23 ديسمبر، 2024 12:17 ص

تقطيع شعر حر(تفعيلة) لشعراء كبار عروضيًّا

تقطيع شعر حر(تفعيلة) لشعراء كبار عروضيًّا

تقطيع شعر حر(تفعيلة) لشعراء كبار عروضيًّا، ولمعظم البحورالمستعملة
الحلقة الثانية
بعد نشر خاطرتي عن بحور شعر التفعيلة، وذكرت أنّه دقيق جدًّا، وربّما أصعب مراسًا من الشعر العمودي من حيث الوزن وترتيب التفعيلات والتدوير، طلب مني بعض الأدباء والشعراء والقرّاء محبّذين، أن أقرن خاطرتي بأمثلة لشعر تفعيلة مقطّع عروضيًّا ولتفعيلات البحور المستعملة؛ فجمعت بعض ما ورد في كتابي ( كتاب العروض و القوافي والضرائر الشعرية ) المطبوع والمنشور والموزع من قبل دار فضاءات – عمان – الأردن- 2015م، وأضفت لما جمعت بعضًا؛ بعضَ ما ورد في ذهني، والله الموفق على كلّ حال.

أولًا – البحور الصافية:

1 – الرجز في شعر التفعيلة: ( مستفعلن)، و جوازاتها، مثل قصيدة السياب (إنشودة المطر):
عيناك غابتا نخيلٍ ساعة السّحرْ
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمرْ
عيناك حين تبسمان تورق الكرومْ
وترقص الأضواء كالأقمار في نهرْ
يرجّه المجذاف وهنآ ساعة السحرْ
كأنّما تنبض في غوريهما النجومْ
وتغرقان في ضباب من أسى شفيف
كالبحر سرح اليدين فوقه المساء
دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريف
والموت، والميلاد، والظلام، والضياء
……………………………………..
التقطيع:

عَيْنا كغا/بتا نخي /لن سا عتس /سحر
مستفعلن/ متفْعلن/مستفعلن/فعلْ
أو شر فتا/نرا حَيَنْ/ءاعن همل/ قمر
مستفعلن /متفْعلن / مستفعلن / فعلْ
عي نا كحي/ نتب سما/ نتو رقل/ كُرُوْمْ
مستفعلن /متفْعلن /متفعلن/فعولْ
كأن نما/ تن بِضُفي /غو ري همن /نُجُوْمْ
مفتْعلن / مسْتعلن/مستفعلن /فعول
عيناكِ غابتـا نخيـلٍ ساعـةَ السحَـرْ = 4 3 3 3 4 3 3
أو شُرفتان راح ينـأى عنهمـا القمـر = 4 3 3 3 4 3 3
فأنتم ترون تفعيلات القصيده كلها على وزن
مستفعلن وتأتي مفتعلن وتنتهي ب(فعلن)، وأحيانآ ب(فعلْ أو فعو)، وفي هذه الأحيان، إذا انتهت الكلمة الثلاثية بحرف صحيح ساكن، فوزنها (فعلْ)، وإذا انتهت الكلمة الثلاثية بحرف لين، فوزنها (فعو).
ولماذا تنتهي التفعيله الأخيره أحيانآ بوتد مجموع وأحيانآ بفاصلة؟ هذا تابع لأذن الشاعر الحساس.
………………………………………………………………
ومن قصيدة يوسف الخال (البئر المهجورة) نورد هذه الأبيات:
عرفت إبراهيم، جاريَ العزيزَ، من زمان
عرفته بئراً يفيض ماؤها
وسائر البشر
تمر لا تشرب منها، لا ولا
ترمي بها، ترمي بها حجر
لو كان لي،
لو كان أن أموت أن أعيش من جديد،
أتبسط السماء وجهها، فلا
تمزق العقبان في الفلاة
قوافل الضحايا؟

مفاعلن مستفعلن مفاعلن مفاعلاتن
مفاعلن مستفعلن مفاعلن
مفاعلن فعل
مفاعلن مفاعلن مستفعلن
مستفعلن مستفعلن فعل
مستفعلن
مستفعلن مفاعلن مفاعلن فعولن
مفاعلن مفاعلن مفاعلن
مفاعلن مستفعلن فعولن
مفاعلن فعولن

نرى أن الشاعر استعمل في البيت (مستفعلن) الصحيحة و(مفاعلن) المحذوفة الثاني ولم يستعمل (مفتعلن) المحذوفة الرابع.
أما فعلتن المحذوفة الثاني والرابع فهي نادرة الاستعمال، زحاف قبيح.
في آخر البيت نرى الشاعر يستعمل الشكل المرفل (مفاعلاتن) أي أنه أضاف سبباً في نهاية التفعيلة، أو الشكل المقطوع (فعولن) الذي يوازي مفعولن أو الشكل المحذوف الوتد (فعل) وهو يوازي (فعلن).
من جوازات الرجز (مستفعلن) تصبح متفْعلن أو مفاعلن، مفْتعلن ، متعلن ، مفعولن، فعولن، فعلن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 – المتقارب في شعر التفعيلة ( فعولن) وجوازاتها.
أ – (المتقارب) مبني على (فعولن).
ب – تأتي التفعيلة في بيت المتقارب على أحد الشكلين:
فعولن، فعول.
ج – في نهاية البيت يدخل على التفعيلة من العلة ما يلي:
– تعويض السبب بساكن فتصبح (فعول)
(- حذف السبب من آخرها فتصبح (فعل
أمثلة:
:(أ) من المتقارب قصيدة درويش، (إلى أمي)
أحن إلى خبز أمي
وقهوة أمي
ولمسة أمي
وتكبر فِيَّ الطفولة ُ
يوما على صدر أمي
وأعشق عمري لأني
إذا متُّ،
أخجل من دمع أمي

فعول فعولن فعولن
فعولن فعولن
فعولن فعولن
فعول فعولن فعول فـ
ــعول فعولن فعولن
فعول فعولن فعولن
فعولن فـ
ــعولن فعولن فعولن
جاءت التفاعيل في هذه القصيدة على إحدى الصورتين: فعولن، فعول.
:(ب) ومن قصيدة درويش (الرجل ذو الظل الأخضر)، نورد هذه الأبيات
نعيش معكْ
نسير معكْ
نجوع معكْ
وحين تموت
نحاول ألا نموت معك!
ولكن،
لماذا تموت بعيدا عن الماء
والنيل ملء يديك؟
لماذا تموت بعيدا عن البرق
والبرق في شفتيك؟
فعول فعل
فعول فعل
فعول فعل
فعول فعل
فعول فعولن فعول فعل
فعولن
فعولن فعول فعول فعول فـ
ـعولن فعول فعول فعولن فعول فعولن فعولن فـ
ـعولن فعول فعول.
نرى أن في آخر البيت جاءت التفعيلة على شكل (فعل) وذلك بعد حذف السبب الأخير، كما أنها وردت على الشكل (فعول) بتعويض السبب بساكن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

