23 ديسمبر، 2024 3:15 م

تقاعد للمرابطين يا دولة

تقاعد للمرابطين يا دولة

كُنّا سنَعذر الحكومة والبرلمان عن تلكؤهم في أقرار قانون التقاعد ، كنا سنعذرهم لوكانت بلادنا بلا مورد هائل ، كنا سنعذرهم لو كانت رواتب ومكاسب (قدواتنا رغما عنا)  قليلة ومتواضعة ، كنا سنعذرهم لو عاش هؤلاء (الذوات) ، عيشة متواضعة ، كنا سنعذرهم لو كان لهم شأنا يلهيهم عن دراسة هذا القانون الذي سينعش الأمل في شريحة واسعة ، كانت قد فقدته من عناية الدولة بهم ، وكأن الدولة تريد الأنتقام من الماضي وبتره نهائيا ، بكل ما به من صور جميلة مشرقة ، وأناس شرفاء وطنيون نزيهون ، ونراهم يغدقون العطايا على مَنْ عادوا بعد التغيير ، واحتساب ما يسمى بالخدمة الجهادية ، بعد أن عاشوا في منتجعات أوربا والعالم التي يسمونها (منافي) ، بغض النظر (تماما) عن سبب مغادرتهم البلد .
هؤلاء الشرفاء ، المرابطون في البلد ، قد عاشوا المر والويلات ، هؤلاء الذين عاشوا بطش النظام المقبور ، والحرب العراقية الأيرانية ، تقاسموا رغيف خبز الحصار المعجون بالتبن ، الحصار الذي سلبهم كل شيء ، وحرب الخليج الاولى والثانية ، هم مَنْ شهدوا المحتل وهو يخترق شوارع بغداد ، وفي حلقهم غصة وفي أحداقهم دمعة ، على عكس الوجوه المتهللة ، والمستبشرة بالمغانم والمكاسب والمعالي ، بل ,بالتشفّي .
هؤلاء مَن تشبثوا بتراب الوطن ، وكأنهم تشبثوا بالجمر والنيران ، ورغم ذلك آثروا البقاء ، ونبذ الأنهزامية ، لأصالتهم ومبادئهم التي أملت عليهم التمسك بحبال الأمل ، وجذورهم الممتدة عميقا في تربة الوطن ،  فالوطن باقٍ ، والحكومات تروح وتجيء .
هؤلاء مَن يجب أن تُعوّل عليهم الدولة ، لأساسهم الرصين والراسخ ، وصدقهم وأمانتهم وحبهم العملي للوطن ، وليس بالكلام ، أهكذا تعاملهم (الدولة) ؟
التفسير الوحيد المتبقي لهذه المشكلة المزمنة واللاعقلانية ، هو ان (الدولة) تخاف هذه الشريحة ، عسكريون ومدنيون ، ويبدو انها تستخدم سلاح التجويع لتركيعها وأذلالها ، شريحة نبذها النظام المقبور ، وها هي الدولة تنبذها هي الأخرى، متّبعة لنفس السياسة ،وإلا ما هذا الأهمال والأستخفاف والتفريط بأقوات وحقوق الخلق ؟ ، ويبدو أن ثمة هوّة مزمنة وهائلة بين بين الفقراء والحكام ، فمتى تُردَم؟ فمبادىء الأمام (ع) ، وأبو ذر بريئة منهم ، وإن إدّعوا الوصل بها زورا وبهتانا وتجارة ً.
قال تعالى 🙁 يا أيّها الّـذين آمنوا أصْبروا وَصابِروا وَرابِطوا واتّـقوا اللهَ لَعَـلّكُم تُـفلِحون )
آل عمران الأية 200