شخصيتنا العامة أصيبت بعلة نفسية خطير اسمها العنف .
وهي علة تسجل حضورها المرئي من خلال طبيعة سلوك الافراد وتعاملهم مع بعضهم في الحياة اليومية .
حيث ان قشرة الاخلاق المهذبة الخارجية سرعان ماتسقط لدى أي سوء تفاهم بسيط مع الاخر كاشفة عن وجه مغاير تهيمن عليه ملامح القسوة ورغبة العراك التي لاداعي لها .
وسبب هذا هو سيرنا في طريق الحروب منذ عام 1980وهي مدة زمنية طويلة جدا في حسابات علم النفس كافية لاحداث تغييرات سايكولوجية سلبية نتيجة المؤثرات الخارجية المستمرة التي تحمل الطابع نفسه .
ان الظواهر الاجتماعية المتردية التي تشيع حاليا في مجتمعنا الشائعة هي تجسدات سلوكية لهذه العلة ، حيث انها بدأت تتفشى اكثر في عقد التسعينيات وتضخمت كثيرا بعد سقوط النظام الذي اسس للخراب ودخول القوات الامريكية المحتلة للعراق .
وباعتقادي إن هذه العلة من اخطر ما حل بنا من كوارث نتيجة السياسات الخاطئة التي جنحت بالعراق عن طريق التحضر والتمدن الذي كان يسير عليه حتى نهاية السبعينيات ، الى طريق الهمجية والتخلف والنكوص الحضاري.
ان العلاج من العنف يحتاج الى جهد مؤسساتي كبير تشترك فيه كل الجهات التربوية والتعليمية والقضائية والثقافية .
حيث ان سيادة القانون ومتابعة تنفيذه بشكل جدي ، وغرس ثقافة متطورة في عقول التلاميذ والطلبة ، والقضاء على ظواهر حيازة الاسلحة والعراك بالايدي والاستقواء بالعشيرة ، وفرض احترام دوائر الدولة والعاملين بها ،وسواها من الامور ، كلها كفيلة بخلق حالة من التهذيب التدريجي للافراد وكبح جماح سلوكهم العنيف ، وهذا يقود بالنتيجة الى التخلص من تلك العلة مع مرور الزمن .