24 ديسمبر، 2024 3:19 ص

تقشف جديد .. تأخير دفع رواتب الموظفين 10 أيام كل شهر !!

تقشف جديد .. تأخير دفع رواتب الموظفين 10 أيام كل شهر !!

بعد ان شنت الحكومة الحالية حملة على الفضائيين , ليس من رجال الفضاء وإنما اولئك الذين هم من جماعة ( إسمه في الحصاد ومنجله مكسور ) , وبالفصيح ممن توجد اسمائهم في قوائم الرواتب ولكنهم من غير عمل أو دوام , فقد تفاجأ الكثير بتداول وثيقة تتضمن قرار مجلس الوزراء رقم 65 لسنة 2015 , والذي ينص على قيام وزارة المالية ببرمجة دفع رواتب موظفي الدولة كافة والعاملين فيها بتأخير عشرة أيام لكل شهر ويتكرر ذلك تراكميا في كل شهر ولحين توفر السيولة النقدية , ويعني هذا القرار من الناحية العملية بان عدد الرواتب التي ستدفع في سنة 2015 هي 9 وليس 12( عند عدم توفر السيولة ) , كما تعود عليه الموظفين ونصت عليه القوانين الوضعية بخصوص دفع الرواتب في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية القديمة والحديثة ولحد الآن .

وشخصيا , توقعت بان تلك أكذوبة او مجرد تحريف لغرض إشاعة الرعب والقلق لدى الموظفين الذين يبلغ تعدادهم 4 ملايين على الاقل , حيث يشير القرار بأنه اتخذ في جلسة مجلس الوزراء الاعتيادية المنعقدة بتاريخ 10 / 2 / 2015 , فحين راجعت موقع مجلس الوزراء العراقي وتصفحت قرارات الجلسة السادسة لم أجد هكذا قرار في تلك الجلسة , ولكن الاعلام روج لثلاث تصريحات بخصوص الموضوع , أولهم حين أعلن مكتب رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي ، إذ قال المتحدث باسم المكتب سعد الحديثي في تصريح صحفي , إن القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء بشأن صرف الرواتب كل 40 يوماً هو اجراء احترازي مشيراً الى أن الحكومة لن تلجأ لذلك إلا في حالة عدم وجود سيولة مالية وأضاف المتحدث ، أن تأخير صرف الرواتب عشرة ايام سيكون اجراءا دوريا ويطبق في حال عدم تمكن الحكومة من تغطية رواتب الموظفين .

أما التصريح الثاني فقد جاء من النائبة عن ائتلاف دولة القانون عالية نصيف , التي أكدت بعدم قانونية قرار مجلس الوزراء بتأخير دفع الرواتب معللة ذلك , بان الموازنة اقرت على اساس الرواتب الشهرية وليست على اساس الرواتب الأربعينية , وقالت نصيف إن تخصيصات الموظفين وفق الموازنة التشغيلية قد اقرت من خلال الموازنة العامة , وهو قانون واجب التنفيذ , وليس لأي احد ان يصدر أنظمة وتعليمات مخالفة للقانون , باعتبار ان القانون هو الاعم والأشمل , وإذا كانت تصريحات الناطق باسم الحكومي صحيحة وغير مفبركة , فان مجلس الوزراء ليس بحاجة الى نفي ما يتم تداوله بخصوص الموضوع باعتباره صحيح وواجب التطبيق , وفي مثل هذه الحالة فانه يتوجب توضيح كل ما يتعلق بالموضوع للحد من التداعيات السلبية وردود الافعال , فالكل قد نادى بان الرواتب خطا احمرا وفي مقدمتهم المرجعية الدينية في النجف الاشرف .

وفي التصريح الثالث , هددت اللجنة المالية النيابية بطعن قرار دفع رواتب الموظفين في دوائر الدولة كل اربعين يوما ، مبينة ان هذا القرار غير جائز من الناحية القانونية ولا يمكن تطبيقه لمخالفته بنود الموازنة , وقال عضو اللجنة عبد القادر محمد ان قرار دفع راتب الموظفين كل اربعين يوما جاء استحداثا لقانون الادخار الوطني الذي يراد به توفير ( تريليونين دينار عراقي ) , في حين ان هذا القرار الذي يحمل رقم (65) بحسب الوثيقة الصادرة عن مجلس الوزراء فانه سيوفر خلال سنة ( 12 تريليون دينار عراقي ) وهذا لا يتوافق مع نص القانون الذي اوردته الموازنة , وأضاف ان هذا المبلغ الذي تتم جبايته من جيب المواطن العراقي المثقل بالأعباء يعد كبيرا جدا ويضر بالموظفين ويربك اوضاعهم المعاشية لاسيما وان اغلبهم يعتمد اعتمادا كليا على هذه الرواتب , وان اللجنة المالية لا تؤيد هذا القرار و ستطعن بالقانون في حال تنفيذه والعمل به في بالموازنة بعد نشرها في الجريدة الرسمية .

