قد يضيع احدنا حياته في اقتراحات لتغييرها ،، ففي اثناء الليل وخلال فترات الارق يحدث نفسه قائلا :غدا سأحطم كل شيء او أغير …وعندما يستيقظ من نومه في الصباح ، يجد نفسه مايزال متمسكا بماعاهد نفسه عليه ولكن ماان يفرغ من تناول الافطار حتى يجد نفسه مثقلا بهموم ومتاعب وخطط يومه فيرجيء التغيير الى اليوم التالي ويستمر الامر لسنوات و سنوات دون ان يتغير شيء سوى لون الشعر وطبيعة البشرة واستقامة الجسم وفجأة ، يكتشف المرء ان المرآة تضع امامه وجها مليئا بالتجاعيد وشعرا اشيب وظهرا مقوسا ورغم ذلك يظل يرقد في فراشه ويحلم قبل ان تتلقفه اذرع النوم بتغيير خارطة حياته وخط سيره ..
يحدث هذا مع اغلبنا فنلقي بلائمتنا واحمالنا على القدر ..ولأجل هذا السبب نفسه نحن عاجزون تماما عن تغيير اقدارنا ..هناك اصلا من يعجز حتى عن الحلم بالتغيير او ان يصحو ذات يوم ليتمطى في سريره ويتثاءب ويفوز بساعات نوم اخرى…انه الكادح الفقير الذي يتذكر حالا ان اسرته تنتظر اجرته اليومية لتأمين يومها وان عليه ان يؤجل مراجعة طبيب او شراء سلعة كمالية لبيته او اسرته حتى يجمع قيمتها من اجرته طوال الاسبوع ، لذا ينفض عنه غطاءه البالي ويستعد لبدء منهاجه اليومي .. وتمر الايام وتظل اجرته اليومية اسيرة متطلبات يومه ، وتمر السنوات ولايجد فرصة لتغيير خارطة حياته ..
مؤخرا ، تجاوز عدد الاحزاب السياسية التي تم تسجيلها في دائرة شؤون الاحزاب والتنظيمات السياسية المئة حزب ، وقد يكون ذلك ، اذا تمت الانتخابات بشفافية ، فرصة للتغيير الذي ننشده ..وقتها ، سنصحو من نومنا على أمل جديد بتغير خارطة يومنا ، وان تصبح الاحلام حقيقة بازاحة من وقف ، بأسم الديمقراطية ، في طريق استقرار العراق وتقدمه وظهور وجوه اكثر قبولا واياد اكثر نظافة ، لكن المطلوب في هذه الحالة من الشعب ان يثبت قدرته على تقرير مصيره او على الاقل مقاومة صعوبة الظرف
الذي يعيشه ، لكن حقيقة مايحدث هو ان اغلب العراقيين يحلمون بحيازة حصة اكبر من الاصوات لشريحة ما وليس لعراقي مخلص ،وحين تتحول العملية من اختيار اصوات مخلصة وذات شعور وطني الى اختيار اصوات تؤكدها مفاهيم تخدش مستقبل العراق كالطائفية والعرقية وغير ذلك ، فلن تنجح الانتخابات ..
لكن محاولة المرء المشاركة في فعل جماهيري متجاوزا كل مثالبه افضل من عدم المحاولة واليأس الكامل ، وما دمنا على قيد الحياة ،يجب ان نحاول ، فقد لاتبقى الاشياء على ماهي عليه وتصبح الاحلام المستحيلة ممكنة التحقيق….! ..ليس امامنا خيار اذن اذا كنا ننوي احداث تغيير في خط حياتنا اكثر من مجرد الاستسلام للنوم والاحلام ، او الرضوخ لسلطة عمل كادح لاتكفي اجرته اليومية للعيش باكتفاء ، فالتغيير الحقيقي سيحدث حين نتجرد عن دعم الاشخاص او الاحزاب ، مهما تعددت وتنوعت مناشئها ، مالم يكن ماضيها ومسيرتها تعد بشيء افضل ، والا نلقي بلائمتنا واحمالنا على القدر ، عسى ان ننجح في تغيير قدرنا ..