إيران تهيمن على جارها الغربي، ودعم قوله بما ادعاه وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في تغريدة على تويتر، من أن إيران “تسيطر” على العراق.
وسبق لمستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون أن قارن تحكم طهران بالعراق بقضبة الاتحاد السوفياتي السابق الخانقة على أوروبا الشرقية في أواخر أربعينيات القرن الماضي.
واقتصاديا، اعتبر ماجد أن لإيران نفوذا كبيرا في العراق، فهي ثالث أكبر شريك تجاري لبغداد بحجم تبادل تجاري يناهز 12 مليار دولار سنويا. أما سياسيا فإن تحالف الفتح الموالي لطهران استحوذ على 48 مقعدا (14.6%) من مقاعد مجلس النواب العراقي في الانتخابات الأخيرة التي جرت العام الماضي، ليصبح بذلك ثاني أكبر كتلة.
ويضيف أن لإيران مليشيات شيعية مسلحة تحتكر قطاعات من اقتصاد العراق، وهي مسؤولة كذلك عن الأمن في بعض المناطق بعد دحر تنظيم الدولة الإسلامية.
ترامب وزوجته زارا قاعدة عين الأسد في العراق نهاية العام الماضي (رويترز)
صراع نفوذ
وفي أواخر العام الماضي، زار الرئيس الأميركي دونالد ترامب قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار غربي العراق زيارة غير معلنة، وقد اعتبر تحالف الفتح أنها لا تحترم سيادة البلاد.
وعلى الإثر، سعت كتلة الفتح لاستصدار تشريع يطالب بإخراج القوات الأميركية، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل، وهو ما اعتبره الكاتب أحد المؤشرات على وجود مقاومة للنفوذ الإيراني في العراق.
وأضاف أن من المؤشرات كذلك المعركة التي دارت لشغل منصب وزير الداخلية، حيث أصر تحالف الفتح على تعيين رئيس الحشد الشعبي فالح الفياض بالمنصب، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل مما دفع الفتح سحب ترشيح الفياض، ليظل المنصب شاغرا حتى الآن.
واعتبر ماجد أن ما يدلل على استقلال العراق الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى السعودية، والتي جاءت عقب زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني لبغداد.
ووفقا لمقال فورين بوليسي، فإن إيران لم تكن مسرورة بزيارة رئيس الوزراء العراقي إلى السعودية وإبرامه عددا من الصفقات هناك. فقد حذر مستشار كبير للمرشد الأعلى آية الله العظمى علي خامنئي من أن إيران “لن تسمح لليبراليين والشيوعيين بحكم العراق”.
ولا تقتصر مقاومة النفوذ الإيراني في العراق على الرسميين والتشريعيين وحدهم، فقد أظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية تراجعا في شعبية إيران وسط الشيعة العراقيين بنسبة 41% خلال الفترة ما بين عامي 2015 و2018.
ويخلص الكاتب إلى أن ادعاء أن إيران تهمين بمفردها على العراق فيه تجاهل لنفوذ قوى دولية على رأسها الولايات المتحدة وتركيا.
وعلى الرغم من أن لطهران تأثيرا كبيرا في بغداد، فإن طموحاتها في العراق ظلت تُجهض مرارا وتكرارا، على حد تعبير ماجد الذي ينفي عن عبد المهدي تبعيته لإيران.
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن تضخيم الهيمنة الإيرانية على العراق من جانب إدارة ترامب تنطوي على خطورة، مضيفا أن تلك المبالغة لا تعدو أن تكون محاولة من واشنطن للضغط على عبد المهدي كي يقطع علاقاته النفطية مع جارته الشرقية.
وتابع قائلا إن ذلك التضخيم يعرض أمن العراق للخطر ويقوض جهود الفصائل العراقية التي تنشد إرساء علاقة “أكثر تكافؤا” مع طهران.
