22 نوفمبر، 2024 2:01 م
Search
Close this search box.

تعقيب على ايضاح وزارة النفط حول طبيعة عقودها الجديدة

تعقيب على ايضاح وزارة النفط حول طبيعة عقودها الجديدة

اصدرت وزارة النفط بتاريخ 28 كانون الثاني 2022 “ايضاح حول طبيعة عقود (توتال، حقل المنصورية الغازي، حقل عكاز الغازي)”، ويمكن الاطلاع على نص الايضاح في موقع وزارة النفط.

اطلعت على “الايضاح” بكل امعان وقراته باهتمام وقمت بتحليل مضامينه في ضوء الشواهد والوقائع والبيانات التي سأذكرها في هذه المداخلة.

الخلاصة التي توصلت اليها في مداخلتي هذه:

– ان عقود المشاركة في الارباح التي تبنتها وزارة النفط في احالة حقل ارطاوي النفطي الى شركة توتال الفرنسية واحالة حقل المنصورية الغازي الى شركة سينوبك الصينية يتعارض مع مبدئين اساسيين في الدستور؛

– ان الحسابات التي قدمها المدير العام السابق لدائرة العقود والتراخيص في وزارة النفط عن تطبيق معادلة عقود المشاركة في الارباح لجولة التراخيص الخامسة تشير بوضوح الى زيادة نسبة دخل الشركات الاجنبية وانخفاض نسبة دخل العراق كلما ازدادت اسعار النفط عن 22 دولار للبرميل؛ وهذا دليل لا يقبل الشك ان تلك العقود تعمل لصالح الشركات الاجنبية على حساب مصلحة العراق؛

– لم تكن وزارة النفط ولا دوائرها المعنية شفافة مطلقا حيث انها لم تقم بنشر، لغاية تاريخه، اية وثيقة او مسودة لعقود المشاركة في الارباح كي يتاح للمعنيين والمختصين الاطلاع على ما تتضمنه تلك العقود وتقييمها لمعرفة مدى تعارضها او توافقها ومصلحة العراق.

بحكم عملي وتخصصي، انا اتابع ما ينشر في الموقع الالكتروني لوزارة النفط اسبوعيا، ان لم يكن يوميا، ولسنوات عديدة حرصا مني على توثيق وتحديث قاعدة المعلومات التي اعتمد عليها في دراساتي وابحاثي وخدماتي المهنية الاستشارية.

احاول في هذه المداخلة تناول ما ورد في “الايضاح” اعلاه ومن جوانب عديدة وكما يلي.

اولا؛ ورد في الايضاح ما يلي ” ولأهمية إيضاح طبيعة ومحتوى هذه الاتفاقيات والعقود للرأي العام والمهتمين مرة أخرى، على الرغم من نشرها من قبل وزارة النفط والتصريح بها في أكثر من مناسبة، فضلاً عن وجودها في الموقع الرسمي للوزارة “.

أأكد جازما ان ما ورد في النص اعلاه غير صحيح مطلقا للأسباب والشواهد التالية:

لم يُذكر في الايضاح ذاته مطلقا أي شيء عن التفاصيل الاساسية والضرورية التي توضح “طبيعة ومحتوي هذه الاتفاقيات والعقود”؛ كل ما ذكر في الايضاح هو مجرد عناوين، توصيفات، عموميات، عبارات رغبوية لا غير؛
لا توجد “في الموقع الرسمي للوزارة” ولا في مواقع “الدوائر المعنية في مركز الوزارة” اية تفاصيل على الاطلاق، باستثناء بيانات الاخبار العامة التي يصدرها، مشكورا، المكتب الاعلامي للوزارة والتي تظهر عادة في نافذة “الرئيسية- اخر الاخبار” في موقع الوزارة او ترسل بالبريد الالكتروني.
فمثلا؛ لا يوجد في موقع دائرة العقود والتراخيص، وهي الدائرة المعنية بهذه العقود، سوى صورة قائمة بعنوان “مهام وواجبات دائرة العقود والتراخيص البترولية”، ولا توجد أي تفاصيل عن تلك المهام البالغ عددها 21 مهمة ولا عن كيفية الوصول والاطلاع عليها!! كذلك لا وجود للبريد الالكتروني لهذه الدائرة ولا تلفون ولا حتى “اتصل بنا” ولا.. ولا!!! ونفس الامر ينطبق على بقية المديريات العامة في ديوان الوزارة مثل دائرة الدراسات والتخطيط والمتابعة، والدائرة الفنية، ودائرة المكامن وتطوير الحقول. اما الدائرة القانونية فلا وجود لها في الموقع الالكتروني للوزارة؛ فاين ذهبت هذه الدائرة المهمة!!

