بدت مدلولات زيارة وفد التحالف الوطني العراقي الذي يشكل أكبر كتلة سياسية في العراق ، واضحة وجريئة وتخطت الحدود العراقية إلى الفضاء الدولي عربياً كان أم إسلامياً .
وبعد اللمسات الأخيرة للتحالف الوطني في العراق وما كان لها من جوانب مشرقة على المستوى الوطني ، إنطلقت الجهود اليوم إلى خارج العراق لإحداث تقاربات عربية ودولية وإقليمية تتطلبها المرحلة الراهنة سعياً لاستقرار المنطقة وسلامة شعوبها .
فكانت إحدى محطات التحالف الوطني وأهمها مصر العروبة ، حيث كانت الهموم العربية المشتركة الحاضر الأساسي في جميع المباحثات التي جرت بين وفد التحالف الوطني من جهة والمؤسسات المصرية والعربية الموجودة في مصر سواءاً الحكومية منها أو الدينية من جهة اخرى .
حيث أفرز لقاء شيخ الأزهر الشريف الذي يعتبر أكبر مؤسسة دينية عربية في المنطقة تلتف حول آراءها أغلب الدول العربية شعوباً وحكومات وما لهذه المؤسسة من تأثير واسع في الأوساط العربية والإسلامية والعالمية شعبياً وسياسياً.
وقد أبرز وفد التحالف الوطني العراقي أهمية التقارب بين الأزهر والنجف لما له من دور مهم في المساهمة في ردم الفجوات الحاصلة نتيجة رواج الأفكار المتطرفة الدخيلة على منطقتنا العربية ، كما إن أهمية إصلاح الخطاب الديني و تأثيره على الشعوب العربية لم تكن غائبة عن ذلك اللقاء .
ولم تغب الهموم العربية الكبرى عن طاولة المباحثات التي تمت في مصر وأبرزها الوضع السوري والليبي ، ولم يغفل العراقيون عن طلب الدعم العربي والإسلامي في قضاياه وإشراك العرب في همومه المحلية وبالأخص دعم الأزهر الشريف لما له من أهمية.
وأن موائد التحليل للأوضاع العربية لم تخلو من أهمية إعادة بناء وترميم العلاقات العربية وإمكانية استثمارها على أمثل وجه ، ودعى المصريون إلى توطيد العلاقات العراقية السعودية التي لاحت بوادرها قبل فترة من الزمن وتم طرح التحسس الخليجي من إيران الدولة وليس من إيران الشيعية ، وأوضح الوفد العراقي طبيعة العلاقة بين العراق وإيران المبنية على الصداقة وحسن الجوار والتعاون المتبادل وطبيعة الدعم الإيراني للعراق في الوقت الذي تخلى عنه الكثير من دول المنطقة .
كشفت لقاءات العراقيين برئيس البرلمان العربي والامين العام لجامعة الدول العربية عن ان المصريين يعتزون بالعراق لأنه عمق الوطن العربي وأنه ليس طارئاً عليه والعراق منارة الوطن العربي التاريخية ، وتم بحث الأساليب والمناطق التي سيلجأ إليها داعش مستقبلا بعد الهزائم التي مني بها في العراق.
كل ذلك من شأنه توحيد الرؤية العربية مجدداً وما يستتبعها من توحيد للسياسات العربية بإعتبار الأخطار الداهمة تمس العرب جميعاً على حد سواء .
وأن بوادر تطابق وجهات النظر العربية بانت في القضايا المطروحة في مصر من قبل الطرفين ، الأمر الذي أثار حفيظة الرئيس التركي حيث إنه أدرك واستشعر خطر إبعاده عن التدخل في الساحة العربية وإن كف يده عن البلدان العربية أصبح وشيكاً.
وأدرك أردوغان أن تحسين العلاقات العربية -العربية ستكون لها نتائج واتفاقات والتزامات متبادلة من جميع الأطراف ، الأمر الذي سيجعل المصالح التركية إلى زوال والجهود التركية المبذولة في ذلك إلى ضياع ، وحلم الدولة العثمانية الجديدة سيبقى حبيس الأدمغة التي حلمت به ولايمكن أن يتحقق على أرض الواقع ، فالعراق اليوم يأخذ دوره الطبيعي ويغلق الأبواب بوجه المتصيدين ، وهذا ما أقض مضجع أردوغان الأمر الذي حدى به أن يصرح تصريحات خرقاء ضد الحشد الشعبي العراقي معتقداً أنه يعزف على أوتار إحياء الطائفية في العراق والمنطقة .
أردوغان لم يصحو بعد من غفلته ولم يستفق من نومه.