لم تستطع إيران أن تؤثر في مجرى الحياة العراقية تأثيرا يذكر إلا بعد الغزو الأميركي له عام 2003. في السابق كانت تحاول توسيع نفوذها عبر استخدام وسائلها المعروفة وهي الدين والمذهب وربط الشيعة في العالم بها، لكنها لم تفلح، لأن هناك دولة عراقية متماسكة عمرها سبعة آلاف سنة وهوية وطنية عراقية راسخة.
لكن محاولات إيران وأتباعِها تحويل العراق إلى تابع لها بشكل من الأشكال لم تتوقف، إذ ظل الإيرانيون يبذلون جهودا حثيثة في هذه الاتجاه وكأنه هدف استراتيجي إيراني طويل الأمد، وهو كذلك على ما يبدو، إذ واصلوا شن حروبهم المباشرة وغير المباشرة، عبر التضليل والتحريض وخلق البؤر الرخوة باستخدام سلاحي الدين والمذهب، في العراق ودول المنطقة.
ولكون إيران بلدا مكونا من خمس قوميات غير متجانسة ثقافية ولغويا، حاول الإيرانيون عبر السنين أن يوحدوا بلدهم عبر تطوير هوية وطنية جديدة جامعة، ظاهرها مذهبي وحقيقتها قومية فارسية، وقد ركزوا على تبني الهوية الشيعية داخل إيران من أجل إخفاء الهيمنة الفارسية على البلد الذي يشكل مواطنوه الفرس 40 بالمئة فقط من سكانه، بينما يشكل الأذربيجانيون الترك والعرب والأكراد والبلوش النسبة الباقية.
نجحت مساعي قادة إيران في استيعاب الأذربيجانيين وجعلهم يتبنون الثقافة واللغة الفارسيتين، وتمكنوا أيضا من قمع القوميات الأخرى بالقوة وعبر التهميش والتجهيل وقسرهم على استخدام اللغة الفارسية بدلا من لغاتهم القومية،، لكنهم فشلوا في تحويل العراق إلى ساحة نفوذ إيرانية، لأن هوية العراق راسخة، على رغم التنوع الثقافي والقومي والديني، الذي لم يكن يوما عائقا أمام قيام دولة قوية، بوجود قانون يطبق بعدالة على الجميع. وحتى الكرد الذين سعوا إلى تأسيس دولة مستقلة في مناطقهم، عادوا إلى هويتهم العراقية كلما تعرضت السيادة العراقية إلى الخطر كما حصل عام 1996 عندما دعمت إيران طرفا كرديا ضد آخر في محاولة لإضعاف إقليم كردستان.
لكن الذي ساعد إيران على تحقيق مآربها في العراق، دون قصد طبعا، هو النظام العراقي السابق الذي لم يجد حلا لمشاكله مع الشعب إلا عبر العنف والتغييب والتهجير والقمع، فاضطر عراقيون كثيرون، من كل الشرائح والتوجهات السياسية، بما فيها حزب البعث، إلى الالتجاء إلى دول أخرى بينها إيران، هربا من قمع النظام الاستثنائي وغير المعهود في الدول الأخرى.
وقد مكَّن هذا الوضع إيران من تجنيد بعض العراقيين وإيهامهم بان إيران هي بلد الإسلام وبلد الشيعة تحديدا، وأن عليهم أن يدافعوا عنها ويعملوا لصالحها حتى وإن كان ذلك ضد بلدهم لأن إيران تمثل “بيضة الإسلام” ولأن حكومة بلدهم ليست إسلامية. وعبر هذه الأساليب المدروسة تمكنت من تفتيت الهوية العراقية عند هؤلاء واستبدلتها بالهوية الشيعية.
وعندما تصبح الهوية شيعية، يصبح زعيم إيران هو القائد المطاع لأنه زعيم أقوى دولة شيعية، ولأنه “ولي أمر المسلمين” كما يُشار له في الإعلام الموالي، وكذلك تصبح الأراضي العراقية مستباحة لأنها تابعة لدولة الإسلام الشيعية التي ينضوي تحت لوائها الشيعة جميعا حسب نظرية ولاية الفقيه الإيرانية (المرفوضة أساسا في الفقه السياسي الشيعي التقليدي).
ومع كل هذه الجهود الحثيثة ظلت إيران تحارب العراق من الخارج ولم تتمكن من التأثير في الداخل العراقي، لا في أفكار العراقيين السياسية أو الدينية ولا في إيمانهم الراسخ ببلدهم أو هويتهم العراقية. إلا أن الغزو الأميركي وإسقاط الدولة العراقية قد سهل مهمة إيرن التي كانت عصية على مر الأزمان. فعندما قام الأمريكيون بحل الجيش والشرطة وسنّوا قانون الاجثاث الذي طال معظم قيادات مؤسسات الدولة، أصبح العراق بلد مستباحا، فليس فيه جيش ولا شرطة تحميه، ولا مؤسسات قوية تؤكد هويته وتعزز إيمان المواطنين به.
وكانت تلك فرصة مواتية لإيران كي تنفذ مشروعها الرامي لتفتيت العراق واستبدال هوية سكانه بهوية أخرى تجعل من زعماء إيران قادة لهم. وبسبب عدم إدارك الأمريكيين عمق المخطط الإيراني وخطورته، فإنهم لم يفعلوا شيئا، بل إنهم سهلوا، دون قصد، مهام الجماعات السياسية والعسكرية المرتبطة بإيران ودعموها وسلموها السلطة بينما عرقلوا مساعي الآخرين المطالبين بدولة عراقية ديمقراطية قوية.
لقد أتى الأميركيون بشخص جاهل تماما في الشأن العراقي، حسب اعترافه، ونصبوه مؤسسا للنظام الجديد، وهو بول بريمر. ولحقوا ذلك بتشكيل حكومة غير متجانسة تفتقر إلى القدرة والبرنامج الوطني لتوحيد الشعب وبناء دولة حديثة.
وبحلول عام 2011، خرج الأميركيون من العراق، مع انتخاب باراك أوباما رئيسا، الذي كان قد وعد الشعب الأميركي بإخراج القوات الأميركية من العراق، لكنهم قرروا الإبقاء على وجود عسكري إن أراد العراقيون ذلك.
اجتمعت القوى السياسية العراقية جميعها وتباحثت حول الوجود العسكري الأميركي في العراق ولم يجرؤ أحد على المطالبة بإبقاء جزء من القوات الأمريكية، مع علم السياسيين بأن العراق غير قادر على درء الأخطار الخارجية المحدقة به بسبب الضعف البنيوي في الجيش وتعدد الولاءات السياسية والدينية بين القوى الأمنية عموما. القوى الموالية لإيران كانت لها مصلحة كبرى في إخراج القوات الأمريكية لأنها تسعى لأن تحل محلها وتكمل المخطط الإيراني بتفتيت العراق، أما القوى الأخرى فخشيت أن تتهم بالتبعية للأجنبي وانعدام الوطنية، بينما لم تكترث القوى الكردية للأمر لأنها تتمتع بعلاقات وطيدة مع الولايات المتحدة ولأن قواتها العسكرية والأمنية تسيطر على الإقليم، فأصرت القوى السياسية على مطالبة الأميركيين بالمغادرة وكان هذا ما أرادته إيران، وتماشى أيضا مع سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة.
غادر الأميريكيون وأصيب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالغرور فأخذ يتصرف بدكتاتورية وعنجهية كانتا خفيتين في ولايته الأولى، متجاهلا القوى السياسية جميعها ومعتمدا بالدرجة الأولى على تأييد إيران والقوى التابعة لها. حاولت القوى السياسية العراقية أن تتخلص منه عام 2012 في محاولة لسحب الثقة إذ وقّع 181 نائبا على سحب الثقة منه لكن الرئيس الراحل، جلال طالباني، المقرب من إيران، خضع للضغوط الإيرانية ولم يسمح بتمرير إجراء سحب الثقة، مفتتا بذلك العملية الديمقراطية للمرة الثانية، بعد رفضه تكليف الفائز في انتخابات عام 2010، أياد علاوي، بتشكيل الحكومة. وكنتيجة لهذا التجاوز على مبادئ الديمقراطية، ثار العراقيون في محافظات عراقية عديدة لشعورهم بالغبن والتهميش والتمييز، ما مهد لسيطرة تنظيم داعش الذي سيطر على ثلاث محافظات، شمالي وغربي البلاد، وأجزاء من محافظات في الوسط والشرق.