وقد سبق هذا الاجراء اعتقادا ساد بين الاغلبية ومفاده , بان الدولة في حالة إفلاس وسوف يتوقف دفع الرواتب لمستحقيها خلال الشهرين القادمين على الاكثر , والسبب في هذا الشعور الذي تحول الى مصدر قلق لذوي الدخل المحدود من الموظفين الحكوميين وغيرهم , ما تم سماعه من تصريحات اثناء التداول بموضوع مشروع موازنة 2015 عند إحالتها الى اللجنة المالية في مجلس الوزراء , فاخطر هذه التصريحات اشارت بان البلد يحتاج الى تصدير 3 ملايين برميل نفط يوميا لدفع رواتب الموظفين , وفي الوقت نفسه كانت التقارير الرسمية تؤكد بان معدل الصادرات اليومية الفعلية لا يزيد عن 2,5 مليون برميل يوميا , كما ان بعض السياسيين أكثروا من تصريحاتهم التي تقول ان خزينة الدولة خاوية وقد نفذت خلال عام 2014 بسبب غياب الموازنة الاتحادية .

وسوف يفتح الاجراء المتعلق بتأخير دفع الرواتب ( في حالة تطبيقه ) أبوابا واسعة لانتقاد الحكومة لكونه سابقة خطيرة لم يتم ولوجها في أصعب الحالات التي مر بها العراق , كما انه سيزيد من الدعوات الشعبية لمساءلة المتسببين بهدر المال العام والمطالبة بمحاكمة الفاسدين , ونعتقد بان المناخ الذي أتاحه رئيس مجلس الوزراء الحالي بعدم التعرض للمتظاهرين , باعتبار ان التظاهر حقا كفله الدستور ومن حق الناس التعبير عن آرائهم بشرط ان لا يتسبب ذلك بتوقف الاعمال , سيشهد تظاهرات في عموم البلاد باعتبار ان موضوع الرواتب شأنا يخص معيشة أغلب العراقيين , سيما وان مجلس الوزراء وافق في الجلسة 7 المنعقدة أمس (17 / 2/ 2015 ) بإطلاق رواتب منتسبي شركات التمويل الذاتي والإيعاز الى وزارة المالية بتنفيذ ذلك , كرد فعل على التظاهرات التي شهدتها مدن العراق بسبب إيقاف صرف رواتبهم خلال الاشهر الماضية .

وفي كل الاحوال , فإننا نستغرب أشد الاستغراب من اصدار مثل هذا القرار دون ان يواكبه توضيحا وظهورا إعلاميا من قبل وزير المالية او من يمثله , باعتبار ان وزارته هي الجهة المعنية بتنفيذ القرار , كما نستغرب الصمت البرلماني والإعلامي عن الموضوع ( نفيا او تأييدا ) رغم مرور اسبوعا كاملا على صدوره , فقد تعود الجمهور ان يرى حضورا اعلاميا واسعا للبرلمانيين والمحللين والخبراء والفقهاء في مختلف الامور , فموضوع رواتب الموظفين مادة دسمة للإعلام , ليس من باب الدعاية والتفاخر واستثمار الفرصة للمدح او الذم , وإنما لكونه موضوعا مهما جدا انطلاقا من المقولة ( قطع الاعناق ولا قطع الارزاق ) , وللأسباب التي ذكرناها فإن هناك من لا يزال تصدق صدور هذا القرار اعتقادا منهم بان هذا الامر ( فضائي ) , فمن الصعب حقا ان تتحول سنة 2015 الى سنة فضائية من خلال إختزال عدد رواتبها الى 9 بدلا من 12 , حتى وان كان الموضوع احترازيا ومن التحوط لأصعب الظروف .