وهذه (هوسة) بذيئة قالها شاعر وأبو شاعر كبير، ولكنها ناسبت مقتضى الحال، ولُقب على أساس قصتها بالفحل، فقد ذكر المرحوم عبود الشالجي في كتابه موسوعة الكنايات البغدادية، ان ممن كني بالفحل هو الشاعر عبد الحسين الجواهري، والد الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري، فقد قال عنه جعفر الخليلي في كتاب هكذا عرفتهم، انه كان من المع رجال الأدب، بالإضافة الى جرأته وهيبته، وقد كناه بالفحل ملاح من أهل الكوفة، عن قصة رواها الشيخ محمد جواد الشبيبي، قال: كنا زمرة من طلبة العلم الشبان، ألّف ما بيننا تقارب السن واتفاق المشارب، ودعينا ذات يوم الى مأدبة أقامها احد الرؤساء في هور الدخن، وهي منطقة يوصل اليها من الكوفة عبر نهر الفرات، وعند عودتنا ركبنا زورقاً، وما أن توسط بنا الزورق النهر، حتى هبت عاصفة هوجاء، كادت أن تقذف بنا، فامتلأت قلوبنا فزعاً، وزاد في فزعنا ان ملاح الزورق بدت عليه علامات الهلع، واخذ يحوقل ويسترجع، فلجأنا الى الدعاء، والاستغاثة، فما كان من الشيخ عبد الحسين الجواهري الا ان نهض من موضعه وانتصب واقفاً، ولف عباءته على ساعده الايمن واخذ (يهوس: تغرك ماتغرك عد… ع)، ولم ينقطع عن هوسته الا بعد ان رسى الزورق على الشاطىء، هذا اليوم عدت سريعاً الى هذه الهوسة وأطلقتها أمام دفاعي عن احتجاجي على الانتخابات، فقد لامني احدهم وعذلني بأنني انظّر باتجاه مقاطعة الانتخابات وهذا من شأنه ان يغرق البلاد في فوضى عارمة، وضحت له من ان المقاطعة هي خير من تكرار الخطأ وبالتالي فالدمار قادم لا محالة مع هذه الوجوه التي أتت على كل شيء، واهتمت ببناء المولات وملاعب كرة القدم وأهملت الصحة والتعليم والعدل.
المقاطعة ربما تكون ذات فائدة أكثر من المشاركة في إعادة المأساة، مأساة الانتخابات التي أصبحت عائقا كبيرا أمام تطور وحياة البلاد والعباد، لا يمكن للديمقراطية في بلد من البلدان ان تكون مضرة الى هذا الحد، أصبح كل شيء يدعو للقلق ، والحياة في العراق صارت مستحيلة على أساس انها صودرت من قبل مافيات الفساد والجريمة، لص يرشح للانتخابات من هذه الطائفة بعد ان أدين بغسيل الأموال والسرقات العلنية ، وقاتل إرهابي يرشح من تلك الطائفة بعد ان أدين بالإرهاب ، وهنا وجب ان انتخب احد الاثنين حتى لو انني لم انتخب احداً منهم، فربما رفعت قداسة صاحب الكتلة وأصواته الكثيرة الى رفع مجرم او غبي لرئاسة وزراء او رئاسة حكومة كما حدث في المرات السابقة، لتبدأ اللعبة من جديد ويكون ضحيتها الشعب، الفوضى التي يعيشها الوطن لا يمكن لهذه الديمقراطية الكسيحة ان تعالجها وعلينا البحث عن طريقة للخلاص والا سيتدمر كل شيء وسيضيع مستقبل أجيالنا، الجميع يعمل وفق ما توسوس له شياطينه، وليس هناك من رصانة في صياغة قانون او منع ممارسة شاذة يقوم بها مواطن بسيط او مدير عام او وزير، وصار جل هم المواطن ان يفكر في كيفية توفير المال لأنه يعلم علم اليقين ان هذا الوضع لا يمكن له ان يستمر، فهو وضع قلق فيه الحرامي هو الحارس، والراعي قد اتفق مع الذئب، باستثناء بعض المرشحين من المغرر بهم، وهؤلاء ليسوا من أصحاب السوابق وستصادر أصواتهم ومن الممكن ان يفوزوا ويصبحوا شياطين كإخوانهم الشياطين الآخرين، فقد حكي ان شيطاناً سيطر على قرية من القرى وسكن في أعلى الجبل، وكان كلما تطوع احدهم للقضاء عليه والصعود له، طُلِب منه في مقطع الجبل الأول ان يتنازل عن بعض مبادئه، مثل النزاهة، فيقول أهم شيء اقضي على الشيطان والنزاهة غير مهمة في هذه المهمة، ثم يطلب منه في المقطع الثاني من الجبل ان يتنازل عن الصدق، فيفعل ويحتج بنفس الحجة، وهكذا حتى يصل الى الشيطان وهو لا يمتلك شيئاً من المبادىء فيصبح شيطاناً مثله، (وتغرك ماتغرك عد…….).