لا اعلم سبب عدم توفر اية بيانات ومعلومات في مواقع تلك المديريات العامة؛ هل هو لأسباب فنية تقنية ام لإجراءات تنفيذا لتوجهات رسمية. المحصلة النهائية هي عدم وجود أي معلومات او بيانات مهمة وذات مغزى؛

عند مقارنة ما هو موجود حاليا/اليوم في موقع دائرة العقود والتراخيص بما كان موجودا قبل عشر سنوات من تفاصيل وبيانات واعلانات مواعيد ووثائق ونسخ من العقود المعيارية وبريد الكتروني للتواصل وغيرها، يتضح حجم الانحسار الرهيب في مستوى الشفافية في عمل الدائرة المذكورة؛
ولكن الامر ليس بالجديد فقد سبق لي ان تناولته بالتفصيل ولأكثر من مرة حيث بدء انحسار الشفافية والتعتيم على البيانات وتفاصيل العقود منذ ان استوزر جبار لعيبي ولغاية تاريخه. ومن يقارن مثلا تفاصيل ارشيف وبيانات انتاج النفط والغاز واستخدامها داخليا بين ثلاثة اشهر قبل إستيزار الوزير جبار لعيبي وبعد ثلاثة اشهر يتضح حجم التعتيم القاتم التي فرضها ذلك الوزير على تفاصيل البيانات والاحصائيات وغيرها؛
ومما يدعو الى الحيرة والاستغراب ان وزير النفط – بحكم منصبه- هو رئيس مجلس امناء “مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية” في العراق، ويضم المجلس العديد من المدراء العامين للشركات التابعة للوزارة؛ أي يترتب على كل من الوزير والوزارة والمبادرة المذكورة التزامات دولية عليهم الايفاء بها، فما يجري ومنذ سنوات يتعارض بالمطلق مع تلك الالتزامات!!
ثانيا؛ حقل المنصورية الغازي

اكتظ الايضاح بالعبارات والتوصيفات عن “الهدف والغاية والاهمية” لهذا الحقل؛ وهذا لا خلاف عليه مطلقا لأن كل مشروع يفترض ان يكون له هدف وغاية وأهمية، ولكن المهم هو والعبرة هي في تنفيذ المشروع بكلفة وكفاءة وتوقيت كي يحقق الاهداف المتوقعة منه. كذلك لا يوجد عندي اعتراض، تقنيا، على الشركة الصينية لأنها شركة مرموقة ومعروفة دوليا، ولكن يجب التنويه بانها مدرجة في القائمة السوداء بسبب عقودها مع حكومة اقليم كردستان وقد استبعدت فعليا من ائتلاف حقل الزبير في جولة التراخيص الاولى لذلك السبب. ومع ذلك فان الايضاح يثير التساؤلات والملاحظات التالية:

‎يذكر الايضاح ان ائتلاف شركات ” تباو التركية، كويت انيريجي، كوكاز الكورية” قد فازت بتطوير هذا الحقل خلال جولة التراخيص الثالثة وقد تعذر على الشركات المباشرة بعمليات التطوير، بسبب الاوضاع الامنية التي شهدتها المحافظة عام 2014.”
ولكن المعلومات تشير الى حفر اربعة ابار لغاية شهر نيسان 2013 وقبل تدهور الاوضاع الامنية، وبعد استقرار الاوضاع الامنية طلبت الشركات، في عام 2018، اعادة النظر باجور الخدمة (والذي كان تعاقديا 7 دولار للبرميل المكافئ) وبسقف استرداد الكلفة الراسمالية. رفضت الوزارة ذلك الطلب وتم بعد ذلك انهاء العقد.

