أمور عسكرية
أعلن رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة أمام كل العراقيين تحديد ساعة الصفر لبدء العملية العسكرية لتحرير محافظة صلاح الدين ومدينة تكريت من احتلال داعش . كان الأجدر أن يقول أنه وافق على البدء بالهجوم , لأن القائد العام للقوات المسلحة لا يعتبر قائد ميداني , هو قائد سياسي يترأس الحكومة قبل ان يكون قائداً عاماً للقوات المسلحة . هو يستلم مشورة من وزير الدفاع تفيد أن عملية تحرير صلاح الدين قد حان أوانها من كافة النواحي , وأنه ينتظر موافقته على البدء بالعملية , وعندما يعطي موافقته ينتهي دوره العسكري , ويصبح مراقباً ومتابعاً للعمليات العسكرية من دون ان يتدخل بالمجريات العسكرية إلا بمشورة وزير الدفاع .

بعد أن يعطي القائد العام للقوات المسلحة موافقته على بدء العملية العسكرية يبدأ العمل في الميدان بقيادة رئيس اركان الجيش , هذا لا يعني ان رئيس اركان الجيش هو الذي يقود القطعات في الميدان دائماً , بل ان هناك قادة عسكريين على مختلف المستويات يتولون قيادة القطعات , ولكن باشراف مباشر من رئيس اركان الجيش , هذا يعني أن رئيس أركان الجيش هو أعلى ضابط يتولى قيادة القوات في الميدان , وهو مسؤول أمام القائد العام للقوات المسلحة عن سير المعارك في الميدان .

مثال

عندما قرر أوباما رئيس الولايات المتحدة والقائد الاعلى للقوات المشتركة الامريكية توجيه ضربات صاروخية لمواقع عسكرية سورية قبل حوالي العام , صرح قائلاً ( ابلغت القيادة العسكرية إتخاذ الاستعدادات لتوجيه ضربات لاهداف عسكرية سورية مختارة ) ما قاله أوباما هو أمر سياسي / عسكري لا يتخذه سوى القائد الأعلى للقوات المشتركة الامريكية حيث ينتهي دوره , ويبدأ دور رئيس اركان القوات الامريكية المشتركة لتنفيذ هذا الامر .

سياقات

عندما أعلن رئيس الوزراء ساعة الصفر لبدء عملية عسكرية كبرى كان المفروض ان يكون الى جانبه وزير الدفاع باعتباره المسؤول عن الشؤون العسكرية في مجلس الوزراء , وكذلك رئيس اركان الجيش باعتباره أعلى قائد ميداني , وهو المسؤول عن تنفيذ هذه العملية الكبرى وقيادتها في الميدان . وعندما يتعذر حضوره فالمفروض حضور معاون رئيس الاركان للحركات .اعلان رئيس الوزراء بدء عملية عسكرية كبرى من دون ان يقف الى جانبه عسكري واحد هو أمر غريب بحاجة الى تفسير .

الحشد الشعبي

ما هو الحشد الشعبي ؟ هو تجمع يضم رجال متطوعون معظمهم شيعة , تحشدوا تلبية لنداء مرجعية السيد علي السيستاني للقضاء على ميليشيا داعش الاجرامية , هم شجعان ومخلصون وابطال , لكنهم غير منظمين تنظيماً عسكرياً , وغير مدربين تدريباً عسكرياً , وغير مسلحين تسليحاً جيداً , وغير مؤهلين لتحرير الاراضي العراقية المحتلة من دون اسناد وتعاون قوات عسكرية نظامية مدربة ومسلحة بشكل جيد , علماً ان قتال العصابات داخل المدن هو من أصعب اشكال الحروب , كما ان المدفعية الساندة لا يمكن ان تكون بديلاً للمشاة .

العبودية

لم تبذل الكتل السياسية التي تولت السلطة في العراق عام 2003 الى اليوم جهوداً تذكر لتشكيل جيش عراقي كفوء , وتمت الاستعانة بضباط بعثيين سابقون لمجرد كونهم شيعة , ووصلوا الى أعلى الرتب في الجيش من دون ان يبنوا جيشاً يتمكن من حماية حدود الوطن , وقد استطاعت ميليشيا اجرامية تتألف من قتلة مأجورين من دحر الجيش واحتلال ثلث العراق .