3 – المتدارك في شعر التفعيلة، تفعيلته (فاعلن)، و جوازاتها:
يستعمل الشعراء نوعين من المتدارك: النوع الأول هو مقلوب المتقارب والنوع الثاني هو الخبب، وهما في رأينا بحران مختلفان.
(أ – المتدارك مقلوب المتقارب، السبب أولًا، والوتد المجموع ثانيًأ؛ فالتفعيلة(فاعلن
:ب – في هذا البحر تأخذ تفعيلة البيت أحد الشكلين
فاعلن، فعلن.
ج – في نهاية البيت قد يُضاف ساكن فتصبح التفعيلة (فاعلان) أو (فعلان)، ومن الشعراء من يرفل التفعيلة أي يضيف إليها سبباً فتصبح (فاعلاتن).
تقطيع مقطع من قصيدة (قارئة الفنجان) لنزار قباني:
جلسَتْ والْخوفُ بعينيها
جلسَتْ ـ ولْ خو ـ فُ بِعَيْ ـ نيْهَا
فعلن – فعْلن – فعلن – فعْلن
تتأمّلُ فنْجاني المقْلوبْ
تتأمْ ـ ملُ فِنْ ـ جَانلْ ـ مقْلوبْ
فعلن – فعلن – فعْلن – فاعلن
قالتْ يا ولدي لا تحْزنْ
قَالتْ ـ يَا وَلَ ـ دي لا ـ تحْزنْ
فعْلن – فاعْلُ – فعْلن – فعْلن
فالْحبّ عليكَ هو المكْتوبْ
فَلْ حُبْ ـ بُ عَلَيْ ـ كَ هُوَلْ ـ مكْتوبْ
فعْلن – فعلن – فعلن – فاعلن
بصّـــــرْتُ ونجّــــمْتُ كــــثيرًا
بَصْصرْ ـ تُ وَنَجْ ـ جَمْ تُ كَ ـ ثِيرَنْ
فعْلن – فعلن – فعْلن – فعلن
لكنّي لمْ أقْرأْ أبدًا
لاكِنْ ـ ني لَمْ ـ أقْرأْ ـ أبَدَنْ
فعْلن -فعْلن – فعْلن -فعلن
فنْجانًا يُشْبه فنْجانَكْ
فِنْجَا ـ نَنْ يُشْ ـ بِهُ فِنْ ـ جَانَكْ
بَصّرْتُ ونجّمْتُ كثيرًا
بَصْصرْ ـ تُ ونجْ ـ جمْتُ كَ ـ
لكنّي لمْ أعْرفْ أبدًا
لاكِنْ ـ ني لمْ ـ أعْرفْ ـ أبدَنْ
أحْزانًا تشْبه أحْزانَكْ
أحْزَا ـ نَنْ تُشْ ـ بِهُ أحْ ـ زَانَكْ
مقْدورُكَ أنْ تمْضيَ أبدًا
مقْدو ـ رُكَ أنْ ـ تمْضيَ ـ أبدَنْ
في بحْرِ الحبّ بغيرِ قلوعْ
في بَحْ ـ رِلْ حُبْ ـ بِ بِغَيْ ـ رِ
وتكونَ حياتُكَ طولَ العمْرِ كتابَ دموعْ
وتكو ـ نَ حَيَا ـ تُكَ طو ـ لَلْ عُمْ ـ رِ كِتَا ـ بَ دموعْ
مقدورُكَ أنْ تبْقى مسْجونًا بينَ الماءِ وبينَ النارْ
مقدو ـ رُكَ أنْ ـ تبْقا ـ مسْجو ـ نَنْ بَيْ ـ نَلْ مَا ـ ءِ وَبَيْ ـ نَنْ نَارْ
القصيدة كلّها من تفعيلة البحر المتدارك ( فاعلن أوجوازاتها)
والشاعر نزار قباني كثيرا ما استعمل هذا البحر بمخبون تفعيلاته لزيادة سرعته ، فأصبحت موسيقاه قابلة للتلحين الجميل ، والغناء الطروب ، فتهافت المغنون والمغنيات :
الآن الآن وليس غداً
أجراس العودة فلتقرع
ال أا نل أا نوَلي سغدن
/ه/ه /ه/ه ///ه ///ه
فْعْلن فعْلن فعِلن فعِلن
أجْرا سلْ عو دتِفلْ تقْ رعْ
/ه/ ه /ه/ه ///ه / ه/ه
فعْلن فعْلن فعِلن فعْلن

ول القصيدة إذا جاءت كلها ( فعلن)، أو (فعْلن)، فتسمى على بحر (الخبب) كقصيدة ( يا ليلُ: الصبُّ متى غدُهُ) للحصيري القيرواني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

4 – الكامل في شعر التفعيلة (متفاعلن)، وجوازاتها.

الكامل مبني في القصيدة التفعيلية على التفعيلة:
أ – ترد تفعيلة الكامل على أحد الشكلين: متفاعلن، مستفعلن، ونادراً ما نراها على شكل مفاعلن بحذف متحرك من السبب الثقيل.
ب – في آخر البيت قد يُضاف حرف ساكن إلى نهاية التفعيلة ( التذييل)، وقد يُضاف سبب خفيف ( الترفيل)، وقد يُحذف الوتد من آخر التفعيلة.
أمثلة:
لسميح القاسم هذه القصيدة من الكامل (ثورة مغني الربابة):
غنّيت مرتجلاً على هذي الربابة، ألف عام
مذ أسرَجت فرسي قريش،
وقال قائدنا الهمام:
اليوم يومكمُ! فقوموا واتبعوني،
أيها العرب الكرامْ
اليوم يومكمُ…
وصاح: إلى الأمام.. إلى الأمام
مستفعلن متفاعلن مستفعلن متفاعلان
مستفعلن متفاعلن مـ
ــتفاعلن متفاعلان
مستفعلن متفاعلان مستفعلن مسـ
ــتفعلن متفاعلان
مستفعلن متفا
علن متفاعلن متفاعلان

