23 ديسمبر، 2024 3:11 م

تعلم لتكون عراقيا …

تعلم لتكون عراقيا …

تعلم لتكون عراقياً ، اختزل في ماتشمه حدائق بساتين العراق ، من اول دمعة أم حتى شتل اخر فسيلة نخل في حديقة الزوراء ، احفظ كل تواريخ البوح فيه من اسطورة طوفان اوبونشتم وملحمة جلحامش وحتى سندات الطابو التي وزرعها رئيس الوزراء قبل امس الى فقراء الناصرية . أسمع بأصغاء محب وعاشق كل اغانيه من نغم قيثارة شبعاد حتى ونين داخل حسن ، وأحفظ قصائده من تدوينات ادامو الشاعر السومري وحتى قصائد خالد خشان الشاعر الشطري ، تناول فطور العراق ، روبة المشرح ولبن اربيل وقيمر السدة وباسطرمة الموصل ، وأذا اردت أن تشرب ، فأشرب من دجلة والفرات فهما اكثر عذوبة من أي ماء مصفى آتِ من دول جوار الاحزمة الناسفة ، حتى أن اردت ان تبكي ، فألأفلام الهندية لن تبكيك ، من يبكيك ذكرياتك مع اصدقاء واحباب ضحايا حروب العراق ، من يبكيكَ مقتل عبد الزهرة الكعبي وصوت الرادود وطن ، ومدائح تكيات الاعظمية وكستزانية كركوك وصوت الناي القادم من بحة حسن زيرك .

أختزل شخصكَ في التعريف بأنك الواحد في الجغرافية والوطن ( معيدي ، بدوي ، كردي ، مندائي ، أيزيدي ، مصلاوي ، بعقال مفتول من اهل الديوانية ، او بكشيدة كَيم ضريح أمام معصوم أو بعمامة سادن ضريح الأمام الأعظم . فالوطن عندما يتوحد في صاحبه ، أمراضنا كلها تشفى ، ويصير صباح الفلوجة صباح النعمانية ، وليل البعاج ليل الرميثة ، ونسيم شقلاوة ، نسيم بهرز …

وأذكر كما قال هيروديت في حنينه الوصول الى ميزابوتاميا : الرافدين الماء فيها شهد ولهذا تتناحر عليه السيوف الغربية .

وكما ترون من ايام كورش والاسكندر وحتى دبابات السيد جي كارنر العراق مبتلى بساحات الحروب وضحايا طموح الخليفة والمهيب ورفاق الدرب.

لهذا تعلم لتكون عراقيا ، واعلم ان الهاجس في غير حب العراق في القاموس الوطني لروح الانسان سيكون وبالا على وجود الامل وتهديم لذاكرة الاجيال والحضارة ، فلن يوحدنا خطاب عشائر ولا خريطة اقليم ، ولا افغاني تستورده الدولارات وخداع الجنة ليفجر نفسه في مسطر عمال في ساحة الطيران ، وحتى خطاب ساستنا في بعض مواقع غياب الوطن فيهم ، حين خدعوا الفقراء بالحبر البنفسجي وراحوا يبيعون فينا لنجات تصدير نفط وصفقات دشاديش مشكوكة واجهزة كشف مخدرات مغشوشة ومدن مثل الغزلاني لم تبنى ، وآخرون ينز منهم القلب قيحا في السُحت ، وكأنهم لم يعرفون أن الله عندما اراد لادم جنة اخرى للفضيلة والصلاة لم يختر له جنة غير العراق ، لكنهم لم يحترموا تلك القدسية فلوثوها بفساد الصفقات ، واليوم اغلب هذه الوجوه تريد ان تعود حالمة بكراسيها البرلمانية ، فيما ذات الممتلك لاربعِ فنادق في بيروت يحلم ليكون رئيس حكومة معتبرا انه يمتلك الحل السحري ولايمتلكه المالكي.

داعش تمزق فينا من خاصرة الانبار وهم لايرضوا أن يفكروا ليكونوا عراقيين ، لايرضوا ان يتعلموا ان الله والتاريخ وفقراء العراق هم قاعة المحكمة القادمة ، لايفقهوا معنى ان تعشق وطن وتكره منظمة ارهابية ، لايفقهوا سر أن تنزع عن جلدكَ طائفيتك وترتدي معطف وطنيتك ليكون وجهك ابيضا وليس مثار سخرية وفضح في القنوات الاعلامية .

تعلموا لتكونوا عراقيين مثل الجندي ومثل الشرطي ومثل صياد سمك البني وعامل الطين.

لاتنحروا كرامات ناخبيكم وتعتلون الطائرات تتوسلون نواب مجلس الشيوخ وامراء الخليج وبازارات شيراز وتوابل دلهي وزنوج الكونغو تنشرون مظلومية اهلكم في خداع بكاء التماسيح والناس تموت بمفخخات الكره والحسد والحقد الذي انتم صانعيه فقط لتبقى شركاتكم واصطبلات خيولكم وشقق النزهات البحرية في البسفور.

اخجلوا ,,,هذا العراق …وليس جارية من جواري ليل شارع الهرم .

هذا العراق ..الحسين الشهيد ، والمسلة البابلية وبساتين سوق الشيوخ ومرقد النبي يونس وجبال بنجوين ونخيل مندلي ومتصوفة بغداد وسبع الدجيل والقصر الجمهوري وليس عراق الشتم والذم والسُراق واعادة صنع تلك المقولة الشهيرة بالنهار جيش شعبي وبالليل عصاة … ليعيدوها اليوم بذات الرؤى في الانبار : بالنهار ناكل مع الدولة عيش ، وبالليل نقاتل الساعة ب100 دولار مع داعش.