لم يذكر الايضاح هذه الامور ولا كيفية معالجة مستحقات ائتلاف الشركات وحجمها وما يرتبط بها من جوانب قانونية تعاقدية لما انجزته من نشاطات قبل انهاء العقد. كما لم يبين الايضاح لماذا تم تخفيض مستوى انتاج الذروة من 320 مقمق في عقد الخدمة الملغى الى 300 مقمق في العقد الجديد!!

في ضوء ذلك على وزارة النفط ان تقدم مقارنة اقتصادية (رقمية وليست عبارات وصفية) توضح حصة الشركة (او الائتلاف) تحت عقد الخدمة الاصلي وتحت طلب الائتلاف في عام 2018 الذي تم رفضه وتحت عقد المشاركة في الارباح الجديد مع شركة ساينوبك الصينية؛ ايهما افضل لمصلحة العراق؟؟

يؤكد الايضاح على “تطوير حقل المنصورية الغازي بالجهد الوطني”. فكيف يكون التطوير بالجهد الوطني في حين تكون الشركة الصينية شريك في الارباح وبنسب محددة ولفترة زمنية قد تزيد على 25 سنة. الامر غاية في الارباك وعدم الوضوح مما يتطلب عرض صيغة العقد لمعرفة مكوناته وشروطه وضوابطه وهل يصح اعتبار التطوير بالجهد الوطني ام ان هذا ادعاء للتعتيم والتضليل.
فيما يتعلق بعملية المنافسة والاحالة لم يذكر الايضاح: (1) متى تم نشر وتوزيع “وثيقة المناقصة النهائية ” ولماذا لم تنشر الوثيقة على الموقع الرسمي للوزارة؛ (2) عدد واسماء الشركات التي شاركت فعليا بالمنافسة يوم 20 ابريل/نيسان 2021؛ (3) جدول بالعروض التي قدمتها الشركات المشاركة في المنافسة وما هي ماهية مؤشر “العطاء الأوطأ “؛ (4) هل قامت الوزارة بالتحديد مسبقا القيمة القصوى لمؤشر المفاضلة/العطاء وهل كان للوزير “ظرف احمر” يحتوي ذلك العطاء كما جرت عليه الحال في جولات التراخيص الاربعة الاولى ام ان الامر تم كما جرت عليه جولة التراخيص الخامسة المشبوهة (التي لازال موضوع اجرائها قيد التحقيق من قبل هيأة النزاهة) حيث فازت شركة الهلال الاماراتية بعقدين وشركة صينية غير معروفة بعقد واحد بفارق سنت واحد فقط في عروضها مقارنة بالحد الاقصى الذي حددته وزارة جبار لعيبي!!!!!!!؛
تم تنفيذ فعالية التنافس بتاريخ 20/4/2021 ولكن تم التوقيع على العقد الاولي بتاريخ 20/1/2022؛ فما هو سبب كل هذا التاخير ومبرر توقيت التوقيع من قبل حكومة تصريف اعمال في هذا الوقت الحرج!!!
اشار الايضاح الى “اعتماد العقد المعياري لجولة الحقول الحدودية (الجولة الخامسة) وفق مبدأ المشاركة بالربح”؛ سأتناول لاحقا كيف ان عقد جولة التراخيص الخامسة يتعارض مع الدستور ويتنافى مع ممارسة الوزارة في الجولات الاربع السابقة ويفضل مصالح الشركات الاجنبية على حساب المصلحة العراقية.
ثالثا؛ عقود شركة توتال الفرنسية

افرط الايضاح بإطلاق مختلف التوصيفات اللغوية البراقة والمبالغ بها لأهمية الاتفاقية مع الشركة والمشاريع الاربعة التي تضمنتها دون ان يقدم الحسابات الاقتصادية الاساسية لتلك الاتفاقية ولم تعرض الشروط المالية والقانونية والتعاقدية الخاصة بها ولم يتم نشر مسودة العقود الحاكمة لتلك المشاريع كل على حدة ولم يتم نشر مسودة الاتفاقية ذاتها.

