منذ ثمانينيات القرن الماضي وقبل ان تضع أي من دول المنطقة في أولويات إهتماماتها البحث والتطوير في الوسائل الحديثة لتوليد الطاقة النظيفة ، إحتل العراق موقع الريادة في هذا الحقل حيث تم إستحداث مركزاًلبحوث الطاقة الشمسية يتبع الى مجلس البحث العلمي العراقي .
ونتيجة للظروف الاستثنائية المعروفة والتي عصفت بالبلاد حرم العراق من مواكبة التطور المتسارع في البحث عن المصادر المتجددة كالطاقة الشمسية أو طاقة الرياح وبقى رهينة الأعتماد على محطات توليد الكهرباء التقليدية الكبيرة كالبخارية والغازية والكهرومائية وهنا حصل الأخفاق في إستخدام الطاقة المتجددة وبالتالي التنويع في مصادر توليد الطاقة ، بالرغم من تمتع العراق بطاقة شمسية هائلة تتوافر على مدار أيام السنة تقريباً حيث يبلغ عدد الأيام التي تسطع فيها الشمس بحدود ٣٠٠ يوم من أصل ٣٦٥ يوم وخصوصاً المناطق الغربية منه وتحديداً في النجف والأنبار والسماوة ، وعلى ضوء ذلك فأن المعطيات الفنية تشير الى إمكانية إستغلال هذه الطاقة الشمسية وتحويلها الى طاقة كهربائية وفق الأساليب المتاحة والمطبقة عالمياً كالنظام الضوئي (photo-voltaic ) أو نظام المركزات الشمسية (concentrted solar power) .
أما على صعيد إستغلال طاقة الرياح وعلى ضوء البحوث المعتمدة والمدعومة ببيانات هيئة الانواء الجوية العراقية فأن مناطق البصرة وذي قار مناسبة لإنشاء مزارع لتوربينات الرياح إستناداً لمعدل سرعات الرياح والتي تتراوح بين4.8 – 5.7 متر بالثانية.
كما لابد الأشارة هنا الى توافر موارد ومصادر متاحة أخرى غير الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كالطاقة الحيوية (Bio Mass ) وطاقة حركة الموج وغيرها.
إن التقنيات الخاصة في كافة جوانب الموضوع كثيرة ومختلفة ومتداولة بكثافة على منصات البحوث النظرية ومتسارعة في وضع لمسات أكاديمية مميزة، لتحقق قفزات علمية متطورة على مستوى العالم ….. ما ينقصنا في العراق هو الأهتمام الجدي والفاعل لوضع خطوات تنفيذية لأقامة مشروعات من هذا النوع مع ضرورة ان تسبقها حزمة من التشريعات المشجعة والتي فقدت في ظروف غياب الارادة الوطنية المستقلة الصادقة وتسلط الادارات البائسة .
إن القوانين المشرعة في العديد من الدول والتي قطعت اشواطاً ناجحة في موضوع الاستغلال الامثل لمصادر الطاقة المتجددة كانت الانطلاقة الضامنة لها في تطوير هذا الحقل المهم ،
ويمكننا هنا تلخيص بعض من الضوابط والقوانين المقترحة والمعمول بها في أغلب دول العالم الناشطة في هذا المجال:
– إعفاء المعدات الداخلة في تصنيع أو إقامة مشاريع خاصة بالطاقات المتجددة من الضرائب والرسوم الكمركية كذلك تشجيع المستثمرين لأنشاء مصانع خاصة لمعدات محطات توليد الطاقات النظيفة.
– دعم وتمويل مشاريع الطاقة المتجددة عن طريق منح قروض طويلة الأمد معفاة من الفوائد .
– على مستوى الطاقة الشمسية المنزلية تتحمل الدولة كلفة نصب العدادات ثنائية التسجيل مع
تعهدها بشراء الفائض عن الأستهلاك المنزلي ووفق تعليمات محددة.
– عدم منح إجازات البناء للدور والمنشآت بدون شرط الاستفادة من الطاقة الشمسية ولو لتسخين المياه على أقل تقدير .
ولا بد من الأشارة الحتمية لجانب الأهتمام بتوعية المواطن ونشر ثقافة الاستغلال الأمثل لهذه الطاقات من خلال مناهج المدارس والجامعات وإعطاء دور للمؤسسات الاعلامية ونشاطات المجتمع المدني بالأضافة الى دور خطباء الجوامع ، ولدعم هذا أيضاً لا بد من إستحداث فروعاً في كليات الهندسة والمعاهد لدراسة تقنيات الطاقات المتجددة.
إن إهمال المعنيين وعدم الأكتراث بما يستحقه الموضوع وعدم الشروع بخطوات متوازية ومتسارعة وجدية للحاق بركب دول المنطقة والكثير من دول العالم حتى الفقيرة منها سوف يبقي العراق ومصالحه المشروعة خاضعاً لارادات خارجية لتأمين أهداف مشبوهة بحرمان العراقيين من إستغلال ثرواتهم وتسخير مواردهم الطبيعية كما ينبغي .