22 ديسمبر، 2024 7:27 م

تعليقا على مقال ” هل شارفت الرأسمالية على نهايتها ..؟؟

تعليقا على مقال ” هل شارفت الرأسمالية على نهايتها ..؟؟

نشر على أجزاء كان أخرها الجزء 13 مقالا للأستاذ سعيد رهنما تحت عنوان  ” هل شارفت الرأسمالية على نهايتها ” من ترجمة واعداد الدكتور عادل حبه. انه مجهود كبير وقيم بذله الدكتور حبه في ترجمة مقال بهذا الغنى المعرفي والشمولية التي تعود الى حقبة ماركس. لقد عرض المقال باسلوب شيق موضوع راهنية الثورة الاشتراكية ومفهوم ودور الطبقة العاملة وفئات شغيلة الفكر والخدمات في الثورة الاشتراكية القادمة. وتتضح أهمية مقال السيد رهنما في اتاحته الفرصة للمهتمين بالفكر الاشتراكي والتقدمي الاطلاع على التباين الواضح في المعتقدات ووجهات النظر داخل أوساط الاساتذة الأكادميين والكتاب المخضرمين حول امكانية الثورة الاشتراكية في ظل الظروف السياسية الحالية والقوى ذات المصلحة فيها والعقبات والمخاطر التي قد تواجهها من جانب الرجعية المحلية والامبريالية العالمية.
 لقد بذل الاستاذ سعيد رهنما مجهودا نادرا قبل كتابته مقاله هذا حيث قام بتنظيم حوارات طويلة وتفصيلية مع الاساتذة المعنيين المصنفين بكونهم من الماركسيين دارت حول عدد محدد من الاسئلة موضوع مقاله ناقشها مع جميع محاوريه الاثني عشر كلا على انفراد. وكانت مساهمته الفكرية كمثقف ماركسي واقعي قد أغنت البحث بآرائه الخاصة حول الموضوعات المثارة مما عزز من حججه دعما لأطروحاته المثيرة للجدل. لكن السيد رهنما الذي أسهب في تناوله للموضوعات المثارة في حواراته تجاهل بصورة كلية مناقشة الموضوع المركزي في مقاله وهو الاجابة على سؤاله ” هل شارفت الرأسمالية على نهايتها..؟؟  حيث لم يورد كلمة واحدة حول ما اذا شارفت الرأسمالية على نهايتها أم أنها باقية ما بقيت الحياة على الأرض..؟؟
 ملاحظتنا هذه لا تقلل من شأن مقاله المهم ولا تمنعنا كذلك من ابداء وجهة نظر نقدية لبعض الاستنتاجات التي وردت في اجزائه الثلاثة عشر والتي اتفقت وان لم تتطابق مع آراء محاوريه. بعض استنتاجات الكاتب قد خالفت اصول البحث العلمي في محاولته اضفاء الموضوعية على وجهة نظره الذاتية وخاصة عندما تعلق الأمر بموضوع قيادة ثورة أوكتوبر وتوقيتها وميزان القوى الطبقية الذي حدد مساراتها ابان حياة فلاديمير لينين وما بعده. وكذلك اطلاقه احكاما كحقائق ثابتة فيما يخص بناء الاشتراكية في اي بلد نافيا بصورة مطلقة قيامها بصرف النظرعن ملائمة الظروف الدولية ونضوج العوامل الداخلية. وتعميما للفائدة نذكر بأبرز ما أورده الكاتب من أحكام كحقائق قبل بدء ملاحظاتنا عليها وهي :
1-   لا يمكن بناء الاشتراكية في بلد واحد.

2-   على الرغم من التكاليف والتضحيات الجمة، فقد أصاب الفشل كلاً من الستراتيجيات الثورية والستراتيجيات الاصلاحية التي اتبعها الاشتراكيون في مختلف بقاع العالم. وغالباً ما اضطر هؤلاء إلى تغيير مسارهم صوب السير على طريق الرأسمالية. وان الاشتراكيين انفسهم من يتحمل وزر هذا الفشل.

3-   عندما يصل الشعب إلى نقطة يجد أنه من غير الممكن تحمل عبأ التناقضات قياساً بكلفة إنهائها، فسيتحرك صوب الثورة”. فبدون شك عندما لا يوحد أمامك أي خيار آخر سوى الثورة، فستندلع الثورة بالتأكيد. ولكن ولشديد الأسف، إننا لو تمعنا في كل الثورات السياسية فسنرى إن كلفة وضع نهاية مفاجئة للتناقض كانت أعلى كلفة من الحياة في ظل ذلك التناقض ولدينا الكثير من الأمثلة على ذلك.

4-    من الضروري على جيلنا والجيل القادم المؤمن بالمستقبل الاشتراكي عبوراً بالرأسمالية أن يسعوا إلى إيجاد المؤسسات الضرورية ويقوموا بتوسيع التحليل الماركسي في ميدان المؤسسات بهدف تحسين محدوديات المؤسسات الرأسمالية، سواء أكانت مؤسسات على شكل شركات أم مؤسسات تابعة للدولة أومؤسسات الطبقة العاملة والعاملين فيها الآن أو المؤسسات الجديدة التي تتكون في معمعان النضالات الثورية.

