23 ديسمبر، 2024 8:31 ص

تقرير المصير وتشكيل الدولة الكوردية السبيل الوحيد لتبديد مخاوف الكورد الايزيديين

تقرير المصير وتشكيل الدولة الكوردية السبيل الوحيد لتبديد مخاوف الكورد الايزيديين

هناك مغالطة لدى البعض بتسمية الكورد الايزيديين باليزديين ، وهذه التسمية لاتمت لهذه الطائفة العريقة بصلة ، لان الديانة الايزيدية من الديانات الميثرائية القديمة التي سبقت الدين الاسلامي بالاف السنين ولذلك لاعلاقة ليزيد ابن معاوية بهذه الديانة لا من بعيد ولا من قريب ، وقد تعرض ابناء هذه الديانة على يد المسلمين اثناء الفتوحات الاسلامية في المنطقة اسوة بابناء القوميات والطوائف الاخرى الى غزوات ومجازر وممارسات شتى لمسخ هويتهم الدينية ولكن برغم مرور اكثر من الف 1400 عام لم تتمكن حملات المسلمين العثمانيين والعرب من مسخ هويتهم القومية والدينية وقدم ابناء هذه الطائفة تضحيات جساما من اجل الحفاظ على هويتهم الثنائية ولذلك لم يتمكن اعداؤهم من نيل اهدافهم وصهر الايزيديين في بودقتهم القومية والدينية .
لوعدنا الى عهد الدولة العثمانية التي كانت تبسط سيطرتها على مناطق نفوذها من البلقان الى جميع مناطق ماتسمى اليوم بالشرق الاوسط ، فضلا على مناطق القفقاز ، نرى ان تلك الدولة كانت على علاقة طيبة مع الكورد الايزيديين في بداية تواجدها في كوردستان عندما نالت الامارة الايزيدية (كلس) التي كان يحكمها شيخ الايزيدية عزالدين خلال عهد السلطان سليم الاول (1512 – 1520) باعتراف الدولة العثمانية ، لكن تلك العلاقة لم تدم طويلا بسبب تعرض كل من رموز الايزيديين حسيب الداسني وميزا باشا الى القتل والتنكيل من قبل الدولة العثمانية ، ليعقب ذلك صدور فتاوى استباحت قتل الكورد الايزيديين وهدر دمهم وعدت قتلهم وابادتهم جهادا وصارت تلك الفتاوى التي نسبت لأبو سعود العمادي أساسا للعلاقة بين الطرفين واستمرت الدولة العثمانية في حملاتها العسكرية المتتالية على مناطقهم والتي ادت الى قتل المئات منهم فضلا على الدمار والخراب الذي لحق بمناطقهم وارغام قسم من منهم الى الهجرة الى المناطق الاخرى بغية البحث عن ملاذ آمن.
كما تعرض الكورد الايزيديون الى حملات وحشية اخرى على يد محمد باشا الراوندوزي في عام 1832والذي الحق بهم اضرارا كبيرة في اطار سعيه الى بسط نفوذه عليهم وضم امارة بهدينان ومن ضمنها مناطق الكورد الايزيديين في شيخان وسنجار الى مناطق نفوذه.
لقد ازدادت وطأة الظلم أكثر على الكورد الأيزيديين في عهد السلطان عبد الحميد ، حيث تم تهديد وجودهم لاعتبارهم ديانة مخالفة لتعاليم الدين الإسلامي بحسب وجهة نظرهم ،لذا بات لزاماً إعادتهم إلى الإسلام ،وشكل ذلك آنذاك أكبر تحد لهم . لكنهم وبرغم الأساليب الوحشية العثمانية تجاههم صمد الكورد الأيزيديون ،وصمودهم حال من دون تحقيق الدولة العثمانية لأهدافها بالقضاء عليهم ، برغم أنهم انهكوا وشردوا وتوزعوا بين مناطق عديدة في العالم .
في العراق ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عشرينيات القرن الماضي وعلى مدى قرن شارك الكورد الايزديون في جميع الثورات والانتفاضات الكوردية من اجل حقوقهم القومية وقدموا تضحيات جساما لينال الشعب الكوردي حقوقه القومية وان يعيش الايزيديون في ظل حكومة كوردية بامن وكرامة في مناطقهم ولذلك تعرضوا على يد الحكومات المتعاقبة الى الانفال والتهجير والفتك والقتل ولكنهم برغم جرائم الابادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الكوردي على يد النظام البعثي المباد ومنهم مناطق الكورد الايزيديين ، الا ان ابناء هذه الطائفة بقت وفية لقيادتها الكوردية المتمثلة بالبارزاني الخالد ومن بعده فخامة الرئيس مسعود بارزاني وقيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني.