لقد كانت هذه فرصة لأيران كي تبعث بحرسها الثوري داخل اراضٍ عراقية بحجة مقاتلة داعش بعلم وتأييد التحالف الوطني الشيعي الذي يضم أحزاباً وكتل شيعية ترى في ايران جارة كبرى الى درجة ان ان احد قادة الحشد يصرح بأنه ( لولا ايران لكان العراق في خبر كان ) . ولم يخجل ضباط الجيش العراقي الذين يحملون رتباً عالية ( عميد ركن ولواء ركن وفريق ركن وفريق اول ركن ) وعددهم بالمئات من الاستعانة بضابط ايراني اسمه قاسم سليماني كمستشار عسكري , لأستشارته من قبل الضباط العراقيين , وكأن العراق خالٍ من ضباط مشهود لهم بالكفاءة والاخلاص .

الأستنتاجات

1- أعلن السيد حيدر العبادي ساعة الصفر لتحرير محفظة صلاح الدين يوم الأثنين 2آذار 2015 وهو يقف بين مقاتلين مدنيين من الحشد الشعبي من دون أن يظهر معه ضابط أو عسكري واحد , هذا إعتراف علني من الحكومة العراقية الحالية أنها لا تعترف بوجود جيش عراقي .

2- الأستعانة بقوات الحرس الثوري الأيراني وبقاسم سليماني هو عار على قادة الجيش العراقي الحالي الذين يحملون على اكتافهم رتباً عسكرية كبيرة لا يستحقونها ولا يخجلون من حملها .

3- رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الاول بابكر الزيباري هو بمثابة ( الرجل الخفي ) الذي لا يظهر حتى في المناسبات . أليس من المخجل وجود رئيس لأركان الجيش لا أحد يعلم أين هو ؟ وما هو ؟ وكيف هو ؟ هذا التقصير ليس منه بل من وزير الدفاع الذي لا يسأله عما يفعل.

4- الناطق العسكري بأسم جيش الولايات المتحدة الأمريكية يحمل رتبة رائد , والناطق العسكري باسم جيش العراق يحمل رتبة فريق أول . ما شاء االله .

5- لم يتم الى حد اليوم القضاء على الفضائيين في الجيش العراقي , لقد اصبح هذا الموضوع الذي يكلف مليارات الدنانير شهرياً أمراً محضوراً لا يجوز تداوله , اليس كذلك يا وزير الدفاع ؟

6- تقدم القوات العراقية لتحرير تكريت بطيء باعتراف الحكومة , هذا أمر متوقع لأن القوات القائمة بالهجوم هي قوات غير نظامية وغير مدربة . يجب ان يعلم الجميع أن الاخلاص والوطنية والاندفاع هي اسلحة مهمة في الحرب , إلا أن النصر لا يتحقق من دون تدريب وسلاح وتنظيم . التوقعات

1- سوف لن يتم تقصير المقصرين الحقيقيين في مجزرة سبايكر وسقوط الموصل .

2- ستقع مسؤولية مجزرة سبايكر على أهالي تكريت , ومسؤولية سقوط الموصل على أهل الدينة .

3- سوف لن يتم تحرير تكريت , بل ستصبح مثل الفلوجة ( قصف عشوائي وضحايا مدنيين كل يوم ) إذا لم يتم زج قطعات عسكرية عراقية بقيادة ضباط عراقيين .

4- التيار الذي يقوده نوري المالكي وهادي العامري حقق انتصارات على القوى الشيعية الاصلاحية بدعم ايراني علني , وسكوت امريكي واضح , والكرد يعرفون ذلك ويخشون التدخل بسبب المشاكل الداخلية التي يعاني منها الأقليم .

5- سوف لن يتمكن السيد العبادي من تحقيق شيء مما وعد به الشعب العراقي وسيصبح ضحية نياته الصافية ’ إذا ما ظل وحده يسبح ضد التيار الداخلي الهدام ’ هناك قوى عراقية لها وزنها من الشيعة والسنة والكرد يؤيدون خطوات العبادي ويساندون محاولاته الاصلاحية , هو يعلم ذلك وشعب العراق ايضاً .

النصيحة الوحيدة التي أرجو ان يتقبلها السيد العبادي وكذلك وزير الدفاع هي ( قوة الدولة تتحقق بوجود جيش قوي , ولا يمكن بناء جيش عراقي قوي ونظامي بكادر وزارة الدفاع الحالي , الذي انكشف فشله الذريع , عليك بإعادة تنظيم وزارة الدفاع من أساسها , وتوكل على الله ) .