الدكتور حارث محمد حسن باحث مجتهد وذكي وتعجبني كتاباته. قبل ايام ارسل لي صديق فيديو يحتوي على محاضرة
للدكتور حارث ويعقب عليها الدكتور حيدر سعيد وهو ايضاً رجل كفوء.
المحاضرة كانت بعنوان :
“من الهامش إلى المركز: تحولات العلاقة بين الدولة والمرجعية الدينية الشيعية في العراق”.
الفيديو يستغرق بحدود ساعة ونصف ولقد استمعت اليه بالكامل.
الذي لفت نظري ، هو الاسلوب الذي كان يصف فيه الدكتور حارث السلوك السياسي لتلك الأحزاب التي شاركت في العملية السياسية بعد العام ٢٠٠٣ حيث كان يتحدث عنها وهي تتصرف في منتهى الأناقة السياسية والتخطيط السياسي الحصيف وتقيّم علاقاتها مع مرجعية النجف ولاتعلن بعضها ولائها لمرجعية قم ( او مرجعية طهران كما اسماها الباحث) لكي تحافظ على انتمائها العراقي الخ…
استعرض المناورات العقلانية السلمية للحصول على ادوار اكبر في الحياة السياسية !!
لقد وجدت ذلك غير موضوعي وغير مكتمل الاركان لاننا شاهدنا كيف تتصارع تلك الأحزاب باستخدام ادوات المال والسلاح ووسائل الاعلام !!!
هذه حقائق كبرى والجميع يعرفها ،
كل حزب لديه جناح مسلح
كل حزب لديه مصادر تمويل كبيرة لايستطيع احد منعه من الحصول عليها.
كل حزب لديه صحافته ولديه محطات تلفزيونية
كل حزب لديه مايطلق عليه مراكز ابحاث تنطق باسمه وتبرر سياساته وتروج لاجنداته المختلفة.
معظم تلك الاحزاب لديها علاقات دولية خارج النطاق الحكومي الرسمي..
كل هذه الاحزاب تعلن عن اهداف تتقاطع احياناً مع الاهداف الرسمية للدولة.
الصورة البريئة لتلك الأحزاب التي حاول الدكتور حارث تقديمها هي ليست واقعية ولا اعتقد ان ذلك يعود الى جهل الباحث بالوقائع لأن الكل يعرفها ، ولكنها قد تكون نوعاً من المحاباة وتجنب الخلاف معها لاسباب لا اعرفها.
نحن نتحدث عن صراعات ومنافسات سياسية بين احزاب مختلفة ويجب ان نستعرض كل ادوات ذلك الصراع.
قد يرد الباحث بالقول انه كان يتحدث عن علاقتها بالمرجعية تحديداً ، لكنه ذكر بصراحة انها كانت تسعى لاكتساب الشرعية امام المجتمع من خلال اعلانها انها تسمع وتحترم توجيهات المرجعية !!
اي ان علاقتها بالمرجعية ليست ايمانية بالضرورة بل اداة من ادوات الصراع !!
اذن لماذا لاتقدم الصورة الكاملة عن ذلك الصراع؟؟
هل كانت تمتثل بالكامل لتوجيهات المرجعية في مختلف
شؤون الحياة ؟؟
وتلك الاحزاب طالما كانت سياسية وتدخل في ميدان التنافس السياسي فأنه ليس محرماً عليها او معيباً ان تستخدم الادوات المتاحة طالما كان الوضع الراهن يسمح لها بذلك . اذن لماذا التردد في قول كل شيء؟ هل هو خشية تلطيخ سمعتها ؟؟
انها ليست دور عبادة او مدارس للفقه ،بل هي احزاب سياسية ذات طابع او صبغة اسلامية.