19 ديسمبر، 2024 12:02 ص

رواية (موسم الهجرة الى الشمال) من الروايات العربية الاكثر شهرة بالوطن العربي ،التي يتم تدريسها في الجامعة الامريكية في القاهرة، مما استدعى المسؤولين في الجامعة أن يدعوا الروائي الطيب الصالح من اجل القاء محاضرة بعنوان ( تفاهه الشهره ) حيث كانت تدور حول فكرة طريفة هي (كلما حدث له شيء يعتقد انه اصبح رجل مشهورا فيصيبه من ذلك الشعور بالخيلاء والكبر .حدث له بعد ذلك مباشرة شي يجعله يشعر بأنه ليس في الحقيقة بهذه الدرجة من الاهمية ،وبأن هنالك الالاف من الناس المهمين ايضا والذين لا يعرفونه ولا يأبهون لوجودة )

بعد انتهاء المحاضرة فتح باب النقاش واذا باحدى الطالبات توجه إليه سؤال عن القومية العربية أوالوحدة العربية ، متعلق بحادث سياسي مهم كان قد وقع وقتها .أبتسم الطيب الصالح قائلا للطالبة ما معناه إن كوني أديب معروف أو كوني أكتب قصة ناجحة ليس معناه ابدا ان أكون ممن يفهمون بالسياسة، او ان يكون رأيه بالسياسة ذا أهمية اويفوق في اهمية راي اي شخص اخر ممن لا يكتبون القصص . الحكاية ينقلها جلال امين في كتابه ايام لها تاريخ .لم تكن اجابة الطيب الصالح متوقعه لا من قبل الطالبة ،ولا من الحاضرين انفسهم. حيث إعتاد البعض حين يسئل الكاتب او المفكر في اي مجال، او اختصاص فأنه يجيب حتى لو كانت الاجابة ساذجة او تافه. حيث تؤخذ على محمل الجد تتناقلها الالسن وتؤخذ كانها مسلمات فكرية ،أما في زمن الفضاء المفتوح على وسائل التواصل الاجتماعي الذي أتاح لكل مستخدم ،أن يكتب ويحلل ما يشاء ،كذلك طرح الافكار بلا نقد او تقيم لها. هذه الظاهرة أفرزت بدورها مثقفي وأدباء وشعراء فيسبوكيون ذائعي الشهره .طغت من خلالهم السطحية والتفاهه على حساب العمق ،الدقة، والموضوعية . لتصبح هذه الوسائل نوافذ على العالم، متصدين لمختلف النشاطات السياسية والدينيه والاجتماعية بشكل يدعو للسخرية بسبب سذاجة المواضيع التي يقدمونها واضافة الطابع المعرفي عليها ، كذلك طرق التضليل التي يستخدمونها . ان العمل على وسائل التواصل لا يحتاج الى مجهود كبير، بأستطاعة اي انسان ان يعمل من خلال الهاتف وفي اي مكان يشاء،حيث يساعد ذلك على ترويج الاشاعات والاخبار الكاذبة ببساطة وبلا رقيب .كذلك التدفق الكبير للمعلومات الذي لا يسمح للمستخدم للقيام بعمليه تحليل وفرز لهذه المعلومات بسبب كثرة المعلومات واتساعها ،لتخلق حالة شبه واعيه للمتلقي بأن كل ما ينشر على وسائل التواصل هو صحيح ودقيق. ان التغيب الواضح للمفكر الحقيقي والاديب الفارس والشاعرالمرهف على صفحات التواصل الاجتماعي ،افرز بدوره ثقافة وادب وفن وشعر تافه وسطحي واحيانا سوقي جدا .خطر وسائل التواصل الاجتماعي يأتي من نوع الافكار التي تقدمها وسائل التواصل . بالاضافة الى الشخوص بسيطي الفكر والثقافة الذين صعدت نجوميتهم ، على حساب الكثير من الكتاب والادباء. عوامل ساعدت بشكل كبير من تردي الحالة الاجتماعية والاخلاقية في المجتمع العراقي خاصة والعربي عامة .ألمسوؤلية الاخلاقية تتطلب أن يكون هنالك نشاط توعوي حول الاستخدام الصحيح لوسائل التواصل الاجتماعي والتحذير من ثقافة الانحلال الاخلاقي والفساد بكل اشكاله.

ومضة : لا لست انا الحجر الذي يلقي في الماء ولكني البذرة التي تبذر في الحقل.
الطيب الصالح