يبدو اليوم أن قدر سورية أن تتصدى للإرهاب الأسود من جديد، بعد أن أطل بوجهة القبيح مرة أخرى، حصاداً أكثر من 14 شهيداً وإصابة عدد من الجرحى، في التفجير الذي استهدف حافلة تابعة للإسكان العسكري بواسطة عبوات ناسفة مزروعة أسفل الباص عند جسر الرئيس في العاصمة دمشق.
يهدف هذا التفجير إلى تقويض مساعي صياغة الدستور السوري، كما يأتي في وقت ظهرت فيه دلائل على تحسن علاقات سورية بعدد من البلدان العربية كالأردن ولبنان ومصر وبعض البلدان الخليجية والدول الأوروبية ، والحديث عن إمكانية مشاركة بعض تلك الدول في جهود إعادة إعمار البلاد، فضلاً عن توقعات بقرب عودة سورية إلى جامعة الدول العربية بعد تعليق عضويتها في عام 2011.
في هذا السياق، إن ما شهدته دمشق خلال الأيام الماضية من عمليات إرهابية، يدق ناقوس الخطر من جديد، ويلفت الإنتباه إلى مآلات الفكر المتطرف الذي يهدم المجتمعات، ويضرب إستقرار الشعوب، لذلك لن تكون هذه التفجيرات الإجرامية أول أو آخر عمليات العنف والقتل بل أراها إحياء لأسلوب الإرهاب والإجرام لتدمير سورية وإرباك المشهد السياسي هناك، بالإضافة الى انتقام المجموعات الإرهابية المهزومة ميدانياً التي تحاول بجرائمها اللاانسانية هذه التعويض عن احباطاتها المستمرة في مواجهة الجيش السوري، فضلاً عن تأجيج حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
وبموازاة ذلك لا يخفى على أحد أن هناك أطرافاً دولية وإقليمية ودول جوار لا يسرها وصول سورية إلى حالة من الأمن والاستقرار، وأن تمضي في طريق التنمية التقدم والإزدهار، حيث ترعى هذه الأطراف الإرهاب والتطرف وتمده بالمال وبكل أدوات القتل والدمار لنشر الإرهاب والفوضى في مختلف مناطق سورية، كونهم يريدونها مفككة وملغاة من دورها في الصراع العربي الإسرائيلي حتى ينجح مشروع الشرق الأوسط الكبير ضد الوجود العربي والقضاء على فكرة القومية العربية وإبقاءها خاضعة للهيمنة الصهيوأمريكية.
وبالتالي إن محاولات ترويع وإرهاب السوريين بتلك التفجيرات الإرهابية لا يمكن أن تحقق أهدافها ولن تكسر عزيمة السوريين أو إرادتهم، بل ستزيدهم توحداً وعزماً وإصراراً على مواجهة هذا الإرهاب والقضاء عليه وإقتلاعه من جذوره من أرض سورية، التي تعتبر أرض المحبة والسلام، فهذا الإرهاب لن يغير حلم السوريين وتطلعاتهم إلى وطن مستقر آمن خال من التطرف، لأنهم قادرين على مواجهة مخططات الإرهاب والمؤامرات المشبوهة وإفشالها بوحدتهم الداخلية وبإرادتهم وجيشهم العربي التي لن تستطيع اي قوة أو إرهاب أن تكسرها.
بعد كل ما سبق، ألا يحقّ لنا أن نتساءل:
من يستطيع أن يهزم سورية ولديها جيش قوي ضحى بحياته من أجل حماية سورية واستقرار وأمن المنطقة بأكملها ؟
ويبقى القول هنا، إن هذا العمل الإرهابي يشكل تطوراً خطيراً فى حرب سورية على الإرهاب التي ينبغى ألا تكون مجرد مواجهة بين المتطرفين والجيش وأجهزته فقط بل يجب أن يحتشد لها كل السوريين للدفاع عن هوية الوطن وهيبة الدولة، كما يجب على كل الدول التي تؤكد أنها ضد الإرهاب، القيام بخطوات إيجابية عملية في مواجهة ثقافة القتل والإجرام، فالأمر يتطلب منهم عدم الاكتفاء بالإدانة اللفظية، بل ترجمة الأقوال إلى أفعال، لدحر الفكر المتطرف، وإنقاذ كافة المجتمعات من براثينه وظلاميته.
مجملاً…ستكون سورية بخير، ومهما فجَّروا وقتلوا لن يسمح شعبنا لأي كان بالتدخل في شؤونه أو إستلاب إرادته، وهو قادر دوماً على مجابهة التحديات مهما كانت والخروج منها أكثر قدرة وعزيمة وتصميما على المضي قدماً، فكثيرون راهنوا على أن يسير مستقبل البلاد في غير ما آلت إليه الأمور، ولكنهم فشلوا في النهاية.