ومع انهيار القطعات العسكرية المرابطة في الموصل، في حادثة مازالت غامضة، وإلا كيف يمكن أن تنهار قوة عسكرية تعدادها ثمانون الفا امام جماعة إرهابية لا يتجاوز عدد أفرادها 3000 مسلح، اضطر العراق لطلب المساعدة من دول العالم لدرء الخطر المحدق به، فدخلت إيران “لمساعدة” العراق، بينما قدمت الولايات المتحدة دعما جويا واستخباراتيا.
وخلال هذه الأزمة، أسس نوري المالكي (الحشد الشعبي) وتبع ذلك فتوى المرجع السيستاني للجهاد ضد داعش. استغلت إيران هذه الفتوى لتأسيس عشرات المليشيات التابعة لها وانضوت تلك المليشيات في “الحشد الشعبي” الذي أقر البرلمان قانونا يجعله مؤسسة رسمية. وبعد تولي حيدر العبادي رئاسة الوزراء، بقيت المليشيات مستقلة عن الدولة، رغم أنها رسميا جزء من المؤسسة الأمنية، وظل قادة المليشيات يتصرفون خارج نطاق الدولة، فانتشرت صور خامنئي في العراق وازداد عدد الاغتيالات بين المثقفين والصحفيين والناشطين. لم يتمكن العبادي من السيطرة على المليشيات رغم محاولاته حصر السلاح بيد الدولة.
مشكلة العبادي أنه كان ضعيفا تنظيميا، إذ جيء به على عجل لسد الفراغ بعد إقالة المالكي بنصيحة من السيستاني، ولم يكن مستعدا للاضطلاع بمهام إدارة الدولة. وفي انتخابات 2018، جاء العبادي بخصومه السياسيين الموالين لإيران وأدرجهم ضمن قائمته الانتخابية، في إجراء لا يفعله نبيه، ففازوا بأصواته وبسبب شعبيته، لكنهم انقلبوا عليه في اللحظة المناسبة، كما كان متوقعا، وانشق عليه نصف نوابه، لذلك لم يستطع البقاء في منصبه. وبعد إعادة التموقع السياسي، تمكنت القوى التي تدعمها إيران من تشكيل الحكومة برئاسة عادل عبد المهدي الذي أصبح أضعف “زعيم” عراقي منذ مؤيد الدين بن العلقمي الذي سهل احتلال هولاكو للعراق.
في عهد عبد المهدي، أصبحت المليشيات تصول وتجول وتقتل وتختطف دون حسيب أو رقيب، واستشرى الفساد وأصبحت المناصب تباع وتشترى. إزاء هذا الوضع المزري، لم يستطع العراقيون معه صبرا فتظاهروا سلميا، وهو حق أتاحه الدستور، لكن المتمسكين بالسلطة واجهوهم بالحديد والنار وقنابل الغاز فقتلوا 150 متظاهرا خلال الأيام الخمسة الأولى. هذه المجزرة حفزت المزيد من العراقيين على التظاهر وعدم الانصياع لأتباع الولي الفقيه الذين أوغلوا بقتل العراقيين الرافضين لهم. المتسلطون لا يفهمون كيف تتصرف الشعوب الحرة، فالقتل دائما يزيد الناس إصرارا على المواجهة، لذلك لا يلجأ إليه إلا الحمقى.
لو لم يكن هناك تدخل إيراني لاستقر العراق وتطور الحكم الديمقراطي فيه وأزيل الفاسدون عبر صناديق الاقتراع، وتنافس المتنافسون من أجل خدمة الشعب. لكن الذي حصل أن التنافس قد أصبح، ويا للعار، على كسب رضا الولي الفقيه المحاصر إقليميا ودوليا، فتسلق السلطة من كان مستعدا للتعاون معه على إضعاف العراق، وبقي ذليلا أمامه، بينما استأسد على أبناء شعبه العزل. ويقدر مراقبون عدد الذين قتلتهم المليشيات والقوى الأمنية، بحوالي الألف، وحتى وزارة الكهرباء (تعاونت) في هذا الجهد (الوطني) فأطفأت النور في منطقة الخلاني يوم 6\12\2019 فتمكن الملثمون، الذين استخدموا عجلات رباعية الدفع تابعة للدولة، من قتل 80 شابا متظاهرا تحت جنح الظلام، بينما تجاوز عدد الجرحى في هذه المعركة الحامية الوطيس بين العراقيين وحكومتهم (الديمقراطية)، العشرين ألفا خلال شهرين فقط .
لم يتردد المسلحون في اختطاف النساء المتظاهرات والممرضات والطبيبات اللائي كن يساعدن في علاج جرحى المحتجين في حوادث لم يألفها المجتمع العراقي في كل العصور، ما يعني أن هؤلاء عديمو الأخلاق والدين والمشاعر الإنسانية، وهمهم الأول هو البقاء في السلطة. لقد اصبح عذر الحكومة بأن “جهة ثالثة” تقتل المحتجين، مزحة سقيمة. الغريب أن هذه “الجهة الثالثة” تقف دائما مع الحكومة وتقتل خصومها!
آن الأوان للعراقيين الذين مازالوا يعتقدون بأن إيران قوة للخير أن يعيدوا حساباتهم. إيران لا تريد دولة في العراق، بل تريده مساحة خلفية تابعة لها، تستخدمها لتصريف بضاعتها وتنفيذ مآربها والانطلاق منه لتخريب العالم العربي باسم الإسلام، وهذا لن يرتضيه أي عراقي سوى القلة الذين تخلوا عن هويتهم العراقية.
قال علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن “إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي”، وذلك في إشارة إلى إعادة الامبراطورية الفارسية الساسانية قبل الإسلام التي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة لها.
ونقلت وكالة أنباء “ايسنا” للطلبة الإيرانيين عن يونسي تصريحاته خلال منتدى “الهوية الإيرانية” بطهران، الأحد، حيث قال إن “جغرافية إيران والعراق غير قابلة للتجزئة وثقافتنا غير قابلة للتفكيك، لذا إما أن نقاتل معا أو نتحد”، في إشارة إلى التواجد العسكري الإيراني المكثف في العراق خلال الآونة الأخيرة.
وهاجم يونسي الذي شغل منصب وزير الاستخبارات في حكومة الرئيس الإصلاحي، محمد خاتمي، كل معارضي النفوذ الإيراني في المنطقة، معتبرا أن “كل منطقة شرق الأوسط إيرانية”، قائلا “سندافع عن كل شعوب المنطقة، لأننا نعتبرهم جزءا من إيران، وسنقف بوجه التطرف الإسلامي والتكفير والإلحاد والعثمانيين الجدد والوهابيين والغرب والصهيونية”، على حد تعبيره.
وأكد مستشار الرئيس الإيراني استمرار دعم طهران للحكومة العراقية الموالية، وهاجم تركيا ضمنيا، قائلا “إن منافسينا التاريخيين من ورثة الروم الشرقية والعثمانيين مستاؤون من دعمنا للعراق”، في تلميح إلى استياء تركيا من التوسع الإيراني.
وأشار يونسي في كلمته إلى أن بلاده تنوي تأسيس “اتحاد إيراني” في المنطقة، قائلا “لا نقصد من الاتحاد أن نزيل الحدود، ولكن كل البلاد المجاورة للهضبة الإيرانية يجب أن تقترب من بعضها بعضا، لأن أمنهم ومصالحهم مرتبطة ببعضها بعضا”.