التفعيلة الأساسية جاءت على شكل (متفاعلن)، وإحدى جوازاتها (مستفعلن). وفي
آخر البيت أضيف حرف ساكن إلى التفعيلة( متفاعلن)، فأصبحت ( متفاعلان)، وهو تذييل.
وفي القصيدة نفسها نجد هذا البيت:
وبنيت جامعة ً ومكتبة ً ونسَّقت الحدائق
متفاعلن متفاعلن متفاعلن مستفعلاتن
أي أضاف سببًا خفيفًا إلى ( مستفعلن)؛ فأصبحت ( مستفعلاتن). وهو ترفيل.
……………………………………………………………………
مثال آخر على (الكامل):

يقول محمود درويش في قصيدة (الحزن والغصب):
الصوتُ في شفتيكَ لا يُطربْ
والنار في رئتيكَ لا تُغلبْ
وأبو أبيك على حذاء مهاجرٍ يُصلبْ
وشفاهُها تعطي سواكَ ’ ونهدُها يُحلبْ
فعلام لا تغضبْ ؟
التقطيع:
مستفعلن متفاعلن فعلن
مستفعلن متفاعلن فعلن
متفاعلن متفاعلن متفاعلن فعلن
متفاعلن مستفعلن مـتفاعلن فعلن
متفاعلن فعلن

ونرى أن التفاعيل في نهاية البيت قد حذف منها الوتد فآلت (متفاعلن) إلى (متفا) بحذف الوتد وإسكان الثاني ونقلناها إلى (فعلن) وهذا التغيير علة معروفة نجدها في الكامل.
وهذا مقطع من قصيدة (خمسون عامًا والنّضال يمرُّ من دون الأغرْ)، وهي من شعر التفعيلة، تفعيلة البحر الكامل( متفاعلن )، وجوازاتها )، لكاتب هذه السطور:

خمسون عاماً (متْفاعلن متْـ )
والنضال يمرُّ من دون الأغَرْ (فاعلن متفاعلن متفاعلن)
خمسون عاماً والنضالُ يمرُّ لا ( متْفاعلن متْفاعلن متفاعلن)
شمسٌ بساحتهِ ( متفاعلن متفا)
ولا حلَّ القمرْ..!! (علن متْفاعلن)
خمْسون عامًا (متْفاعلن متْـ )
سارقي النْيران والجمراتِ من موج البحرْ(فاعلن متْفاعلن متفاعلن متْفاعلن)
بئس المطايا والخطايا والزُّمَرْ (متْفاعلن متْفاعلن متْفاعلن)
خمسون عاماً…!! (متفاعلن متـْ )
والقيود تروم لحظات العثرْ …!! (فاعلن متفاعلن متْفاعلن)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

5 – الهزج في شعر التفعيلة ( مقاعيلن):

الهزج مبني على التفعيلة: مفاعيلن، جوازاتها: مفاعيل، مفاعلن.
استعمال تفعيلة ( مفاعلن) قل شيوعاً.
بإمكان الشاعر أن يُضيف حرفًا ساكناً في نهاية البيت أو يحذف سبباً كما هو وارد في الشعر العمودي.
الهزج بحر لم ينظم عليه أصحاب شعر التفعيلة؛ فقضى عليه الوافر، وذلك لأن الفرق بين البحرين يكمن في التفعيلة مفاعلتن التي تميّز بينهما فإن وردت ولو مرة واحدة في القصيدة فالوزن هو الوافر. ولابد أن تأتي هذه التفعيلة عفوًا قي قصائدهم؛ وبالتالي القصيدة من الوافر.
ومن الأمثلة القليلة لهذا البحر نذكر قصيدة يوسف الخال التي عنوانها (الحوار الأزلي):

عبيد نحن للماضي، عبيد نحنُ
للآتي، عبيد نرضع الذل
من المهد إلى اللحد. خطايانا
يد الأيام لم تصنع خطايانا
خطايانا صنعناها بأيدينا،
لعل الشمس لم تشرق لـِتـُحـْيـِـيْـنـَا

مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مـ
ــفاعيلن مفاعيلن مفاعيل
مفاعيلن مفاعيل مفاعيل
مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن
مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن
مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6 – الرمل في شعر التفعيلة (فاعلاتن):
يعدُّ بحر الرمل في شعر التفعيلة من أشهر البحور، وهو البحر الأكثر شيوعًا ، يمتاز بسلاسته وسهولته، فتفعيلتة تمنحُ الشاعر حريَّة كبيرة في السيطرة على الكلمة، لكثرة جوازاتها؛ وهي: فاعلاتن، فَعلاتن، فاعلاتُ، فاعلن، فعلاتُ، فعلن، فاعلاتان، فعلاتان.
يذكر بدر شاكر السياب في ديوانه (أساطير)؛ أن أول قصيدة من الشعر الحر ( التفعيلة)، هو الذي نظمها ، ونشرها سنة 1947م، تحت عنوان “هَلْ كَانَ حبًّا”، ودوّنها من بعد في ديوانه (أزهار ذابلة)؛ ولكن نازك الملائكة تنازعه الريادة، وتقول إنّ قصيدتها ( الكوليرا)، والتي نشرت في السنة نفسها، قد سبقت قصيدة السياب، المهم أن قصيدة السياب من البحر الرمل، وتفعيلتها(فاعلاتن)، أو إحدى جوازاتها، وواضح أنها قريبة من الشعر العمودي، وإليك المقطع الأول:
هَلْ تُسمّينَ الذي ألقى هياما ؟
أَمْ جنوناً بالأماني ؟ أم غراما ؟
ما يكون الحبُّ ؟ نَوْحاً وابتساما ؟
أم خُفوقَ الأضلعِ الحَرَّى ، إذا حانَ التلاقي
بين عَينينا ، فأطرقتُ ، فراراً باشتياقي
عن سماءٍ ليس تسقيني ، إذا ما ؟
جئتُها مستسقياً ، إلاّ أواما
التقطيع سهل:
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
فاعلاتن فاعلاتن فعلاتن فاعلاتن
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن

……………………………………………………………………………………

نتأمل هذا المقطع من قصيدة لسميح القاسم:
تعبر الريح جبيني
تعْ برر ريْ حجبي ني
فاعلاتن فعلاتن
/ه//ه/ه ///ه/ه
والقطارْ
فاعلاتْ
/ه//ه ه

يعبر الدار فينهار جدار
فاعلاتن فعلاتن فعلات
/ه//ه/ه ///ه/ه ///ه ه
بعده يهوى جدار
فاعلاتن فاعلات
/ه//ه/ه /ه//ه ه
وجدار بعده يهوى
فعلاتن فاعلاتن فا
///ه/ه /ه//ه/ه /ه
وينهار جدار
علاتن – فعلات
//ه/ه ///ه ه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثانيًا- البحور المركّبة:

1 – الوافر في شعر التفعيلة ( مفاعلتن فعولن)، وجوازاتهما:
من قصيدة ( في المغرب العربي ) لبدر شاكر السياب:

و كان يطوف من جدّي (مفاعلتن مفاعيلن)
مع المدّ (مفاعيلن)
هتافٌ يملأ الشطآن يا ودياننا ثوري ( مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن )
و يا هذا الدم الباقي على الأجيال ( مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مـ )
يا إرث الجماهيرِ ( فاعيلن مفاعيلن )
تشظّ الآن و اسحق هذه الأغلالْ (مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مـْ)
و كالزلزالِ (مفاعيلن مـَ )
هزّ النير أو فاسحقه و اسحقنا مع النيرِ (فاعيلين مفاعيلن مفاعيلن )
و كان إلَهنا يختال ( مفاعلتن مفاعيلن مـ)
بين عصائب الأبطال (فاعلتن مفاعيلن مـ)
من زند إلى زندِ (فاعيلن مفاعيلن)
كما ترى جاءت التفاعيل كلها من تفعيلة الوافر ( مفاعلتن ) أو من جوازاتها ( مفاعيلن ) ، ولو لمْ تأتِ ( مفاعلتن ) ، ولا مرّة واحدة ، وكانت كل التفعيلات (مفاعيلن) ، لكان البحر ( الهزج)، وهذا نادر، سأيتيك الكلام. .
وهذه الأبيات من قصيدة لمحمود درويش: (أهديها غزالاً ) ، أيضاً من الوافر :
وشاح المغرب الورديّ فوق ظفائر الحلوه (مفاعيلن مفاعيلن مفاعلتن مفاعيلن)
وحبة برتقالٍ كانت الشمس (مفاعلتن مفاعيلن مفاعيلن)
تحاول كفُّها البيضاء أن تصطادها عنوه (مفاعلتن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن)
وتصرخ بي، وكل صراخها همس (مفاعلتن مفاعلتن مفاعيلن)
أخي! يا سُلَّمي العالي ! (مفاعيلن مفاعيلن)

