عنصر التغيير يعد ضرورة لاستمرارية الحياة وسيرها كون الفطرة البشرية تتطلب ذلك، ومادام ذلك العنصر متوفر فإننا أمام تطور طبيعي ينذر بحالة صحية يعيشها المجتمع.
إن السعي لاستبدال وضع مستقر بشيء أفضل لا يقتصر على مجال محدد، بل يشمل كافة نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية والسياسية، وغير ذلك من المجالات، كون التغيير يأتي بتطور مهم ينم عن توسع العقلية التي يحملها صاحبها وسعة صدره لتقبل ضرورات المستقبل.
فالسياسة ليست ببعيدة عن هذا المشهد، بل تعرف من قبل البعض، بأنها متغيرة الأحوال والمواقف في لحظات قليلة بحسب المصلحة التي تقتضيها الحياة السياسية.
ومن أبرز الظروف التي تحتاج إلى تغيير هو الوضع السياسي العراقي بسبب المخرجات السلبية الناتجة عن التغيير ما بعد احتلال بغداد، ونتيجة لطبيعة النظام السياسي العراقي الجديد فإن تحقق ذلك العنصر يأتي عن طريق الإنتخابات كونها المسئولة عن إيجاد مجلس يمثل الشعب ويقع على عاتقة إنتاج حكومة تعنى بمصالح الشعب وتقدم أفضل الحلول لمشاكله.
ولكن ذلك التغيير المنشود الذي يطالب به الجميع، سواء الأحزاب والتيارات السياسية والفئات النخبوية المثقفة وعموم الشعب يقتصر على تغيير الأشخاص المتصدين لشؤون الحكم في المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهذا التغيير وأقولها بصراحة لا يزيد من الطين إلا بله ولا يحقق أي نتائج نجاح تخص النظام السياسي العراقي.
ولكون تلك الخصلة (تغيير الوجوه) يتطلب وجودها في تحقيق التغيير ولكن الأهم منها تغيير الأفكار والروئ التي يؤمن بها من سوف يتصدى للمسؤولية، لأنها تعد مقدمة مهمة لإنتاج التغيير على كافة المستويات الإدارية والاقتصادية والتشريعية والثقافية والاجتماعية، وهذا الأمر سينتج حالة من التحول من المعاناة واليأس الذي يسيطر على الجمهور إلى تفاؤل بمستقبل جديد وعمل متطور بعيدا عن الكلاسيكية التي دمرت الإنتاج العقلي للإنسان وأوقفت حركة التقدم المجتمعي عند حدود ثابتة دون الحيلولة من تقدمة.
إن توفر عنصر التغيير مهم ومطلوب ولكن نجاح التغيير يتطلب فهم مجتمعي جديد لهذا المفهوم، بحيث ينطوي على عناصر وأدوات وروئ تتسم بمرونة الفكر وتقبل الأخر دون حساسية بالإضافة إلى عنصري الجدية في العمل وإتقانه بإخلاص، والنزاهة مدعومة بجرعات عالية ضد فايروسات الفساد بأشكاله المختلفة، وبتحقق ذلك يمكن أن نعلن نجاحنا في حصد ثمار التغيير.