سبق لي ان تناولت بالتفصيل هذه الاتفاقية في متابعتين قبل وبعد رد شركة نفط البصرة التي لم تجب على الاسئلة والاشكالات الاساسية والالتزامات السيادية المتعلقة بهذه الاتفاقية؛ وعليه لا اجد حاجة الى اعادة ما ذكرت سابقا ولكنني أأكد على الخطأ الجسيم في اعتماد عقد المشاركة في الارباح لحقل نفطي منتج ويدار بالجهد الوطني وهو حقل ارطاوي.

 

رابعا؛ عقد المشاركة بالأرباح

يروج ايضاح وزارة النفط الى عقد المشاركة بالارباح الذي اعتمد في جولة التراخيص الخامسة الفاشلة دون ان يقدم الايضاح اي دليل على ما ورد فيه من ادعاءات. بالمقابل هناك العديد من المؤشرات والبيانات التي توضح مساوئ عقود المشاركة في الارباح من النواحي التحليلية والتعاقدية والقانونية والشواهد المادية ومدى تعارض هكذا عقد مع الدستور العراقي وانه يخدم مصالح الشركات الاجنبية على حساب المصلحة العراقية.

عقد المشاركة في الارباح ما هو إلا الجانب النقدي (بصيغة الربح بالدولار) لعقد المشاركة في الانتاج (بصيغة كمية النفط بالبرميل)؛ فلو نظرنا الى هيكلية ومفاهيم ومصطلحات وطريقة التوزيع.. الخ في كل من عقد المشاركة في الارباح و عقد المشاركة في الانتاج لوجدنا بانها متماثلة تماما باستثناء مصطلحي “الارباح” و”الانتاج”. ففي كلا العقدين هناك مفهوم الريع (رويالتي Royalty) وبعد استقطاع نسبة الريع من مجمل الانتاج حسب عقود المشاركة في الانتاج نجد مفهوم “نفط الكلفة” وهو كمية /نسبة النفط الذي يخصص لتغطية الكلفة ( الراسمالية والتشغيلية) ومفهوم “نفط الربح” وهو كمية/نسبة النفط الذي يمثل الربح والذي يوزع بين الشركات النفطية والحكومة حسب ما ورد في عقد المشاركة في الانتاج. ونفس الامر موجود في عقد المشاركة في الارباح؛ فبعد استبعاد /استقطاع الريع (بالدولار) وتغطية الكلفة (بالدولار) من اجمالي العوائد يتم توزيع المبلغ المتبقي، اي الربح بالدولار، بين الشركات الاجنبية والحكومة حسب النسب الواردة في عقد المشاركة في الارباح.
القاسم المشترك بين العقدين هو كمية النفط المنتج في عقد المشاركة في الانتاج وكمية النفط المنتج وسعره (اي اجمالي العوائد) في عقد المشاركة في الارباح. ولهذا يمثل كل عقد الوجه الاخر للعقد ذاته.

من الناحية القانونية والممارسات الدولية يشكل عقد المشاركة في الانتاج حقا في ملكية الحقل وهذا مثبت في العديد من قرارات التحكيم الدولية وكذلك في ممارسات ما يطلق علية “حجز الاحتياطي Book reserve ” الذي يدخل ضمن حسابات رصيد الشركات النفطية؛ اي ان عقد المشاركة في الارباح هو الاخر يشكل حقا للشركة الاجنبية في ملكية الحقل المعني.
وهذا يعني وبوضوح ان عقد المشاركة في الارباح يخالف مبدا ملكية الشعب العراقي للنفط والغاز الذي اكد عليه الدستور العراقي ويخالف جميع ممارسات وزارة النفط في جولات التراخيص الاربعة الأولى ويشكل سابقة خطيرة لتحويل عقود الخدمة الى عقود مشاركة في الانتاج ويبرر شرعنة عقود كردستان.