أريد الشمس بالقوَّه ! (مفاعيلن مفاعيلن )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2 – البحر السريع الذي وزنه التفعيلي:
مستفعلن مستفعلن فاعلن .. مستفعلن مستفعلن فاعلن
ووزنه الرقمي:
2 2 3 2 2 3 2 3 .. 2 2 3 2 2 3 2 3
جوزاته:
جوازات (مستفعلن) في السريع هي عينها في الرجز – كما مرّت علينا- إذ يجوز أن تأتي:
صحيحة (مستفعلن) /0/0//0
مخبونة (متفعلن) //0//0
مطوية (مستعلن) /0///
مخبولة (متعلن) ////0
مخبونة مقطوعا(مكبولة) : (متفعل) //0/0
إن الأصل في التفعيلة اﻷخيرة أنها على وزن (مفعولات) فأصابها الطي والكشف (ويسمى الكسف أيضا) فأصبحت (فاعلن).
نعم تأتي عروض السريع مطوية مكسوفة ، أي (فاعلن) ، وقد ذكر الزمخشري وغيره جواز مجيئها مخبولة مكسوفة ، أي على وزن (فعلن) ///0 ،وفي هذه الحالة يكون ضربها على وزن (فعلن ///0 )، أو (فعْلن /0/0).
السياب إلى جميلة بو حيرد ….(السريع):

يا أختنا المشبوحة الباكية
يا أختنلْ مشْبوحتلْ باكية
مستفعلن مستفعلن فاعلن
أطرافك الدامية
أطْرافكد دامية
مستفعلن فاعلن
يقطرن في قلبي و يبكين فيه
يقْطرْنفي قلْبي ويبـْ كيْنفيه
مستفعلن مستفعلن فاعلان
يا من حملت الموت عن رافعيْه
يامن حملْ تلْموتعن رافعيْه
مستفعلن مستفعلن فاعلان
من ظلمة الطين التي تحْتويه
من ظلْ متطْ طيْ نلْلتي تحْتويه
مستفعلن مستفعلن فاعلان
إلى سماوات الدم الوارية
إلى سما واتدْ دملْ وارية
متفْعلن مستفعلن فاعلن
حيْث التقى الإنسان و الله و الأموات و الأحياء في شهْقةٍ
حيْثلْ تقلْ إنْسانولْ لاه والْ أمْواتولْ أحْياءفي شهْقتن
مستفعلن مستفعلن مفْتعلن مستفعلن مستفعلن فاعلن
في رعشة للضربة القاضية
الأرض أم الزهر و الماء و الأسماك و الحيوان و السنبل
لم تبل في إرهابها الأول
من خضة الميلاد ما تحملين
ترتج قيعان المحيطات من أعماقها ينسح فيها حنين
و الصخر منشد بأعصابه حتى يراها في انتظار الجنين
الأرض ؟ أم أنت التي تصرخين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3 – البحر الطويل فعولنُ مَفاعِيْلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِلن، الزحافات التي تصحُّ في حشو البحر الطويل، فهي على الشكل التالي: الكفُّ: وهو حذف الحرف السابع الساكن، حيث تصبح مفاعيلن: مفاعيلُ. القبض: والقبض هو حذف الخامس الساكن، حيث تصبح مفاعلين: مفاعلن، وتصبح فعولن: فعولُ.
يقول بدر شاكر السياب في قصيدته (ها ها هو) من البحر الطويل:
رأيْت الّذي لو صدّق الحلم نفسهُ
رأيْ تلْ/ لَذي لو صدْ/ دقلْ حلْ/ مُنفْ سهو
فعولن / مفاعيلن / فعولن / مفاعلن
لمدّ لك الفما
لمدْدَ / لكلْ فما
فعولُ / مفاعلن
و طوّق خصْرًا منك و احْتاز معصما
وطوْوَ / قخصْ رن منْ/ كوَخْ تا / رمعْ صما
فعولُ / مفاعيلن/ فعولن/ مفاعلن
لقد كنت شمسه
لقدْكنْ/ تشم سهو
فعولن/ مفاعلن
و شاء احتراقًا فيك فالقلب يصهر
وشا ءحْ/ تراقن في/ كفلْ قلْ/ بيصْ هرو
فعولن / مفاعيلن / فعولن / مفاعلن
فيبْدو على خدّيْك و الثغر أحمر
فيبْدو/ على خدْديْ / كوَثْ ثغ / رأحْ مرو
فعولن / مفاعيلن / فعولن/ مفاعلن

و في لهف يحسو و يحسو فيسكر
لقد سئم الشعر الذي كان يكتب
كما مل أعماق السماء المذنب
فأدمى و أدمعا
حروب و طوفان بيوت تدمر
و ما كان فيها من حياة تصدعا
لقد سئم الشعر الذي ليس يذكر
فأغلق للأوزان بابا وراءه
و لاح له باب من الآس أخضر
أراد دخولامنه في عالم الكرى
ليصطاد حلما عينيك يخطر
و هيهات يقدر
من النفس من ظلمائها راح ينبع
و ينثال نهر سال فانحل مئزر
من النور عن وضاء تخبو و تظهر
وفي الضفة الأخر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4 – وزن البحر البسيط : تقوم أبيات البحر البسيط على تفعيلتين مكررتين، التفعيلة الأولى تكون على وزن: (مستفعلن)، أما التفعيلة الثانية فتقوم على وزن (فاعلن)؛ ولكن مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلُنْ استخدم العرب البحر البسيط بشكلٍ مختلف قليلاً وهو كما يلي: مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فَعِلُنْ .. مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فَعِلُنْ.
جوازات البحر الْبَسِيْط:
الْخَبْن (حذف الثاني الساكن) فتصبح به (مُسْتَفْعِلُنْ): (مُتَفْعِلُنْ) وتصبح به (فَاْعِلُنْ): (فَعِلُنْ)، وهو زحاف حسن.
الطَّيّ (حذف الرابع الساكن) فتصبح به (مُسْتَفْعِلُنْ):(مُسْتَعِلُنْ)، وهو مقبول.
الْخَبْل (حذف الثاني والرابع الساكنين) فتصبح به (مُسْتَفْعِلُنْ):(مُتَعِلُنْ)، وهو قبيح.
الْخَزْم (زيادة حرف أو أكثر في أول البيت.
يجوز في ضربه المُذَيَّل (زيادة حرف ساكن على ما آخره وتد مجموع.

وإليكم قصيدة بلند الحيدري(في الليل) من (البحر البسيط)، تفعيلتاه ( مستفعلن فاعلن)، وجوازاتهما، منها:
في الليل إذ تدفن الموتى
فِلْليْ لِإذْ/ تدفنلْ/ موتى
مستفعلن/ فاعلن/ مسْتفْـ
لياليها
ليا / ليها
علن/ فعلن
وتتكي الأنفس التعبى على أبد
وتتْكيلْ/ أنْفستْ/ تعبْى على/ أبدٍ
متفْعلن/ فاعلن / مستفعلن/ فعلن
لم يدر أن يدي
لمْيدْ رِأنْ/ يدي
حاكت مآسيها
من كل ما فيها
وأنني في سكون الليل
أسيان
يصبح بي هاجس كالعقل مشدودا
يا رب…
لم كانوا …؟
لك كان للأرض تاريخ
وأزمان
ولم يؤبد هذا القيد ماضيها
فتحلم الناس
لو يهديك شيطان
وتبصر الأرض في شتى مناعيها
تلهو بأعينها البيضاء ديدان
فلا تحس
ولا ترثي
ولا ترثي لما فيها
أليس قي قلبك الربى إنسان؟!
وسود الجبهة الشماء
خذلان
كأن عاصفة لمست مراميها
وزمجرت
وقست
وانهد سلطان
لكنما الناس
عادوا مثلما كانوا
يشد أرجلهم بالأرض ثعبان
والأرض تنسج في صمت مآسيها
من كل ما فيها