22 نوفمبر، 2024 8:55 م
Search
Close this search box.

تغير الفكر السياسي من الاستئثار بالحكم الى الشراكة

تغير الفكر السياسي من الاستئثار بالحكم الى الشراكة

هل هو حقيقة ام شعار مرحلي
في اخر تصريح له دعى السيد هادي العامري الى ايجاد حشد فكري يشارك فيه الجميع للقضاء على الفكر الداعشي . وذلك في محاولة منه لايجاد ارضية مشتركة مع بقية الاطراف والمكونات العراقية لمحاربة التطرف . وهذا يعتبر تطورا في الفكر السياسي الذي يمثله . حيث كانت تصريحاته السابقة تتسم باستخدام القوة وسحق رأس الافعى . وفي وقت سابق طرح السيد عمار الحكيم مشروع التسوية التاريخية ، للمصالحة مع الاطراف المعارضة للعملية السياسية . ويبدو ان هذا المشروع لم يلق تجاوبا من الحرس القديم للمجلس الاعلى ، فانشق عنه وشكل تيار الحكمة الوطني . ومؤخرا دعى السيد مقتدى الصدر الى وحدة الصف ونبذ الطائفية ، معتبرا دوام الاختلاف لايخدم سوى الاستعمار ويضر المذهب والحوزة العلمية . وقد صرح السيد المالكي بان العملية السياسية بحاجة الى اصلاح . اما السيد العبادي فانه يطرح نفسه كرئيس لكل العراقيين في دعوة منه لجمع كل الفرقاء تحت خيمة رئيس الوزراء خصوصا بعد تحرير الموصل . ويحمل رئيس الوزراء السابق مسؤولية خراب العراق . كما اعلن بصريح العبارة انه لايريد بقاء الطبقة السياسية الفاسدة . انما يريد طبقة سياسية جديدة ، مثل قادة الجيش الجديد . على حد تعبيره
من كل ذلك يتضح ان القائمين على رأس العملية السياسية قد ادركوا فشل التوجهات السابقة بالاستئثار في الحكم مع اعطاء صيغة شكلية لبقية الاطراف للمشاركة غير الفاعلة فيها . وقد ادى هذا التوجه الى ضياع اربعة عشر عاما من عمر العراق دون ان يخطوا خطوة واحدة باتجاه بناء الدولة الموعودة التي كانت تراود الملايين من ابناء الشعب المقهور والمغلوب على امره من كل الطوائف والاثنيات وقد كانوا يعتقدون ان ما بعد حكم الديكتاتورية والحصار الذي دام لاكثر من عشر سنوات سياتي الفرج والرخاء والعيش بسلام وامان ولكن الرياح جاءت بما لم تشته السفن
ان احزاب المعارضة التي كانت خارج العراق قبل الاحتلال الامريكي عام 2003 لم تعمل شيئا للتهيئة لادارة الحكم الجديد غير اقامة التحالف الشيعي الكوردي الذي سرعان ما انفصمت عراه في اول ازمة شهدها هذا التحالف . ولم تكن لهم اية برامج عمل او مشروع متكامل للدولة المنشودة . وربما يعود ذلك الى ضعف امكانياتهم الثقافية والحضارية وجهل بعضهم الفاضح . كما انهم لم يستعينوا بعناصر مهنية كفوءة لادارة الدولة ، وكل واحد منهم يتصور انه قادر لوحده على تصريف الامور السياسية والاقتصادية والادارية . فحلت الكارثة بخراب مؤسسات الدولة وانتشار الفساد وتخلخلت جغرافية العراق ، ودبت الفرقة بين ابناء الشعب الواحد نتيجة الجهل في ادارة الازمات و التعصب الديني
يمكن تقسيم اولئك الذين استلموا الحكم بين من كان يرغب في بناء دولة وفق منظور الثورة الاسلامية في ايران ، وبين احزاب متنافسة تريد ان تستأثر بالحكم لوحدها ولو على حساب التحالف الشكلي مثل حزب الدعوة والمجلس الاسلامي وحزب الفضيلة والتيار الصدري . وثالث طفيلي جاء للعملية السياسية بهدف تحقيق مكاسب مادية شخصية له . وكل هؤلاء الفرقاء اعتمد على ايران لتحقيق مآربه . وربما كانوا يعلمون او لا يعلمون ان في ايران مراكز قوى متعددة تعمل تحت خيمة الولي الفقيه . وهذه القوى يمكن تقسيمها بصورة عامة الى جناحين رئيسين
