7 أبريل، 2024 2:30 ص
Search
Close this search box.

تفكيك العراق باستراتيجية ايرانية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

نجح مجلس الوزراء العراقي بخلط الأوراق السياسية و الأمنية و الاقتصادية و الاجتماعية بقراره تحويل أقضية الى محافظات و اعتبار القضية سيادية و خدمية في وقت واحد، رغم أن سنوات عجاف مضت و لم يتغير أي شيء فيما يتعلق بالخدمات المقدمة للمواطنين، فلا أهل البصرة ارتووا من ماء عذب و لا الطلبة غادروا المدارس الطينية، ولا أصحاب الحقوق ناموا بأمان بعيدا عن مداهمات القوات الأمنية و الاعتقالات العشوائية.
وضمن مشهد ضبابي في كل حلقاته باستثناء العمل على تعميق الخلافات و شحن النفوس بكل ما هو غير عراقي، و تقديم الخاص على العام في جميع الصفقات السياسية و الاقتصادية و الأمنية، في واقع يعبرعن سياسات ردود الأفعال، فان المراقبين يضيعون في رمال تفسير هذه الخطوة التي أقل ما توصف به ” استنساخ الأزمات و العيش على هامش الخلافات”، خاصة وأن قضية عراقية لم يتم حسمها بشكل نهائي، ما يبقي الأبواب مفتوحة على كل الاحتمالات باستثناء النظر بصدق الى مصلحة العراق و شعبه.
ويؤكد المراقبون على أن إيران  وراء دوافع تحويل طوزخرماتو وتلعفر إلى محافظتين لتوفير ممر آمن لها نحو المتوسط يمرّ أساسا عبر تلعفر نحو الدولة الحليفة سوريا، سيما مع احتفاظ المحافظات بصلاحيات أمنية و سياسية و اقتصادية كبيرة توفر لها حرية ابرام الاتفاقيات و الصفقات، موضحين أن محافظة تلعفر المنتظرة ستفصل نينوى عن الحدود السورية، وبهذا ستستطيع بغداد التعامل مباشرة مع دمشق وهو ما يعني آليا فتح الطريق بين إيران وسوريا عبر تلعفر، ما يعني أن المزاج الايراني كان حاضرا في تمرير قانون المحافظات الجديدة, وذلك تحسبا من انهيار الحليف السوري وقطع طرق التواصل التقليدية

لا نعرف كيف ستدار الأمور في العراق و الخلافات على توزيع ” كعكة الغنائم” أصبحت على اشدها ..يتحدثون عن سيادة العراق و وحدته بنبرات حادة، و يغلون خنجر مسموما في خاصرة الجغرافية السياسية و السكانية في العراق، بالاستفادة من انشغال الجميع بالتدهور الأمني و عمليات الانبار، التي يحاول البعض اعتبارها خارجة عن القانون، بينما الشعوب تثور لتحقيق مطالبها سلميا و بعدها تدخل قائمة الخيارات البديلة.
نحن ضد الارهاب من أية فصيلة كان، لكننا ايضا مع حقوق العراقيين لأن الوطن ليس ملكا عشائريا أو حزبيا لفريق دون غيره، مثلما لا يحق لأي تيار استهداف وحدته بقناعات ثانوية و تصفية حسابات مع شركاء و خصوم في العملية السياسية التي لن تبلغ سن الرشد بعد 20 سنة، لأن عناصرها الأساسية غير موجودة و بالتحديد المتعلق منها بأحترام سيادة العراق و حرية شعبه.
لو كان تشكيل المحافظات و سيلة للنهوض الاقتصادي و العمراني لوقفنا الى جانبه، لكن أن تصبح وحدة التراب العراقي مضاربة سياسية فهي جريمة لا تغتفر، مثلما أن تحويل أي شيء الى منافسة انتخابية يمثل نكبة نفسية و طلاق ثلاثي للخصوصية الوطنية ، خاصة و أن توقيتات و جغرافيات القرار تختلط فيه عناصر الفتنة المذهبية و العرقية و اعادة تلغيم حدود المحافظات، بطريقة لا تختلف عن دعوة الرئيس جلال الطالباني ” فك الله آسره من المرض”، عندما أجتهد في المكان الخاطيء لاعادة ترسيم المحافظات الى ما قبل عام 1968.
ماذا يراد بهذا القرار المتعجل كغيره من عبثيات الكثير من الحلول الرسمية، حيث أصبح افتعال الأزمات ” فهلوة سياسية”، و أضحى تأجيل الحلول ماركة مسلجة في الأداء الرسمي العراقي، على غرار ازمة النفط و حرب الانبار و الموازنة و قرارات المصالحة و الاجتثاث و الأحزاب و الشراكة السياسية، انها فعلا لعبة ” جر الحبل ” بالمقلوب لكي يلتف على عنق صاحبه فيطيح به أرضا بمختلف المفاجئات، ما يعني أن العراق في ورطة كبيرة لأن أصحاب القرار فيه لا يعرفون ماذا يريدون، حرق الأرض و الحرث و النسل، أو بناء مستعمرات مذهبية أو قطاعات لتجارة الفتنة، و النتيجة تتجسد على الأرض بتخندقات مذهبية و عداءات شعبية لم يتعودها العراقيون في تاريخهم، لتكون مرحلة ما بعد 2003 الأسوء في ذاكرة العراق و أهله.
يريدون بناء أحلام على جرف هار، رغم أن المذبوح هو العراق الواحد، يبحثون عن جاه  اقليمي و العراق يمسك بخيوط الشمس و يحتضن القمر في وقت واحد، يتحدثون عن انجازات و استحقاقات وطنية و يدفعون الشعب الى آتون حرب داخلية، يرفعون السلاح الثقيل بوجه ابناء الشعب و ينحنون لكل صيحة خارجية، ما يشكل استثناءا عراقيا يتحمل الشعب مسؤولية مباشرة فيه، لأنه صبر أكثر من اللازم على حمل كاذب!!
العراق كبيرا ليس بعدد محافظاته و عناوين المسؤولين فيه، بل في قيمته الأعتبارية من النواحي الاقتصادية و التاريخية و الأجتماعية، بلد يتربع على خيرات الدنيا و تنقصه القيادة الحكيمة، شعب يرفض مشاريع الفتنة و مسؤولون يدفعون الى تأجيجها صباح مساء للتغطية على شعبية منقوصة و كفاءة مشكوك في وجودها أصلا، يقترحون ذبح الهوية العراقية بخصوصيات ظلامية مقابل قتل يومي، غالبا ما يوظف كطريقة لخلط الأوراق و تعزيز عناوين الانفصال، ما يعني أننا نعيش الزمن الأصعب و الأخطر، بسبب سياسيين يراوحون في نفس أماكن الانغلاق و أولويات المعارضة بالمس، لذلك حان وقت رحيلهم، غير ماسوف على أحد منهم، لأن الجميع شارك في مراسيم    تشييع وحدة العراق كل حسب أختصاصه!!

رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب