3 ديسمبر، 2024 8:17 م
Search
Close this search box.

تعديل قانون الأحوال الشخصية…أهلاً بكم في العراق

تعديل قانون الأحوال الشخصية…أهلاً بكم في العراق

إنشغل العراقيون أو أشغلوهم بمقترح مثير للجدل يقضي بتعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق، القانون المرقم 188 الذي شُرّع سنة 1959 أبان حكم الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ويعتبر من أفضل قوانين الأحوال الشخصية على مستوى الشرق الأوسط لأنه يخدم المصلحة الشخصية للمواطن العراقي بما ينفع الأسرة العراقية ويقوّي تماسكها.

أدخل هذا القانون العراقيين في صراع أُكتسِب صبغة  طائفية وكأن هذا البلد تنقصه الأزمات و”البلاوي” المتراكمة سياسياً وإقتصادياً وحتى إجتماعياً لتثار قضية تتنافس في تبريرها النُخب السياسية فيما إذا كان القانون العراقي يُجيز زواج “الطفلة” ذات التسعة أعوام أم لا؟ وهل يصبح العراق مثل قندهار؟.

يسأل الكثيرون عن إقرار مثل هذا القانون في هذا التوقيت والغاية منه إن كان سيعيد سيادة العراق المفقودة أو يوقف تدخل دول الجوار في شأنه الداخلي أو يساهم في إيقاف نزيف الفساد ويُسرّع بإخراج المحتل من أراضيه.

يوماً بعد يوم يؤكد الواقع السياسي في العراق إن نُخبه الحاكمة تعيش في وادٍ بينما يعيش الشعب العراقي المنهوب والمقهور في وادٍ آخر.

لم تجد النُخب الحاكمة أي مشكلة تواجه المجتمع العراقي بعد أن حلّت جميع مشاكله من القضاء على البطالة ومكافحة المخدرات وخلو المجتمع من حالات الإنتحار والطلاق التي بدأت تتكاثر، والسرقة والعنف الأسري وقتل جماعي يمارسه أفراد ضد عوائلهم بسبب سلطة الإسلام السياسي التي حطّت على العراق بعد عام2003.

إنتهت كل مشاكل العراق من إنتهاك للسيادة وفساد طاغٍ بات يُزكم الإنوف وتفصيخ البلد وبيعه بالتقسيط، وإرتفاع سعر صرف الدولار الذي بات يُرهق كاهل العائلة العراقية، لم يبق سوى من يؤيد زواج القاصرات وبين من يعتبر ذلك سوقاً للجواري يُراد إرجاع العراق لولاية الفقيه.

تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي يريد نواب المكون الشيعي إقراره مقابل قانون العفو العام الذي يطالب به المكون السني وتلك هي الصفقة التي يُراد تمريرها.

أكاد أُجزم أن هؤلاء لم يراجعوا إتفاقية حقوق الأطفال التي تفرض على العراق إلتزامات دولية واجبة التنفيذ، كُتبت في ديباجة الإتفاقية “أن الطفل بسبب عدم نضجه البدني والعقلي يحتاج إلى إجراءات وقائية ورعاية خاصة بما في ذلك حماية قانونية مناسبة” فأين العراق من تلك الإتفاقية التي تمنع أي تعرض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته.

مرة أخرى يبرهن الواقع الإجتماعي والسياسي إن المنظومة السياسية العراقية تتكون من نُخب مشتتة ينظر كل منهم إلى الآخر بعين الإرتياب والإهتمام بمصالحه الضيقة، بالمحصلة فإن هذه النُخب تتحمل تهاوي أركان الدولة وتجعلها تتآكل في نهاية المطاف.

لا تضامن سياسي أو إجتماعي وحتى تآلف وطني لأنها تعيش أعلى حالات الإغتصاب والوحشية حيال خيرات العراق المادية والبشرية، يجمعهم الارتياب المتبادل واللصوصية والتخوين وتفرقهم المصالح والغايات والمنافع.

هؤلاء النُخب المتناحرة لا يمكن أن يجمعهم إتفاق وطني يخدم البلد، فهذه المهمة الصعبة بالنسبة لهم هي أكبر من أهدافهم المتربصة بثروات البلاد والعباد.

قانون الأحوال الشخصية الذي إتفق عليه علماء الشريعة والفقه ورجال القانون وسارت عليه المحاكم العراقية، تتعالى الأصوات لتغييره وربما يميل الإعتقاد إلى إن الصراخ كان مجرد زوبعة وضجة لإحداث فوضى وإرباك غايتها تمرير قوانين وإتفاقات مشبوهة من تحت الطاولة.

في الوقت الذي تنتظر المنطقة شرارة قد تندلع في أي لحظة لتعلن حرباً شاملة، ينشغل هؤلاء بقانون الأحوال الشخصية الذي إنقسم عليه العراقيون بين مؤيد ورافض وتحت عناوين طائفية يُعزف على أوتارها كلما ضاقت بهم الأحوال.

الغرابة ما صرّحت به مفوضية حقوق الإنسان في العراق “أن حالات الطلاق بلغت في الشهر الماضي 62 حالة طلاق في الساعة الواحدة” لأسباب متعددة بينها الزواج المبكر والأوضاع الإقتصادية والإجتماعية الصعبة التي يعانيها الزوجان.

الخاتمة إن هذا القانون سيكون صعب الولوج في التطبيق لأنهم ببساطة سيجدون فكرة أخرى أو قانوناً جديداً لإشغال العراقيين عن معاناتهم المستمرة في بلد إسمه العراق.

أحدث المقالات