من الناحية الاقتصادي يعطي عقد المشاركة في الارباح المعتمد في جولة التراخيص الخامسة الفاشلة افضلية للشركات النفطية على حساب المصلحة العراقية في جانبين: الاول؛ بسبب المعادلة المعتمدة في عقد تلك الجولة فان الزيادة في اسعار النفط تزيد من ربح الشركة الاجنبية على حساب حصة الحكومة العراقية. فحسب البيانات والحسابات التوضيحية التي قدمها المدير العام السابق لدائرة العقود والتراخيص في وزارة النفط (وهو بنظري من اكثر منتسبي الوزارة إلماما بكل تفاصيل وبيانات العقود، وعملا بقاعدة “شهد شاهد من اهلها” فإنني اجد ما طرحة دليل مادي مهم للغاية على الرغم من تباين وجهات نظرنا ولسنوات عديدة) فان نسبة دخل الحكومة ونسبة دخل الشركة الأجنبية تكون بواقع 83.5% و16.5% على التوالي من الايراد الافتراضي عند سعر 22 دولار للبرميل (وهو السعر الذي يبدو انه اعتمد في العقد المذكور) لتصبح 81.6 % و 18.4% على التوالي عند سعر 90 دولار للبرميل. ( وهنا لابد من القول ان لدي تحفظات جدية على منهجية ودقة حسابات التطبيق الافتراضي لمعادلة عقد جولة التراخيص الخامسة التي وردت في كتاب الاخ عبد المهدي العميدي الذي صدر حديثا والذي قمت باستعراضه مع كتاب د. حسين الشهرستاني)
اما الجانب الثاني فيوضح حجم الضرر الاقتصادي لعقد المشاركة في الارباح مقارنة بعقد الخدمة الذي اعتمد في جولتي التراخيص الاولى والثانية وحسب ما يلي:

اذا كانت نسبة دخل الشركة الاجنبية الصافية بحدها الادنى البالغ 16.5% في الحسابات الافتراضية اعلاه لعقد الجولة الخامسة فإنها بلغت فعليا 1.09% فقط في عقود الخدمة لغاية نهاية عام 2019 و حسب بيانات وحسابات المدير العام السابق لدائرة العقود والتراخيص في وزارة النفط؛ اي ان الحصة الافتراضية للشركات الاجنبية حسب عقود المشاركة في الارباح تعادل اكثر من 15 ضعف حصتها حسب عقود الخدمة، فكيف ستكون هذه النسبة تحت العقود الموقعة مع شركتي توتال وساينوبك عند تنفيذ هذه العقود؟؟؟ على وزارة النفط تقديم حساباتها ومعادلاتها وارقامها، وليس الاكتفاء بالبيانات الصحفية وعباراتها المتكررة البراقة.
بموجب عقود الخدمة لجولات التراخيص الاربعة الاولى تعود جميع العوائد الناجمة عن زيادة اسعار النفط الى حصة الحكومة العراقية في حين، كما ذكر اعلاه، تزداد حصة الشركة الاجنبية كلما ازدادت اسعار النفط في عقود المشاركة بالارباح.
وبما ان الكلفة الراسمالية لتطوير الحقل تصل حدها الاعلى باكتمال التطوير وبلوغ انتاج الذروة المتعاقد عليه، ثم تبدء فترة استرداد ما تبقى من تلك الكلفة؛ وهذا يؤدي الى تغيير مخرجات معادلة توزيع الربح في عقد المشاركة في الارباح. بالمقابل تحصل الحكومة على كامل العوائد المترتبة بعد ان يتم تسديد الكلفة الراسمالية حسب عقود الخدمة ويبقى تحمل الكلفة التشغيلية والصيانة فقط.
وهذا يعني وبوضوح ان عقد المشاركة في الارباح يخالف مبدا اعلى مصلحة للشعب العراقي الذي اكد عليه الدستور العراقي اضافة الى مخالفته لمبدأ ملكية النفط والغاز، كما ذكر اعلاه.

ومن ناحية الشواهد المادية الاحصائية اجد من الضروري تسليط الضوء على مدى واقعية وضرورة وفائدة اعتماد سعر النفط المعتمد في عقد جولة التراخيص الخامسة بين 22 دولار و50 دولار للبرميل. في ضوء احصائيات شركة سومو لتسويق النفط الشهرية التي تم مراجعتها منذ شهر آب 2008 ولغاية كانون ثاني 2022 لم ينخفض المعدل الشهري لأسعار تصدير النفط العراقي الى اقل من 22 دولار إلا في شهري نيسان ومايس عام 2020 فقط، بسبب جائحة كورونا التي اثرت على جميع دول العالم. فهل من المعقول والمنطقي فنيا واقتصاديا وتعاقديا ان يتم اعتماد هذا السعر المنخفض في عقد مشاركة في الارباح تزيد مدته على عشرين عاما؟؟ كما وان احتمالية تكرر ومواجهة هذا السعر منخفضة للغاية بحدود 1.2% (على اساس عدد اشهر بيانات اسعار التصدير بين شهر آب 2008 ولغاية كانون ثاني 2022). يضاف الى ذلك ان معدل سعر التصدير خلال طيلة تلك الفترة قد بلغ 69.74 دولار للبرميل؛ وهذا المعدل يزيد بواقع 19.74 دولار عن السقف السعريPrice cap المعتمد في عقد المشاركة في الارباح. بالمقابل كان عدد الاشهر التي تجاوز فيها سعر سومو حاجز 100 دولار للبرميل 41 شهرا من مجموع 163 شهرا خلال نفس الفترة.
وعليه اجد من المهم التاكيد على ان منطق الامور والمؤشرات الاحصائية يدلل على ارتفاع الاتجاه العام لمعدلات اسعار النفط رغم تذبذبها.

وفي الختام اود التاكيد على:

ان عقد المشاركة في الارباح يخالف الدستور وعليه لا يجب اعتماده في أي عقد يتعلق بتطوير الحقول النفطية و الغازية؛
ان احالة حقل ارطاوي الذي يدار بالجهد الوطني المباشر الى شركة توتال الفرنسية بموجب عقد مشاركة في الارباح يعتبر خطأً جسيماً سيكلف العراق غاليا من عدة جوانب، اضافة الى تعارضه مع الدستور؛
على وزارة النفط الالتزام بالشفافية الكاملة وذلك بعرض كافة مسودات عقود المشاركة في الارباح التي وقعتها، بشكل اولي، او تنوي توقيعها مستقبلا؛ منطق الامور يشير الى ان انعدام الشفافية يعني هناك شيء ما تم اخفاءه؛
اناشد الحكومة الجديدة ومجلس النواب الجديد الى عدم السير في كافة عقود المشاركة في الارباح التي وقعتها وزارة النفط لحين مراجعتها وتقييمها بعد نشرها بكل شفافية؛
سبق لي ان عالجت وبالتفصيل جميع ما يتعلق بالمواضيع اعلاه وانني على استعداد لتزويد نسخ من مساهماتي التي قدمتها حول المواضيع لمن يريد الاطلاع على مزيد من التفاصيل.
ارجو نشر وتعميم هذه المداخلة لتوسيع الاطلاع على مجريات القطاع النفطي ولزيادة المساهمة في تصحيح ما قد تبرز فيه من انحرافات خدمة لمصلحة العراق.

مع كل الود والتقدير

Sent from Mail for Windows

 

Virus-free. www.avg.com

أحدث المقالات