع – في عصر الرأسمالية العالمية والسيادات الدولية ، وذلك ما أدى تاريخياً إلى التأجيل الموضوعي للوحدة القومية بانتظار إنجاز التنمية القطرية–المقاطعية.
وقد تم التمهيد لهذه الفرضية في الفصل السابع بعد أن تقدمت أدلة الإثبات في الفصل السادس على أن التاريخ العربي الإسلامي لم يعرف النظام الإقطاعي الحقيقي، وأن ماشهده كان إقطاعاً معاكساً الوظيفة الإنمائية التاريخية للإقطاع ، ولذلك تطلب منطق التطور التاريخي ظهور الدولة القطرية – حسب مقتضيات العصر الحديث وظروفه وموازينه – لتعوض بالتنمية القطرية بالمعنى البنيوي الأساسي عن التنمية الإقطاعية المفتقدة.
أما الفصل الثامن ، فقد طرح خلاصات نظرية وإشكاليات فكرية مستخلصة من وقائع الفصول السابقة وشواهدها ، مركزاً بدرجة أساسية على إشكالية العلاقة بين الدولة والديمقراطية في اللحظة التاريخية الراهنة من حياة العرب.
• الكتاب :
محمد جابر الأنصاري – تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القطرية، مدخل إلى إعادة فهم الواقع العربي، ط3، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2000، 203 صفحة.
[email protected]