23 ديسمبر، 2024 6:24 ص

تعديلُ قانون التقاعد يبعثُ الأمل لحملة الشهادات

تعديلُ قانون التقاعد يبعثُ الأمل لحملة الشهادات

أنهى مجلس النواب الثلاثاء الماضي قراءة مشروع قانون تعديل قانون التقاعد رقم (9) لسنة 2014، محدداً السن القانوني للتقاعد في جميع دوائر الدولة ومؤسساتها بـ(60) عاماً، في خطوة تندرج ضمن سلسلة الاصلاحات العاجلة التي يسعى البرلمان لإقرارها خلال الفترة الحالية بعد تسلم عدة مقترحات وقرارات من الحكومة العراقية.
هذا الحدث كان الابرز واخذ حيزاً واسعاً في الشارع العراقي الذي اجمع غالبيته على تأييده كونه يعالج مشكلة كبيرة الا وهي البطالة خاصة في صفوف الشباب وتحديدا حملة الشهادات الجامعية. و بحسب برلمانين فإن القانون سيكون الاسرع اقراراً في قادم الايام كونه قانوناً واسعاً يمس واقع حياة العراقيين وسيعمل على تنظيم التوظيف الحكومي فيما بعد معتمداً على الفئات الشابة في ادارة الدولة.
القانون استثنى بعض فئات المجتمع ومنهم حملة الالقاب العلمية ( استاذ و استاذ مساعد ) فقط من الاساتذة الجامعيين ، والاطباء المشمولين بقانون دعم الاطباء والقضاة العاملين في السلطة القضائية. وبالنظر الى فئة الاساتذة الجامعيين الحاملين للقبين المذكورين نرى انه ابقى على التعديل الاخير وهو 63 سنة الذي قرره مجلس الوزراء لهم كسن قانوني للتقاعد بعد ان كان في السنوات السابقة 65 سنة.
والقرار الاخير الخاص بتقليل السن القانوني للتدريسيين الجامعيين الى 63 سنة لحاملي اللقبين المذكورين فقط ؛ فيه انصاف لهم حيث سيتم منحهم استحقاقاتهم التقاعدية دون التعرض لها ، وفيه انصاف لشريحة كبيرة وواسعة اخرى وهم حملة الشهادات العليا العاطلين عن العمل الذي ينتظرون بفارغ الصبر قراراً ينصفهم من اجل ممارسة اختصاصاتهم العلمية في الكليات والمعاهد وهذا الامر صعب دون خطوة تقليل سن التقاعد للملاكات التدريسية.
وكان لتعديل قانون تقاعد الملاكات التدريسية ردود فعل ايجابية ومؤيدة من العديد من الاساتذة الجامعيين الذين رأوا فيه فرصة طيبة للشباب من جهة و إلى منحه حقوقهم التقاعدية التي يستحقونها اكراماً لما قدموه من سنوات خدمة في المؤسسات التعليمية المختلفة من جهة اخرى.
ولربما يتساءل بعضهم ويقول لماذا بعض الدول الاوربية فيها السن القانوني لتقاعد الاستاذ الجامعي يصل الى 67 سنة كما في المانيا وفرنسا بينما في العراق خفَّضَ مجلسُ النواب السنَ التقاعدي لهذه الشريحة،.. هذا الامر صحيح والسبب هو عدم وجود مشكلة البطالة بين صفوف حملة الشهادات العليا في تلك الدول كما هو الحال في العراق، لذلك هذه الخطوة بالرغم من انها لم تأتِ الا بعد تظاهرات واسعة في عموم البلاد، إلّا أنها افضل من أن لا تأتي، فأعداد حملة الشهادات العليا كبيرة وتتزايد بسبب اقبال الشباب على استحصال المنح و الزمالات التي تطلقها بين الحين والاخر وزارة التعليم العالي والدراسة في الخارج اضافة الى توسع الدراسات العليا داخل العراق.
وبالنظر بدقة للواقع سنرى أن الكثير من مؤسسات وزارة التعليم العالي تعاني فائضاً في الملاكات الادارية والتدريسية في الاختصاصات كافة، لذلك وجهت الوزارة جامعاتها و كلياتها مؤخراً بعدم منح اجازة دراسية لإكمال الدراسات العليا للمنتسبين والتدريسيين إلا في الاختصاصات العلمية النادرة مع مراعاة عدم وجود فائض في القسم المعني، مما يدل على ان هذه المؤسسات لا تعاني نقصاً في ملاكاتها ولكنها تحتاج الى تطوير قابلياتها .
اذاً المشكلةُ ليست مالية وانما تخطيطية، وهذا ما ادركته الحكومة الان وبدات بوضع حل بالاتجاه الصحيح وهو تعديل قانون التقاعد لتستفيد منه طاقات علمية معطلة ولتحل بدلا عن اخرى، وبذلك تكون المؤسسات التعليمية اكتسبت شباباً قادرين على الابداع العلمي والعطاء وهو المعمول به في العديد من دول العالم المتطور. وقبل هذه الخطوة كانت هناك دعوات كثيرة لاستيعاب هذه الفئة خاصة وانهم اصبحوا يعيشون بين الطموح والواقع الاليم، ووصل بهم الامر الى حد اليأس من وجود فرصة في المكان المناسب،.. لذا على الحكومة الاسراع في تطبيق القانون بعد نشره في الجريدة الرسمية ليكون نقطة انطلاق نحو غد افضل في المؤسسات التعليمية بقيادات شابة تؤمن بخدمة العراق واهله.