في خضم الزوابع التي تعصف بنا ولا ندري أين المستقر لحالنا، حديث البعض بكل أمل وتفاؤل وتطلع إلى مستقبل زاهر يعجبني للغاية. رغم كل شيء يعجبني وللغاية أيضاً تفاؤل البعض حتى وإن لم يكن هناك ضوء شمعة في نهاية النفق.
في عام 2012 فكرت أن أضع في البيت عاكساً كهربائياً يعمل على بطاريات السيارات. الكهرباء تنقطع لساعات طويلة ومدارس الأولاد ودروسهم تتطلب الإنارة لغرض الدراسة خصوصاً في ساعات إستراحة المولدة أو خارج ساعات التشغيل. اتفقت مع كهربائي ليقوم لي بذلك، فجاء إلى البيت ومعه إبنه الشاب الذي كان في مقتبل العمر. بعد أن شرحت لهم ما أنوي فعله، سألني الإبن الشاب:
أستاذ الحمد لله الكهرباء وضعها جيد جداً شنو الداعي لهاي المصاريف؟
كان الفصل ربيعاً وكما يعلم العراقيون بأن في فصل الصيف يعتدل الجو فتكون الكهرباء متوفرة قياساً بباقي فصول السنة.
قلت للشاب: وهل تعتقد أن الكهرباء ستبقى على حالها في الصيف والشتاء القادم أيضاً. فأجابني بالإيجاب وهو يستشهد بالمشاريع الحكومية والعقود المبرمة مع شركات عالمية مثل شركة سمنز الألمانية التي ستنتهي من العمل لبناء محطات كهربائية ضخمة ولن تقطع الكهرباء بعد الأن.
كل هذا على حدى وأنا أستذكر اليوم وبعد مرور أكثر من سبة سنوات جملة قالها هذا الشاب لتأكيد إدعائه:
أستاذ العراق راح يبيع كهرباء لدول الجوار.
حقيقة أنا أحسد هذا الشاب المتفائل الذي يستمع إلى نشرات الأخبار ويصدق كل ما يسمع. لا يعرف الخفايا ولا يعرف ما تكنه الأنفس وما تخفي الصدور. انه لا يعرف ان المسرح السياسي يواري خلف ستارته الكثير والأشخاص خلف الكواليس ليسوا في الحقيقة كما هم عليه على خشبة المسرح. هذا الشاب المأسوف عليه يتعامل مع الشيء في لحظته ولا يتعب عقله للاستدلال إلى ما خفي عنه.
اليوم ونحن نعيش أياما لا نرى فيه الكهرباء الوطنية إلاّ لسويعات قليلة والتي لا تكفي أحياناً حتى لشحن جهاز موبايل، ليتني أجد هذا الشاب لأساله: متى ستنتهي شركة سمنز الالمانية من إنجاز محطات كهربائية ضخمة في العراق؟ ومتى سيبيع العراق الكهرباء إلى دول الجوار؟
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم