منذ زمن ليس بالقصير استخدمت العديد من أساليب التعطيل المعروفة لجزء مهم من جوانب فكرية لمجتمع وكثيرا ما كان يقع اللوم على موءثرات خارجية، ولكننا للأسف كنّا نغفل او نتجاهل دورنا السلبي في تكريس هذا التعطيل والذي كان أعمق وأكثر ايلاما من الموءثر الخارجي. تجتمع احيانا مجموعة عوامل مسببة للتعطيل ولكن قلما كانت الأسباب الداخلية هي الأكثر فعالية والتي تغني بل وتكون اكثر فاعلية من الدور الخارجي وكما يحصل في مجتمعنا العراقي ، الذي اصبح يتفنن بتفوق بتعطيل تفكير المجتمع بالتجهيل المنظم للجيل الجديد وإيقاف اي فرصة لتطوير الجيل الحالي بوسائل اقل ماتوصف بأنها مبرمجة ومقصودة . مالذي يمكن تبريره لتمرير قانون العطل الرسمية المفرطة (١٥٠ يوم سنويا للموظفين) والتي تخفض الإنتاجية لما دون ال٣٠٪ فضلا عن عطل المناسبات شبه الدينية من صلاحيات المحافظات اضافة للحالات الطارئة (ظروف أمنية وجوية)، ويضاف لها العطلة المدرسية الصيفية فتكون (٢٤٠ يوم سنويا للطلاب والتدريسيين) !! بعد هكذا تعطيل منظم هل يمكننا الحديث عن تحسين اقتصاد او مستوى علمي ، وهل لنا الحق ان نطالب بمعادلة درجاتنا العلمية باقرانها من الجامعات . الانسان هو اهم بنية تحتية لكل بلد لانه بالمعرفة والسلم يمكنه اعادة البناء ، صحيح تماما ان النظام السابق أنتهك كرامة المجتمع ودمر الاقتصاد بحروب فوضوية وهجر وتسبب بمقتل الآلاف لإشباع غروره ، ولكن عند انهيار النظام في ٢٠٠٣ كان لايزال هناك بنية بشرية وبقدرات علمية واقتصادية بامكانها البدء ببناء عراق مسالم متآخي بعيد عن عدوانية ماسبق وإعادة حقوق المظلومين . لكن للمواطن المخلص إرادة وللمحتل وادواته إرادة واهداف تختلف . هذه الأيام يتباكى الكثير من مقتسمي الكعكة على تعطيل البرلمان ويعتبرون انه يتسبب بتعطيل الإصلاحات المزعومة ، ويركزون على اتلاف اثاث البرلمان والاعتداء على بعض أعضاءه بالرغم من مساويء هذا التصرف لكنه يجب ان لايرقى ليكون الهم الاول لهم ، كان الاولى بدعاة الدين والوطنية الالتفات للعشرات من قوانين تعمدوا تأجيلها والتسويف بإقرارها خدمة لمصالح حزبية وفئوية ضيقة ، فضلا عن سعيهم الجاد لاقرار مايصب بمصالحهم واهمال مصالح الغالبية التي أوصلتهم ومكنتهم من التسلط . أليس الاولى ان نبكي جميعا على برامج تعطيل عقول الشباب وخصوصا الطلاب (بالعطل المفرطة ، والبطالة الحقيقية والمقنعة ، ومنافذ الإفساد السلوكي ، وتحويل البلد لطارد لأبناءه ، وتعميق الاحباط ، وان لا جدوى للتعليم لانه لافرص للتوظيف ، واضعاف الحس الوطني بتغليب الطائفية ) ، ان درجة الاحباط المرتفعة لدى الشباب عموما والطلاب خصوصا لها ما يبررها وهذه هي نتيجة أولية فالقادم لن يكون أفضل على الأقل لل١٠ سنوات القادمة للسببين الاقتصادي والامني ، انه ليس تشاؤما بل واقع حال لابد من ادراك اسبابه عسى ان نجد من يسعى لإيقاف هذا التدهور . ان المتصدين لمناصب التشريع والتنفيذ يتحملون الوزر الاول لما آلت اليه الأمور ، اما التشبث بالمناصب وإعاقة عجلة التغيير لاعتقادهم ان الامتيازات ما هي الاجزء من حقوقهم المشروعة لتأمين استمرار أكلهم السحت ، ان الوهم الذي يسوقونه عن جهادية مزعومة وتعرضهم للاضطهاد على يد النظام السابق لم تعد تلقى القبول لكونهم تسببوا باضطهاد مجتمعي كامل ( لان من يتعرض للظلم والإجحاف لن يظلم احد غير الذي ظلمه ، خصوصا دعاة الدين الذين هم أولى بإحقاق الحق ) ، هذا الظلم الجماعي حقيقته تنفيذ لمخطط خارجي وأدوات محلية لقتل بطيء للمجتمع ، بإفراغه من قدرته البشرية والاقتصادية . من الاولى النظر لمستقبل الشباب والطلاب والتوقف قليلا لما ستؤول له الأوضاع لو استمر هذا التدهور، لأننا بحاجة للشباب ولسنا بحاجة لبرلمان كسيح تسبب بايقاف التطور فهو الأولى بالتعطيل .