لنقف قليلاً عند العوامل الداخلية. ولئن إختلفت هذه العوامل ما بين بلد وبلد.. قُطُر وقُطُر، إلا أنها قواسم مشتركة. ففي غياب الحرية تتراكم عوامل القلق والتوتر، وتغدو الطبيعة العامة للشعب قابلة للإنفجار الذاتي، وهي ترقب التغيير من قوة داخلية منظمة، وقد، بل كثيراً، ما تكون لهذه القوة روابطها الخارجية، بفعل الحاجة إلى عنصري الداخل والخارج في التغيير في ظل الوضع الدولي السائد.
كذلك، تتراكم عوامل الفساد، وهي مشتركة ما بين جميع الأنظمة تقريباً، ونقصد بالفساد: العمولات، والرشاوى، والمشاريع الوهمية، وانحلال الروابط وفقدان الوازع الأخلاقي في الحكم، وفقدان الفرص، وحكم العائلة، أو القبيلة، أو الطائفة، بغير ظوابط، وخضوع الحياة العامة لمزاج فرد، والتبذير، والإسراف والسُفه.. إلى آخر قائمة الفساد الذي يسشتري.
ومن العوامل الداخلية ذلك الصراع المستمر على السلطة ما بين رجال الديانة، أو الطائفة، أو العائلة الواحدة، أو القبيلة الواحدة، أو التنظيم الواحد، أو المؤسسة العسكرية.. أو.. أو.. وهو صراع يستهلك طاقة المجتمع، ويحول دون تطوره، بل هو يخضعه قسراً، ويحوله إلى قطيع بشري مُستلَب الإرادة، مُستلَب الكرامة.
ومن العوامل الداخلية- الداخلية بالمفهوم القومي- تلك الصراعات الوهمية التي تقوم ما بين بلدان الجوار العربي.. فلا يوجد بلد عربي لا يعيش مشكلة من نوع ما مع جواره.. مشكلة تتجمع في بؤرة إضطراب تستغلها القوى الخارجية، وتغذيها، وتوظفها لأغراضها.
من هذه البؤر ما هو عربي- عربي، ومنها ماهو إقليمي.. يضاف إلى ذلك ثورات داخلية، أو مشاريع ثورات، تعرف ما لا تريد، وتجهل ما تريد.
فمن بؤر الإضطراب العربية، فلسطين التي أضاع العرب بوصلة مسجدها الأقصى عن مسجد قبة الخصرة. والوضع اللبناني المضطرب وهو مستمر ولا أمل في توقفه، والصراع ما بين المغرب والجزائر على الصحراء، ومشاكل ثورات (التصحيح) على ثورة (الربيع العربي) في مصر، وتونس، وليبيا، والتي لن تتوقف حتى تستهلك الجميع، والوضع الخاص للأُردن الذي يضعه ما بين سندان إسرائيل ومطرقة بعض العرب، والأزمة السورية الداخلية ومشكلة “السلطة”، و”الحرية”، التي يطرحها صراع النظام والمعارضة وهو صراع لن يرحم سورية في قسوته وخطورته.
وبؤر الإضطرابات الإقليمية…
وتشمل “الإرهاب”، وذلك الصراع الذي لا نهاية له ما بين العرب وإسرائيل، والذي لن ينهيه في- قناعتنا- إعتراف، ولا قرار، ولا حدود آمنة.. لأن الصراع بحد ذاته مطلوب له أن يستمر، ولأغراض كثيرة وأهداف تتجاوز- ربما- وجود إسرائيل وحقوق الشعب الفلسطيني، وموقف العرب معتدلين ومتشددين؟!.
هناك أيضاً الصراع العربي- الفارسي الذي يقف فيه (الوطنيون العراقيون)، وحيدون، صامدون يدفعون عن بلادهم والمنطقة كلها خطر هجمة نظام عجيب التخلف، عجيب الإنغلاق، عجيب الروابط الخارجية، شديد التناقض بينما هو حقيقي فيه، وما هو معلن.
إلى جانب العناصر الداخلية والإقليمية، ثمة القوى الخارجية التي تدفع وتغذي كل هذه التناقضات، وتعمل على توظيفها لمصلحتها، سواءً في صراعاتها فيما بينها، أو في توافق إرادتها على استمرار هذا الانهيار. كل هذه العوامل تتجمع وتتراكم في لحظة زمنية واحدة، وتقترب بالمنطقة من مرحلة التفجير الكبير، والتغيير.
تعليق:
السلامُ على النظام العربي يوم ولد.. ويوم وليّ الأمر.. فاكتنز ولم ينم بما ظلم.. ويوم يستقيل أو ينهار فيُريح ويستريح.. ويوم يُبعثُ حياً وقد ثقلت موازينه بالـ($$$$$)