 5-   إن التأميم اصطلاح موحش تحملنا أعبائه،لإن الأصل في ذلك هو أن “المؤسسات المؤممة” تقع تحت اختيار القطاع العام والدولة الموجودة. ولكن الدولة والقطاع العام هما موجودان بيروقراطيان ، لأنهما رأسماليان. إن كل أهداف تغيير الدولة تقوم بالأساس على تشجيع اللامركزية والمبادرة وأمور من هذا القبيل. وان ما له الأولوية في الظروف الرأسمالية المعاصرة هو التغيير الهيكلي الذي يرتدي أهمية بالغة ويشمل تحويل المؤسسات المالية إلى القطاع العام.

  6-   يجب أن نعرّف القوى الداعمة للاشتراكية على الدوام ضمن إطار أوسع، حيث تشمل الطبقة العاملة بمفهومها الواسع والمتنوع جداً، ولا ينبغي أن نتصور فقط عمال الصناعة رغم إن هذا المفهوم هو الذي ساد في الأحزاب الاشتراكية التقليدية أحياناً. لقد كان من الخطأ التركيز المجرد على عمال الصناعة، الذين كانوا يشكلون أقلية على الدوام. إن كل المنتجات “غير المادية” التي نحصل عليها من وسائل الاتصالات اليوم (عن طريق شبكة مادية واسعة) هي سلع. لقد تحولت جميع الخدمات التعليمية والصحية إلى سلع. لذا فإن الأفراد الذين ينتجونها هم جزء من الكيان الذي يقدم الدعم لنا. فإن التفاوت يتراجع بين شغيلة الفكر وحتى عمال الخدمات مثل عمال النظافة، إضافة إلى عمال الانتاج الصناعي. إن كل ما نستطيع قوله هو أن هناك بشكل موضوعي فرصة كبيرة للعمل المشترك من أجل إحراز النصر على العلاقات الاجتماعية الرأسمالية.

 7-   أننا يجب أن لا نتهرب عن مسؤولية تحسين الرأسمالية في أي بلد بذريعة عدم توفر الظروف للاشتراكية. وما نحن بحاجة اليه هو الحاجة إلى آفاق طويلة الأمد للاشتراكية، وأن نتولى مسؤولية تحسين الرأسمالية.

 8-   عدم وضع الهدف الكبير للاشتراكية عرض الحائط، بل يجب أن نفكر في مواجهة التحديات الرأسمالية العالمية. وللأسف، وبما أننا أمام مسيرة طويلة في مرحلة الرأسمالية، فعلينا أن نخطط وننظم كي نستطيع أن نخطو خطوات باتجاه مرحلة ما بعد الرأسمالية.

9-   يحتل التحليل الدقيق للحالة الواقعية للطبقة العاملة أهمية خاصة. ان الثورات ليست مجرد حصيلة انتفاضة عفوية للشعب. فالثورة بحاجة إلى قيادة وتنظيم، و انه بدون إدراك مكانة الطبقة واستعدادها فلا يمكننا على الإطلاق إجراء أي تغيير.

10-                      لقد ذهب حزب الطليعة اللينيني بعيداً عن الواقع، ولم يستطع إدراك التناقضات في داخل الطبقة العاملة ولا التناقضات بين الطبقة العاملة والمكونات الطبقية الأخرى كالتباينات على أساس الجنس والقومية والمواقف المعقدة للبرجوازية وغيرها. إنه لم يستطع إدراك الجوهر المتناقض للقوى الفاعلة في المجتمع. ونظر البلاشفة إلى الواقع بشكل مبسط للغاية، واعتبروا أن للجميع مصالح مشتركة”.
 السيد سعيد رهنما وجميع محاوروه أكدوا بكل وضوح انه لا يمكن اقامة الاشتراكية في بلد واحد ولم يعطوا تفسيرا لهذا الحكم القاطع الذي ينفي بشكل مطلق احتمال نضوج الظروف الدولية لاندلاع ثورات اشتراكية. فهو أو محاوروه غير قادرين على نفي تطور احتجاجات الطبقات المسحوقة في بلدان رأسمالية تواجه أزمات اقتصادية غير قابلة للحل دون تغيير جذري يطيح بالطبقات الحاكمة ويضع الدولة على طريق التنمية الاشتراكية. التجربة الاشتراكية الروسية بكافة نجاحاتها واخفاقاتها غنية بالدروس للافادة منها لبناء الاشتراكية في البلدان التي تنتفض ضد حكوماتها والطبقات الحاكمة فيها. فهل توقع أحد انطلاق ثورة 14 تموز يوليو  الوطنية عام  1958 أو حركة الاحتجاجات في تونس التي انفجرت في 17 ديسمبر كانون أول عام 2010 التي أطاحت بنظام الديكتاتور بن علي ؟؟. وبالتأكيد لم يتوقع أحد حدوث ثورة اشتراكية في روسيا الدولة الأكثر تخلفا في أوربا وتنجح في اقامة نظام اقتصادي جديد برغم وقوف الدول الرأسمالية جميعها ضدها وتفرض هيبتها كقوة عظمى لولاها لما أمكن احباط الغزو النازي للوطن السوفييتي وأكثر دول أوربا.. ؟؟ يتبع في الجزء الثاني