الا ان ماتعرضت له مناطق الكورد الايزيديين في حزيران 2014 على يد ارهابيي داعش ، قل نظيره قياسا لجرائم الابادة الجماعية التي ارتكبت في رواندا وصربيا ومناطق اخرى ، حيث كانت جرائم داعش الارهابي اكثر وحشية وقسوة مقارنة بما ارتكب ضد شعوب اخرى وارتكب الارهابيون جرائم بشعة ضد المدنيين العزل لا يكاد يصدقها العقل البشري من القتل وارغام الالاف منهم الى هروب الى جبل سنجار ومناطق اخرى ، حيث فقد المئات منهم حياتهم خوفا وجوعا وعطشا فضلا على اختطاف مئات العوائل الكوردية الايزيدية وقتل الرجال والشباب بشكل جماعي وهمجي وسبي النساء وبيعهم في اسواق النخاسة لدولة الخلافة اللااسلامية في المناطق التي سيطر عليها التنظيم في العراق وسوريا عقب مؤامرة مفضوحة مع جهات سياسية عراقية حاكمة و بعض العشائر في محافظة نينوى ، حيث لازال المئات من النساء والفتيات والشباب والرجال الايزيديين في عداد المفقودين ولا توجد اية معلومات عن مصيرهم.
بعد تحرير مدينة سنجار والمناطق والقرى الكوردية الايزيدية من براثن داعش الارهابي ، اضيف الى معاناة الكورد الايزيديين معاناة جديدة من قبل عناصر حزب العمال الكوردستاني التي تبسط سيطرتها على بعض المناطق والقرى الايزيدية لاسباب سياسية ومصالح حزبية واستغلال معاناة ابناء الكورد الايزيديين مما حال من دون عودة العوائل المنكوبة لمناطقهم وقراهم وبناء حياة جديدة ، ولذلك هاجرت مئات العوائل الايزيدية اما الى خارج البلاد او مناطق اقليم كوردستان ولازالوا يعيشون حياة قاسية في المخيمات في ظل برد الشتاء القارس وسخونة الصيف اللاهب ، واليوم اصبحت مناطق الكورد الايزيديين بعد تحريرها من داعش الارهابي مناطق عسكرية بحتة ومسرحا لقوى محلية واقليمية بسبب تواجد قوات الحشد الشعبي وعناصر حزب العمال الكوردستاني واعاقة اية محاولة لاعادة اعمار الخراب والدمار الهائل الذي حل بالمنطقة وبناء البنية التحتية المدمرة بالكامل بالتعاون مع الدول والمنظمات الانسانية المختلفة. وبرغم كل تلك المآسي والمعاناة التي يعاني منها الكورد الايزيديون جراء حرب الابادة الجماعية الاخيرة التي تعرضوا لها على يد داعش الارهابي ومن ثم على يد بعض القوى المحلية والاقليمية الا ان ابناء هذه الطائفة مايزالون مصرين على انتمائهم القومي وديانتهم الايزيدية ، على سبيل المثال الأمير (شيرزاد فاروق بك) احدى الشخصيات من ابناء اسرة الامراء الكورد الايزيديين ، الذي التحق بقوات الحشد الشعبي بناء على وعود كاذبة ومعسولة من الحكومة الاتحادية وبعض قيادات الحشد ، انشق عنها قبل ايام وعاد الى صفوف قوات البيشمركة وصرح في مقابلة مع الموقع الخاص للحزب الديمقراطي الكوردستاني انه لامكان للكورد الايزيديين في العراق سوى في اقليم كوردستان وان الرئيس مسعود بارزاني هو اصدق انسان مع الكورد الايزيديين ويعمل من اجلهم ويتعاطق معهم.
واضاف الامير شيرزاد فاروف بك ان قادة الحشد وعدوه بتقديم المساعدة والعون للأيزيديين وتزويدهم بالمال والسلاح ، وان من انخرط في صفوف الحشد من الايزيديين هم من محدودي الدخل ومن الذين اجبرهم الفقر المدقع الى الإنضمام الى تلك القوات، لكن قادة الحشد نكثوا بوعودهم ولم يقدموا شيئاً لهم.
وبشأن الإستفتاء قال” نحن ندعم الإستفتاء بكل قوة وسنتوجه الى صناديق الإقتراع ونصوت بنعم للإستقلال لأن التصويت بنعم بالنسبة لنا يعني الإستقلال والخلاص من العبودية والظلم وعودة المناطق الأيزيدية الى احضان كوردستان”.
وفي الذكرى الثالثة للحملة البربرية لتنظيم داعش الارهابي على مناطق الكورد الايزيديين يبدو ان تجاربهم الماضية في العيش في ظل الحكومات العراقية وتهديدات القوى الاقليمية خلال القرن الماضي كانت تجربة مُرة وقاسية وترتبت عليها تضحيات جسام ولم يبق امامهم سبيل اخر سوى دعم مشروع الاستفتاء لتقرير المصير وتشكيل الدولة الكوردية لتتبدد مخاوفهم الى الابد ووضع حد نهائي لتهديد وجودهم كشريحة رئيسة من شرائح الشعب الكوردي.