رأيت المواطن عباس أقبل عليَّ والشرر يتطاير من عينيه، حيث كانت لديه مراجعة في إحدى الدوائر الحكومية العراقية، وهي إحدى مآسي المواطن العراق التي لا تعد ولا تحصى.
الله يساعدك عباس، بشر؟
شبشر يمعود؟ هذوله ما يستحقون غير (تفو بوجوههم)
ليش شكو؟
ابصق على وجه كل مدير دائرة، يدخل لغرفته بالفخفخة، والفراش يفتح له بابها، وهو يعلم ان المراجعين خارج الشبابيك ينتظرون رحمته، ورحمة موظفيه، في دوائر التقاعد، والاحوال المدنية، والجنسية، والجوازات، والمرور، والرعاية الاجتماعية، وكل المؤسسات الاخرى، كما في هذه الصورة (أخرج صورة التقطها في جهازه المحمول) التي نراها في بغداد والمحافظات والمدن العراقية؛ لا يرتاحون الا بإذلال المراجع، ليس لي الا: تفو، وتفو، وتفو
هدئ اعصابك
شهدي؟ لاحظ المواطن الذي اصطحب معه كرسي نقال ليجلس عليه، بالمقابل الغرف والارائك والمراحيض للمدير وموظفيه، اما الازبال والقاذورات والحر والمطر، فللمراجعين! طبعاً على عكس المفروض، فالمفروض هم يعملون لخدمتنا، اليس كذلك؟
بلى هو كذلك
لكن ما يحدث عندما تدخل دائرة حكومية عراقية، عليك ان تسلم لحراسها بالباب: موبايلك وكرامتك، وعند الخروج يعيدون لك الموبايل فقط، اما الكرامة فتكون قد ذابت!
لا حول ولا قوة الا بالله، حسبنا الله ونعم الوكيل
إليك تقريب الصورة من ناحية أخرى، ذلك بأخذ مثال واقعي عن سوء إدارة البلد، وبيان الظلم الواقع على المواطن، وهو مقارنة بسيطة بين المدرسة الاهلية والمدرسة الحكومية:
في المدرسة الحكومية قد يصل عدد التلاميذ في الصف الواحد 100 تلميذ بينما ما عليك سوى حذف صفر للمدارس الاهلية فيكون عدد التلاميذ 10 – 15
لا توجد أي خدمات داخل الصف الحكومي وان وجدت فهي عاطلة تحتاج الى صيانة، اما في المدارس الاهلية فمجهزة بكافة الخدمات
المدير والكادر التدريسي في المدرسة الحكومية لا يستطيع تغييرهم حتى الوزير وإن اشتكى عليهم جميع أهالي الطلبة بينما في الاهلية يختار التلميذ ما يشاء بل يختار حتى طريقة التعليم
إدارة المدرسة الحكومية في حالة يرثى لها فقد تجد الكادر يقضي الفرصة واقفا على قدميه لا يجد مكانا يستريح فيه بينما في الاهلية تتوفر كافة الخدمات
عندما يذهب مدير المدرسة الحكومية أو أحد كوادره لمراجعة المديرية يقف على باب المدير او الوزير لساعات وقد لا ينجز عمله بينما مدير الاهلية ينجزها بمكالمة هاتفية وتصله الكتب الإدارية عبر الانترنت
نكتفي بهذا القدر، فتابع معي عزيزي القارئ، كنتُ كتبتُ من قبل ولعل البعض سخر منى، لكن كن على ثقة أن لا حل غير ما ذكرته وسأعيده الان بصورة أخرى، قلت: لماذا لا نتعاقد مع رئيس وزراء أجنبي سابق نجح في إدارة دولته فيكون رئيسا لوزراء دولتنا كما في مدرب أي لعبة رياضية؟
والان اعيدها للمعترضين (والذين كان اعتراضهم لأسباب واهية) لماذا لا تعرضون الوزارات للاستثمار ولمدة معينة؟ (بالتأكيد عدا الوزارات والدوائر الأمنية)
وفائدة ذلك تتجلى في:
سيستخدم المستثمر أحدث الطرق والوسائل التكنلوجية
ستنتهي الرشوة والمحسوبية والوساطات
سوف يتم انجاز المعاملات بأسرع وقت
سينتهي التزوير والتلاعب والسرقة لأن المستثمر يريد الحفاظ على ماله وسمعته
سيتفرغ البرلمان لعمله الأصلي (التشريعات)
أكتفي بهذا القدر من الكتابة لان المقال أصبح طويلا وقد يكون مملا وإلا فكما يقول أخي محمود (السوالف هواي)؛ لمن يريد أن يضيف أو يناقش مراسلتنا عبر الإيميل او كيفما يشاء.
بقي شيء…
ماذا لو عرضنا مديرية عامة لوزارة التربية للاستثمار بدل مدارس أهلية ومدارس حكومية؟ الا تعتقدون اننا سنحصل على تعليم عال جداً؟
……………………………………………………………………………………………..
حيدر حسين سويري
كاتب واديب عراقي
عضو المركز العراقي لحرية الاعلام
[email protected]