قراءة في كتاب للشيخ د.أحمد عبد الغفور السامرائي
عند زيارتي إلى معرض بغداد، كنت أتجول في قاعات المعرض، فدخلت في إحدى تلك القاعات وكانت تعرض نتاجات الوقف السني العراقي، وتم إعطائي مجموعة من الكتب كهدية، منها كتاب”تعلم…. قبل أن تندم” لمؤلفه ” د.أحمد عبد الغفور السامرائي، ولكن ما أثار إستغرابي أن الكتاب لم يذكر دار النشر والطباعة للكتاب! لماذا!؟
لعل الأجابة على السؤال تأتي بعد إطلاعنا على محتوياته، فقد تطرق الكتاب ذو الطبعة الثالثة (حيث كانت طبعته الاولى سنة 2010م) إلى مناقشة موضوع مهم جداً “الجماعات الإسلامية التكفيرية”، وبما أن كل هذه الجماعات تتبنى المذهب السني، بات واضحاً جواب السؤال أعلاه.
تحرك المؤلف في كتابه على ظاهر الأمور، كما هي عادة المذهب السني في التعامل مع قراءة النصوص، ولذلك فهو من حيث يشعر أو لا يشعر، عزى تكوين هذه الجماعات للفهم الخاطئ للنص الديني، ولم يذكر أي تدخل خارجي لصناعة مثل هذه الجماعات، وأعتقد أن هذا تصريح خطير وغريب في نفس الوقت!
خطير لأنه يؤدي إلى أن جميع مباني المذهب السني خاطئة! وغريب لأنه صادر عن أحد مشايخ وأبناء المذهب السني! فهل هي الموضوعية التي أدت بالمؤلف إلى هذه النتائج!؟
أم لأن القضاء على الجماعات التكفيرية سيكون نهاية المذهب السني!؟ فتكون البراءة منها أولى!؟
سار الكاتب في كتابه لفضح الجماعات التكفيرية وأنها لا تمت إلى الإسلام بأي صلة، من خلال عرضه بعض القصص المعاصرة، التي رواها له بعض من جرت عليه، أو شاهدها أو سمعها من منفذيها، قصص تحكي ما قام به أفراد العصابات التكفيرية ومفتيهم، من قتل وإغتصاب وتعذيب وقطع للرؤوس، وكان(الكاتب) يوجه النصيحة للشباب عند نهاية كل قصة.
قام الكاتب بالتعليق على القصص، بعد نهاية كل قصة، ليوضح كيف أن مجرياتها والفتاوى، التي إستخدمت فيها، بعيدة عن الإسلام، من خلال ما يعرضهُ من آيات قرأنية أو أحاديث نبوية، تبين أن هذه الأحكام لا وجود لها في الإسلام، وأن هؤلاء هم خوارج هذا الزمان.
تحدث الكاتب أيضاً عن كونهِ حذّر من هذه الجماعات التكفيرية وإنتشارها، ولكن أحداً من علماء أهل السنة, لم يستمع إليه بل إتهم كثيراً منهم بأنهم كانوا يبررون لهم أفعالهم، وأن بعضاً من هؤلاء العلماء قد جاء إليه، معترفاً بصدق رؤيته وتحذيره، وأنه نادم على تأييدهم في فترةٍ ما.
ختم الكاتب كتابه بهذه الكلمات: ” انني على يقين انك ايها القارئ عشت في هذا الكتاب دقائق مؤلمة لحقبة مظلمة، خشع لها قلبك, وذرفت لها عينك, وضاق بها صدرك، وانا لا اريد أن أكدرك، لكني اريد ان انبهك، وان في قصصهم لعبرة، كلنا قادمون اليه تعالى فهنيئاً لمن نصح، وبالحق قال وصدح، فنال رضاه تعالى وافلح، والويل كل الويل لمن أوّل للمجرمين وسكت عن كشف أعمال الارهابيين، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، واذا عجز الناس ان يقولوا للظالم انك ظالم، فقد حل عليهم سخطه تعالى، فسخروا انفسكم وجندوا طاقاتكم، في محاربة هذا الفكر الضال، وابرئوا ذممكم امامه تعالى ولا املك الا ان اقول: اللهم اني بلغت اللهم فاشهد”.
صراحة القول أنه كتابُ يستحق النشر والقراءة، ولولا أني من أستلمه من الوقف السني، لشككتُ في نسبته إلى كاتبه، وطباعته من الوقف السني!