الاول يعمل على تصدير الثورة الاسلامية ويحاول تنصيب انظمة دينية مذهبية مشابهة وموالية لايران في دول المنطقة ،
والاخر يعمل على توسيع النفوذ الايراني تحت غطاء الدين ولكن بهدف احياء النزعة القومية وانشاء الامبراطورية الفارسية التي كانت تمتد الى ابعد من البحر المتوسط .
واعتقد ان هذا الجناح لايبالي بانشاء نظام حكم مشابه لايران في العراق وانما يحاول خلق نظام حكم موالي لايران حتى لو كان على حساب مصالح الناس الحيوية ، او مستقبل الشعب العراقي . بل وربما تدفعه رغبة بالانتقام من اولئك الذين وقفوا حجر عثرة امام المطامع الامبراطورية على مر التاريخ . وهذا الجناح يساعد كل الاحزاب رغم تصارعها على الحكم ، ولايقلق من اولئك الذين جاءوا الى الحكم بدوافع مصلحية او انانية فردية طالما هم يحققون الاهداف المرجوة لهذا الجناح في توسيع النفوذ الايراني في المنطقة . وبالمقابل يعمل على تحقيق رغباتهم الانانية في الحصول على السلطة والثروة
وبعد هذا كله لنرى هل ان دعوات تغيير العملية السياسية في العراق وتحقيق المشاركة الفعلية في الحكم عبر شعار التسوية التاريخية او المصالحة هي دعوات حقيقية ام انها مجرد شعارات مرحلية لتحقيق مصالح حزبية او فؤوية ضيقة
ان العملية السياسية الحالية قد انكشفت اوراقها للشعب كله واصبحت نخبها من كل الطوائف موضوعا للسخرية والشجب من ابناء الشعب كافة من باب انهم شر البلية ، نتيجة فسادها وخوائها وعدم استجابتها لمطالب الشعب الاساسية . ولذلك نرى بعض هؤلاء المتصدين للعملية السياسية يحاولون تسويق انفسهم مجددا عبر شعارات مستهلكة ظنا منهم انهم يخدعون الشعب فترة اطول . كما ان هناك من ادرك التوجه الامريكي الجديد في تقليم الاضافر الايرانية في العراق فراح يهئ العدة لنهج جديد وهو يعلم ان ايران لن تستطيع فعل شئ تجاه هذا التوجه لانها هي الاخرى لاترغب في مواجهة العم سام في العراق . وستغض الطرف عن بعض الخارجين من دائرة تاثيرها . وفي كل الاحوال فانهم لن يكونوا اعداء لها
وهي سوف لن تراهن ايضا على المالكي ودعواته في حكم الاغلبية التي يحاول تسويقها وهو يعلم انه غير قادر على تزوير ارادة الناخبين كما فعل عندما كان في سدة الحكم
ومع ذلك فان كان هناك من يعترف بانه قد سقط في الخطأ ويحاول اصلاح مايمكن اصلاحه . فان دعوات اصلاح العملية السياسية سوف لن تجدي نفعا مع التكتلات والتحالفات المذهبية السائدة اليوم وتقسيم المجتمع الى مكونات . حيث ان التصحيح بنفس الادوات القديمة يعتبر ضحك على الذقون ، وان الشعب سوف لن يصدق لفترة اطول مثل هذه الاطروحات البالية التي جلبت له الكوارث والماسي
ان الامر يتطلب وجود تحالفات حقيقية عابرة للطائفية تؤمن بالليبرالية الحديثة كمنهج عمل وليس كشعار مرحلي للاستهلاك المحلي اوتحقيق رغبات حزبية او شخصية من خلالها . فمن يحقق مثل هذا الهدف ويضع برامج عمل واضحة مبنية على الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية هو الذي سيحقق طموح الناس في مستقبل جديد

أحدث المقالات