لم تكن المرجعيات الدينية على مختلف درجات أهميتها بمستوى المسؤولية الفقهية عندما تركت داعش تعيث فسادا بالأرض دون تنبيه المسلمين من تبعات هذه الفتنة، التي تم طبخها على نار هادئة في أكثر من عاصمة” صديقة و مشاغبة” ، فلم تبذل هذه المرجعيات جهدا كبيرا لمنع غرق قارب التعايش السلمي في العراق، بل غضت الطرف عن الاستهداف المنظم لقبور الصحابة في العراق وكأنها وقعت في سوء التقدير للنوايا عندما أمسكت باليد على الموروث و لم تحرث في الأخرى لمعرفة المستور، حيث جمع الداعشيون بين الاثنين ليجعلوا من “القبور المندرسة” وسيلة للتخريب و الترهيب مدفوع الثمن الذي وصل الى بعد امتار من قبر رسول الأمة” ص” ومع ذلك لم يكن رد مرجعيات الدين بمستوى المسؤولية لأنها لم تكفر داعش على نطاق واسع و ملزم لحد اليوم، ما يكشف عن ضغوط ” الأواني المستطرقة الاستخبارية” لتأجيج المشاعر و تغييب الحلول، وهو ما يستدعي مواجهة لا مجاملات مع الأزهر أو علماء وفقهاء المسلمين من مشارق الأرض و مغاربها، لأن المستفيدين يقولون” اذا أنتم لا تكفروا داعش فلماذا تغضبوا من استهدافكم بعدتكم يامسلمين”.
فضحت توقيتات انسحاب داعش” الخيطي الذليل” من الفلوجة وبعدها الموصل عن حقائق تستدعي معالجات لا مزايدات سياسية بطعم الفتنة، بعد أن بات البعض يتكأ على السلطة و يوظفها للتخريب لأنه ليس لاعبا مؤثرا بل ورقة يانصيب، لا تختلف في أهدافها عن تغليف جماعة الارهاب الداعش بمسميات لا علاقة لها بالدين و الخلافة و قبلهما قيم الأرض و السماء، حيث نزلوا على العراق بمناطيد أجنبية تحمل كل التأويلات باستثناء الانتصار للعراقيين.. وعمليات القتل و التدمير شاهد من بين غيره.
لا يمثل الداعشيون مشروعا دينيا وهم من الطائفية كبراءة الذئب من دم يوسف لأن مشروعهم تخريب آخوة العراقيين على الجوانب الانسانية و الاجتماعية، خاصة وأن ” رؤوس الفتنة” متهمون بالكثير باستثناء الورع و مخافة الله..فهم يتنفسون” فحيح الأفاعي” ويحملون ” الغدر” سلاحا مع ايغال في التدمير بشهوة القتل و التخريب الطائفي ” الحاق المزيد من القتل بالشيعة و تدمير الأكثر من مقومات الحياة لدى السنة”، على ايدي مصاصي دماء يمثلون مشاريع مخابراتية لكل الدول وقودهم العراقيين المغفلين بعقد متراكمة من بينها الظهور الشعبي و الكسب المادي و جلد الذات للسير عكس تيار الواقع لتأتي في اخر التصنيف ما يطلقون عليه ” الجهاد الديني مدفوع الثمن”.
الانهيار المذل لداعش في الفلوجة آخر مسمار في نعش هذه الشركة” متعددة الجنسيات” التي خططت لاستثمار ” تخريبي طويل الأمد” فحصدت ريحا مغبرا، لأن أي مشروع يخسر حاضنته الشعبية و تنكشف أمراضه النفسية و المادية في سنتين يعني أنه مشروع فتنة و تخريب قصير الأمد، وهو ما حصل في الميدان بشهادة مقتل ” القوة الضاربة ” بعملية يختلف الخبراء على منفذيها و توقيتاتها، بينما الصحيح كان من المنطقي التركيز على سبب هذه الانهزامية، و التي هي باختصار ” انتهاء الفصل الدراسي الأول و التضحية بالمشاغبين من الطلبة” والمقصود الارهابيين الأجانب، قبل عودتهم الى بلدانهم لتنفيذ الصفحة الثانية من المشروع في اشاعة حرب على المسلمين في أوروبا، لذلك كان تفجير مطار أتاتورك بداية السطر الأخير من تفاصيل” العشاء الأخير” في الفلوجة.
سنكتشف أن ” الخليفة المزعوم” واجهة استخبارية لمخابرات أكثر من دولة تلتقي في الهدف و تختلف في التفاصيل فطالما البغدادي ينشغل بتفخيخ الارهابيين على أراضي عربية باجساد مسلمة فانه نجح بتحقيق الهدف الأسمى ” اشغال المنطقة العربية بهزائم داخلية و تشويه متفق عليه للاسلام”، ما يؤكد بطلان كل الشعارات التي رفعها داعش، فلا هو يؤمن بوحدانية الله و لا قدسية رسوله لأن التنظيم مارس ” البغاء السياسي و الانحراف الاخلاقي” لتشويه قيم المجتمع العراقي لمصلحة كل العواصم التي تلتقي عند هدف تشظي العراق طائفيا و جغرافيا.