وأضاف “لا أقصد أننا نريد أن نفتح العالم مرة أخرى، لكننا يجب أن نستعيد مكانتنا ووعينا التاريخي، أي أن نفكر عالميا، وأن نعمل إيرانيا وقوميا”.
وتأتي تصريحات مستشار الرئيس الإيراني بعد يومين من تصريحات وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي، جون كيري، والتي أكد خلالها أن “إيران تسيطر على العراق”، ضاربا مثلا بعملية تكريت التي تنفذها القوات العراقية بمعية الميليشيات الشيعية وقوات إيرانية يتقدمها قاسم سليماني.
ويقول مراقبون إن العراق بات محتلا اليوم من قبل إيران، ولا يقتصر تواجدها العسكري في تكريت فقط، حيث أشارت تقارير إلى أن القوات الإيرانية وصلت إلى محافظة ديالى العراقية شمال شرق بغداد تحت غطاء محاربة تنظيم “داعش”.
وكان رئيس أركان الجيوش الأميركية، الجنرال مارتن ديمبسي، قد وصف التدخل العسكري الإيراني الأخير في العراق بأنه “الأكثر وضوحا في العراق منذ عام 2004”.
غضب شديد أظهره عراقيون خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد ما نشرته وسائل إعلام أمريكية عن اختراق إيراني هائل وواسع النطاق لكافة مفاصل الدولة العراقية. كثيرون باتوا يتساءلون: ألهذا الحد تسيطر إيران على بلادهم؟
جدل شديد وغضب متصاعد يسود الشارع العراقي وداخل الأوساط السياسية وكذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية نشر صحيفة نيويورك تايمز موقع ذي انترسبت الأمريكيين وثائق، هي جزء من أرشيف الاستخبارات الإيرانية السرية تم تسريبها، كشفت عن النفوذ الإيراني المتزايد في العراق.
الوثائق الجديدة سكبت المزيد من الزيت على النيران المشتعلة اصلا في العراق بسبب التدخلات الإيرانية في البلاد. فقد أكدت أكثر من 700 صفحة من تقارير، كتبت بين 2014 و2015 من قبل وزارة الاستخبارات والأمن الوطني (إطلاعات)، حجم التدخلات الإيرانية السافرة في العراق.
وحسب هذه التسريبات تكون البلاد قد سقطت تماما في قبضة النظام الإيراني وليصبح معظم المسؤولين العراقيين مجرد متلقين للأوامر من دولة أخرى، أي إيران. لكن يبدو أن العراقيين لم يتفاجئوا كثيراً بمحتوى هذه التسربيات:
كما توقع آخرون أن تؤدي تلك التسريبات إلى عمليات تغيير واسعة النطاق في مفاصل الدولة العراقية:
التسريبات الإيرانية أظهرت عمق النفوذ الإيراني في العراق الذي يشهد احتجاجات منذ أسابيع عدة، بحسب ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز موقع ذي انترسبت، واللذان تحققا من التقارير المكتوبة بالفارسية المنسوبة لوزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية. وتمت ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية وأطلق عليها اسم The Iran cables وقسمت إلى خمسة تحقيقات.
التقارير أرسلها مصدر مجهول إلى “ذي إنترسبت” رفض الكشف عن نفسه، كما رفض عقد أي لقاءات صحفية مؤمنة أو أي اتصالات من أي نوع لاحقاً، وقال إنه يريد أن “يرى العالم ما تفعله إيران في بلدي العراق”.
وتشير الوثائق إلى أن دور الجنرال الإيراني في العراق كان أكبر بكثير من مجرد تنسيق التحالف بين الأطياف والقوى السياسية في العراق، وأنه عمل على إنشاء شبكة واسعة من العملاء تغلغلوا في كافة مؤسسات الدولة العراقية، ما عزز بشدة من النفوذ الإيراني داخل العراق.